بعد نظرة ” فيتش” .. الإصلاحات الاقتصادية السعودية تُعيد الثقة الوطنية والعالمية‎

الأربعاء ٢٢ مارس ٢٠١٧ الساعة ١١:٢٨ مساءً
بعد نظرة ” فيتش” ..  الإصلاحات الاقتصادية السعودية تُعيد الثقة الوطنية والعالمية‎

على خطى وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني، أعلنت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، عن ترقية نظرتها المستقبلية لاقتصاد المملكة العربية السعودية، من سلبية إلى مستقرة، مؤكّدة أنَّ التخفيض الأخير في التقييم السيادي اعتمد على تحليل كمي ومؤشرات رقمية.

إيرادات تفوق التوقّعات:

ويثبت هذا التوالي في تغيير النظرة إلى البنوك والاقتصاد السعودي، أنَّ ركائز الخطّة الحكومية قويّة، التي بدأ تنفيذها منذ الإعلان عن رؤية المملكة 2030، وبرنامج التحوّل الوطني 2020، بغية تخفيف الاعتماد في الدرجة الأولى على أسعار النفط، في بناء الموازنة الداخلية، وهو الأمر الذي تمكّنت الحكومة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إذ أنَّ إيرادات 2016 المقدرة فاقت التوقعات، مسجلة 528 مليار ريال، وكان نصيب القطاع غير النفطي منها 199 مليار ريال، ما عادل 38% من إجمالي الإيرادات.

آفاق مستقبلية مشرقة:

وتُقدّر أصول النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد العربي السعودي بنحو 84% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثالث أكبر نسبة من حيث الناتج المحلي الإجمالي عالميًا، في حين تعيش دول كبرى في حالة ترنّح مستمرّة منذ الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة، التي لم تنته أثارها الارتدادية منذ العام 2008.

وتجاوزت الأصول الحكومية السعودية العامة، الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 100%، بما يؤكّد أنَّ الحكومة عزّزت من قدرات التمويل من خلال الاستفادة الناجحة من أسواق الدين الخارجية، التي اعتمدتها للمرة الأولى، فضلاً عن فتح أسواق رأس المال المحلية أمام المستثمرين الأجانب.

تحسين كفاءة الإنفاق:

واستطاع الاقتصاد السعودي التأقلم مع تقلبات أسعار النفط، عبر اعتماد أسعار نفط متوازنة وأكثر استدامة. كما أحرزت الحكومة تقدمًا كبيرًا في مجال تحسين كفاءة الإنفاق، من خلال الترشيد وضبط السياسات.

ويساهم تحفيز التنويع الاقتصادي، في تقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، فضلاً عن تقوية آليات الحوكمة، وإضفاء الطابع المؤسسي على الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز الشفافية، في إنجاح الخطّة التي وضعت لبناء المستقبل السعودي.

سوق موازية جديدة:

وفي إطار تحقيق الاستفادة الأكبر من أسواق رأس المال، دشّنت المملكة السوق الموازي “نمو”، الذي تمكّن عند إطلاقه من التفوّق على أسواق إقليمية، وشكّل حافزًا لدى الشركات للإدراج فيه، فيما تُواصل هيئة السوق المالية العمل على إتمام متطلبات الانتقال إلى السوق الناشئة.

وتيرة الانكماش تتراجع:

وتباطأت وتيرة انكماش الأسعار في السعودية إلى -0.1% على أساس سنوي، في شباط/فبراير الماضي، بالمقارنة مع -0.4% في كانون الثاني/يناير الماضي، كما تراجعت أسعار المأكولات والمشروبات، 3.4% مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي، وذلك نتيجة قوة الدولار.

العالم من حولنا:

وفي حين تستقر النظرة المستقبلية لاقتصاد المملكة، نرى وكالات التصنيف الائتماني العالمية، تخفض نظرتها لاقتصادات قريبة، ومنها تركيا. كما تراجعت مؤشرات سوق “نيكاي” للأسهم، متأثرة ببيانات الفائدة والوظائف الأميركية، وذلك جاء أيضًا بالتزامن مع بيانات الأجور البريطانية الضعيفة، التي هوت بالجنيه الإسترليني.

