مكتبة المسجد النبوي.. صرح علمي يعزّز حضور العربية في يومها العالمي
كأس العرب.. “فيفا” يعلن تقاسم السعودية والإمارات المركز الثالث رسميًا
الأمم المتحدة: انتهاكات في مخيم زمزم بدارفور ترقى لجرائم حرب
انطلاق فعاليات مهرجان شتاء طنطورة بمحافظة العُلا
السعودية: نتبنى دورًا محوريًا في تحسين أوضاع المهاجرين واللاجئين وتقديم الدعم الإنساني والإغاثي
ضبط 1652 مركبة مخالفة متوقفة في أماكن ذوي الإعاقة
الذهب يرتفع قرب ذروة قياسية
المغرب يفوز على الأردن ويتوج بـ كأس العرب 2025
تحطم طائرة أثناء هبوطها بمطار في نورث كارولينا شرق أمريكا
المغرب والأردن في نهائي كأس العرب.. التعادل 2-2 والاتجاه للأشواط الإضافية
تحدّث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم عن مكانة القرآن الكريم، مشيرًا إلى فضله، وفضائله، وإعجازه، وشموله لأمور الدنيا والآخرة، فيه صلاح العبد، وفلاحُه، ونجاته، فهو أصدق الكتُب، وأكملها، وقد تكفّل الله بحفظه إلى يوم القيامة.
وأوضح الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم، أن الله تبارك وتعالى خلق الخلق، وأمرهم بعبادته، وبعث إليهم رُسُله رحمة بهم، وأنزل مع كل واحدٍ منهم كِتابًا لكمال الحُجّة والبيان، قال سبحانه: “كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بالحق”، فقد خصّ الله سبحانه القرآن الكريم من بين سائر الكتب بالتفضيل، إذ جُمعت فيه محاسن ما قبله، وزاده من الكمالات ما ليس في غيره، فكان شاهدًا وأمينًا وحاكمًا عليها كلها، فكلُّ كتابٍ يشهدُ القرآن بِصِدقه، فهو كتاب الله، قال تعالى : “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ”.
وأضاف إمام وخطيب المسجد النبوي، أنه لم يُنزّل من السماء كتابٌ أهدى من القرآن الكريم، فهو أحسنِ الأحاديث المُنزلة من عند الله، قال الله تعالى: “اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَبًا مُتَشَبِهَا مَثَانِي”، وقد مَنَّ الله على رسوله به، فقال: “وَلَقَدْ ءَاتَيْنَكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَانَ الْعَظِيمَ”، وهو شَرَفٌ لِمَنِ اتَّبَعَهُ وعَمِلَ به من هذه الأمة، قال سبحانه: “لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرَكُمْ”.
وذكر أن الله تبارك وتعالى وصف القرآن الكريم بأنه مجيدٌ، وكريمٍ، وعزيزٌ، وتحدّى الخلق بأن يأتوا بمثلِه، أو بمِثْلِ عَشْرِ سُورٍ منه، أو بمثل سورة منه، فصاحته وبلاغته ونظمه وأسلوبه أمرٌ عجيبٍ، بديع خارق للعادة، أعجزت الفصحاء والبلغاء معارضته، فإنَّه ليس من جنس الشِّعْر، ولا الخطابة ولا الرسائل، ولا نَظْمُه نَظْمُ شيءٍ من كلام النَّاسِ عَرَبهم وعَجَمِهم، آياته جمعت بين الجزالة، والسلاسة، والقوة، والعذوبة، سمِعه فُصحاء العرب وبُلغاؤهم، وأرباب البيان فيهم فأقرّوا بتفرّده.
وبين أنه مع إعجاز القرآن الكريم فإن الله تعالى سهّل على الخلق تِلاوته، ويسّر معناه، فقال سبحانه: “وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ”، كما أن الإعجاز في معنى القرآن الكريم أعظمُ وأكثرُ من الإعجاز في لفظه، إذ هو قولٌ فصلٌ، مُشتملٌ على قواعد الدين، والدنيا، والآخرة، ففيه العقائد، والأحكام والتشريعات، والأخلاق، والقَصص، والأخبار، والمواعظ، وأُسُس السعادة والفلاح، آياته مُحكمة الألفاظ، مُفصَّلة المعاني، فكلامُ الرحمن جلّ جلاله، عظيمٌ لا تفنى عجائبه، ولا يُحاط بمُعجزاته مِما في آياته وسوره، فآياته تزيدُ في الإيمان، ولتلاوته أجرٌ بعدد الحروف بل مضاعفة، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا” (رواه الترمذي).
وقال إمام وخطيب المسجد النبوي في بيان مكانة القرآن الكريم: إن أهل الكتاب القائمون بمُقتضاه، يفرحون بالقرآن، لِما في كُتُبهم من الشواهد على صِدقه، والبِشارة به، قال تعالى: “وَالَّذِينَ اتَيْنَهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ”، فهو كتابٌ مُعجزٌ، جَعَله الله سبحانه آيةً على صِدْقٍ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، لا يزولُ بموته، بل هو باقٍ إلى يوم القيامة.
وقال فضيلته: إنه لِعلوّ القرآن أعلى الله أهله إلى المراتب العالية، والمنازل الرفيعة، وعَظَّم حُرْمَتَهم، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُحِبُّ القُرّاء ويأتمنهم، ويحزنُ لِموتهم، وقَنَتَ على من قتلهم شهرًا، ولم يقنت على أحد زمنًا طويلًا إلا على من اعتدى عليهم، كما سار الخُلفاء الراشدون على توقير أهل القرآن وإجلالهم، ومعرفة قدرهم، وقد تكفّل الله بِحفظِ هذه المُعجزة، فلا تُحرّف ولا تزول، مستشهدًا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا، وَقَالَ: وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَاباً لَا يَغْسِلُهُ الماء” (رواه مسلم).
وأوضح فضيلته أن الله لم يُنزل كتابًا من السماء فيما أَنْزَلَ من الكتب المُتعددة على أنبيائه، أكملَ ولا أَشْمَلَ ولا أَفْصَحَ وَلا أَعْظَمَ ولا أشرف من القرآن، وهو من فضْلِ الله ورحمته على العباد، من فرح به وبالإسلام فقد فرح بأعظم مفروحٍ به، وهما خَيْرٌ مِمَّا يُجْمَعُ مِنْ حُطَامِ الدُّنيا، وأموالها وكنوزها، قال تعالى: “قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ”، فالسَّعِيدُ مَنْ صَرَف هِمته إلى تعلّم القرآن وتعليمه، والموفَّقُ مَنْ اصطفاهُ اللهُ لِتعظيمِه، وتعظيم أهله، والتذكير به.
وختم فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الخطبة داعيًا إلى مُلازمة تلاوة كتاب الله تعالى، وتدبّر معانيه، مُذكرًا أن من أراد الهداية فعليه بالقرآن، ومن أراد الانتفاع به فليجمع قلبه عند تلاوته وسماعه، ويستشعر كلام الله إليه، فإنه خطابٌ منه للعبيد على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وليس شيءٌ أنفعُ للعبد في معاشه ومعاده، وأقربُ إلى نجاته من تلاوة القرآن، مضيفًا أن من تدبَّر القرآن طالبًا منه الهدى، تبيّن له طريق الحق.