ألقى محاضرة بعنوان الولاء كقيمة قيادية في كلية القيادة والأركان

السديس: الولاء ليس مجرد عاطفة.. والمواطنة الحقة شراكة في الحياة والمصير

الأربعاء ١٧ يناير ٢٠٢٤ الساعة ٧:٠١ مساءً
السديس: الولاء ليس مجرد عاطفة.. والمواطنة الحقة شراكة في الحياة والمصير
المواطن - فريق التحرير

أكد معالي رئيس الشؤون الدِّينية بالمسجد الحرام والمسجد النَّبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، أنَّ الولاء والانتماء إلى الوطن ليس مُجرَّدَ عاطِفَة غامرة أو مشاعر جيَّاشة فحسب، بل هو مع ذلك إحساسٌ بالمسؤولية وقيام بالواجبات.

وأكد أن المواطنة الحقة شَرَاكةٌ بين أبناءِ الوطن في الحياة والمصير والتحدِّيات، وفي المقدَّرات والمكتسباتِ والمُنْجَزَات، وفي الحُقُوقِ والوَاجِبَات، وذلك من خلال الرؤى المستقبلية، والخطط الاستراتيجية، والاستثمارات الحضارية، والمنشآت الرقمية التقنية، إلى غير ذلك من الفاعلية الإيجابية، والإسهامات الإنتاجية التي تحفِّز على التنمية القائمة على استثمار التقنية، والتحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، لمواكبة عصر الثورة التقنية من خلال التنمية المستدامة، والمواكبة العلمية للتطور الحضاري العالمي.

الولاء ليس مجرد عاطفة

وعرف رئيس الشؤون الدينية؛ الولاء للوطن في محاضرة ألقاها في كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة بالرياض، بعنوان: “الولاء قيمة قيادية” بأنه المشاعرُ الإيجابية بالمحبَّة والنصرة له، والإحساسُ بالمسؤولية تجاهه، مع القيام بالواجبات والتنمية لمقدَّراته.

وتابع قائلًا: “إن المتأمل في تأريخ الأمم والمجتمعات وأحوالِ الشعوب والحضارات، يجد أنها لم تكن لتقدّم حضاراتها للعالم إلا من خلال بلاد وكيانات نمَت وترعرعت فيها تلك المُثُل والمبادئ، وأرضٍ وديار انطلقت منها تلك القيم والثوابت، إذ لا قيمة للمرء فضلًا عن حضارة إلا بوطن يؤويه وبلاد تحتويه، ولذلك فقد جُبلَت النفوس السليمة على حب بلادها واستقرت الفطرُ المستقيمة على الن‍زوع إلى ديارها.

نعمة الأمن والأمان

وأردف قائلًا: “إن الله تعالى امتنَّ على بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية بالحرمين الشريفين وبنعمة الأمن والأمان، وأنتم ترون الناس من حولكم وما يعيشونه من خوف واضطراب في مختلف البقاع والأصقاع، ونحن في بلاد الحرمين الشريفين ننعم بالأمن والأمان والإيمان، نعتز بديننا ونفخر بقيمنا”.

وأوضح قائلًا: “إن من أهم ثمار الولاء وحب الأوطان: الوحدة واللُّحمة ولزوم الجماعة، وحسنَ السمع للإمام والطاعة في غير معصية، في وسطية واعتدال، فلا غلو ولا تطرف، ولا جفاء ولا انحلال، في وحدة متألِّقة تتسامى عن الفُرْقَةِ والانقسامات، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59]، وورد في الصحيح: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحبَّ وكَرِه، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أُمِرَ بمعصية فلا سمع ولا طاعة»، وقال صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حُمِّلُوا وعليكم ما حُمِّلتم».

المكان الأعلى والموطن الأسمى

وخاطب منسوبي الكلية قائلًا: ” تتفاوت البلدان والأوطان شرفًا ومكانة، وعلوًا وحرمةً ومجدًا وتأريخًا، وتأتي المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين، في المكان الأعلى والموطن الأسمى، مهبط الوحي وموئل العقيدة ومأرز الإيمان وحرم الإسلام، ومحط أنظار المسلمين في جميع الأمصار والأقطار، ومهوى أفئدة الحجاج والزوار والعُمَّار، فيها الكعبة المعظمة، وفيها مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه الروضة المطهرة. بلادٌ في ظلال الشرع وادعة، وفي رياض الأمن وارفة، فهي خصائص لم تجتمع لغيرها على وجه المعمورة.

وتحدث عن أهمية الولاء باعتباره قيمة قيادية؛ قائلًا: ” إن الولاء هو رابط الواجب والثقة، وهو غير قابل للكسر، يربط الشعب والقيادات والجنود ببلدهم ووحدتهم؛ لأنه قيمة أساسية متأصِّلة بعمقٍ في الثقافة عامة، مؤكدًا أن أهمية الولاء كقيمة قيادية تظهر في جملةٍ من الأسباب؛ منها الوحدة: الولاء يعزز الشعور بالوحدة بين الجميع. والثقة كون الولاء ضروري أيضًا لبناء الثقة بين الجميع. الى جانب الانضباط باعتبار أن الولاء هو عنصر أساسي في الانضباط بالواجبات والقيام بالمسؤوليات والتضحية حيث يعدُّ الولاء أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة لتقديم التضحية القصوى من أجل الوطن والهوية حيث إنَّ الولاء للقيادة يعتبر جزءًا أساسيًا من هوية الأفراد والجنود، فالولاء يمنحهم إحساسًا بالهدف والانتماء، ويساعدهم على الشعور بأنهم جزء من شيء أعظم منهم. والفخر: الأفراد والجنود المخلصون لبلدهم ووحدتهم يفخرون كثيرًا بخدمتهم.

وفي ختام المحاضرة أزجى رئيس الشؤون الدينية الشكر الغامر والثناء العاطر لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -، ولسمو ولي عهده الأمين يحفظهما الله؛ والشكر موصول لسمو أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل؛ ولسمو أمير منطقة المدينة المنورة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز –ونائبيهما الكريمين، على ما يبذلونه ويقدِّمونه في رعاية الحرمين الشـريفين وقاصديهما، إعمارًا وتطويرًا وترجمة، وصيانة وعناية وتوسعةً، وعلى ما تلقاه الهيئة العامة ورئاسة الشؤون الدينية ومنسوبوهما من جميل العناية وفائق المتابعة.