طرح أرامكو:

وتترقب الأوساط الاقتصادية والتجارية في مختلف أنحاء العالم، الطرح العام الأولي العملاق، الذي تعتزم شركة “أرامكو السعودية” إجراءه لبيع ما نسبته 5% من أسهمها، ومن ثم إدراج أسهم الشركة للتداول في الأسواق، في الوقت الذي تسود فيه التوقعات بأن يُحدث هذا التحول الكبير في القطاع النفطي السعودي طفرة في أسواق الأسهم، وفي الأصول النفطية، وطريقة التعامل معها في كل دول الخليج، وليس فقط في المملكة.

ويأتي طرح 5% من أسهم “أرامكو” للبيع، في سياق تنفيذ “رؤية السعودية 2030″، التي تبناها مجلس الوزراء السعودي في شهر نيسان/ أبريل من العام الماضي، والتي تتضمن جملة من الإجراءات التي ستؤدي إلى تقليل اعتماد الاقتصاد السعودي على النفط، بما يُجنب المملكة والأجيال المقبلة مستقبلاً أي تقلبات في الأسعار.

صندوق استثماري كوني:

ويؤدّي إدراج الشركة في الأسواق، إلى نشوء أكبر صندوق للاستثمارات السيادية في الكون، إذ يتوقع أن يزيد حجمه على ترليوني دولار أميركي، فضلاً عن أن شركة “أرامكو” ستصبح أضخم شركة مدرجة في الأسواق بالعالم، وستتفوق في حجمها على عملاق التكنولوجيا الأميركي “أبل”، التي تزيد قيمتها السوقية عن 700 مليار دولار.

نظرة “موديز” إلى النظام المصرفي السعودي:

يذكر أنَّ وكالة “موديز”، قد رفعت نظرتها المستقبلية للنظام المصرفي السعودي من سلبي إلى مستقر، مبيّنة أنّه “على الرغم من انخفاض أسعار النفط، التي نتوقع بأن تتحرك ما بين 40 و60 دولاراً للبرميل على مدى 18 شهرًا مقبلة، وخفض إنتاج النفط، فإن الاقتصاد السعودي سوف يتعافى تدريجيًا بدعم من الإنفاق الحكومي. ونتيجة لذلك، سوف تتحسن ظروف السيولة والتمويل لدى البنوك السعودية”.

وأوضحت أنَّ البيئة التشغيلية للبنوك السعودية سوف تتعافى، مرجّحة انكماش النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -0.2٪ خلال عام 2017، مبرزة أنَّ “الزيادة في الإنفاق الحكومي والمشاريع لتنويع الناتج الاقتصادي سوف يدعم التعافي التدريجي للاقتصاد غير النفطي، والذي سوف ينمو بنسبة 2٪ خلال عام 2017 مقارنة مع نسبة 0.2٪ في عام 2016. ونتيجة لذلك، تتوقع وكالة Moody’s أن يبقى نمو الائتمان منخفضًا بنسبة 3٪ خلال عام 2017، ولكنه سيرتفع تدريجيًا ما بعد عام 2018”.

ورجّحت “موديز”، ارتفاع القروض المتعثرة من المستوى المنخفض من 1.4٪ في سبتمبر 2016 ليصل خلال الفترة التي تغطيها النظرة المستقبلية إلى 2.5٪ من إجمالي القروض، مؤكّدة أنَّ “البنوك ستتمكن من المحافظة على الأداء التشغيلي الثابت، إلا أن النمو المنخفض للقروض وارتفاع رسوم المخصصات وانخفاض الرسوم والعمولات سوف تؤثر على الأرباح. وسيخف الأثر بشكل جزئي نتيجة هوامش الربح المستقرة، وتكاليف التشغيل المنخفضة وتراجع الضغوط على تكاليف التمويل”.