محمد بن سلمان أمير المرحلة وقائد عالميّ بجدارة .. خطاب للعقل السعودي ورسالة للغرب

الجمعة ٢٤ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ٧:٤٨ مساءً
محمد بن سلمان أمير المرحلة وقائد عالميّ بجدارة .. خطاب للعقل السعودي ورسالة للغرب

يستحوذ على الألباب كلّما أطلَّ علينا بتصريح، مرئي كان أو مكتوب، ليس لأنّه قريب من القلب وحسب، ولكن لأنّه يخاطب العقول ويحترم ما يجول فيها، وفي الوقت نفسه هو على يقين من أحلامه وطموحاته للمملكة العربية السعودية، كيف لا وهو الأمير الشاب القوي، الذي يواجه تحدّيات الداخل والخارج بحزم وعزم، ودراية بكل ما في الأمور من أبعاد تاريخية وتحدّيات راهنة.

ويقود أميرنا الشاب، أحلام وآمال جموع الشعب السعودي، إلى وطن يستحوذ فيه الإنسان على الاهتمام الأكبر. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بدأ مهمّته منذ وقت مبكر، إلا أنَّ احدًا لم يفهم ما يجول في ذهنه من التصرّفات الصغيرة التي كانت ترصد دونما توضيح، ولذلك تقرأ “المواطن” اليوم، حوار الأمير محمد مع الكاتب الشهير توماس فريدمان، من المنظور المحلّي، وارتباطه بأحداث الوطن والمنطقة.

أريد رؤية أحلامي تتحقق في حياتي:

منذ تولّيه إدارة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهو يشمّر عن ساعديه، خالعًا بشته، قاضيًا معظم أوقاته في دراسة وحساب كل ما يمكن أن يعيد للمواطن كل حقوقه، في اقتصاد متّزن لا يعتمد على النفط وحده كركيزة أساس في موارد الدخل.

الجميع حينها اعتقد أنَّ للشباب هنا عامل كبير في خلع بشت الأمير، والعمل جنبًا إلى جنب مع الوزراء للنهوض بالوطن، إلا أنَّ الحقيقة، أنَّ طموح الشباب عند الأمير محمد بن سلمان أمل يجب أن يتحقق إلى واقع تجني ثماره الأجيال الموجودة اليوم في السعودية، وليس فقط أبناء المستقبل.

ويكشف الحوار لنا هنا، أنَّ الأمير محمد بن سلمان، تمكّن من تخطّي بيروقراطية الكبار، عبر متابعة إنجاز مخططاته للوطن بنفسه، فهو لا يخطط وحسب، وإنما يدير التنفيذ أيضًا لتلك الخطط، وعادات العمل الخاصة به، التي ذكّرت الكاتب فريدمان بجملة وردت في مسرحية “هاملتون”، عندما تتساءل الجوقة قائلة: لماذا يعمل دومًا كأن “الوقت يُداهمه”، هنا أوضح محمد بن سلمان قائلاً: “لأنني أخشى أنه في يوم وفاتي، سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني”.

وأكّد أميرنا الشاب أنَّ “الحياة قصيرة جدًا، وقد تحدث الكثير من الأمور، كما أنني حريص جدًا على مشاهدة أحلامي تتحقق بأم عيني، ولهذا السبب أنا في عجلة من أمري”، وهذه ليست مجرد رسالة وأمنية، إنما هي منهج حياة، لكل من يريد أن يكون يومه ثمرة نجاحه.

هتلر الجديد يواجه الإصرار على وأد مساعي التطرف والإرهاب:

حزم الأمير محمد بن سلمان وعزمه، ليسا مقتصران على حدود المملكة العربية السعودية، فهو يدرك تمامًا أنَّ إنقاذ الشرق الأوسط من براثن نظام الملالي، هو إنقاذ للسعودية والعالم أجمع من التطرف والإرهاب، والقتل والتدمير وتهديد الاقتصاد الدولي.

ومن التصدي لذراع طهران في اليمن، إلى مقاطعة قطر، وإنهاء اختطاف لبنان، نجد الرسالة واضحة لا تغيير فيها، مشروع الخميني لتصدير ثورته المزعومة، الذي ينفّذه خامنئي لن يجد سبيلاً إلى النور، إذ أكّد ولي العهد أنَّ “المرشد الأعلى (الإيراني)، هو هتلرٌ جديد في منطقة الشرق الأوسط، غير أننا تعلمنا من أوروبا أنَّ الاسترضاء في مثل هذه الحالة لن ينجح. ولا نريد أن يُكرر هتلر الجديد في إيران ما حدث في أوروبا، (هنا) في الشرق الأوسط”، مشدّدًا على أنَّ “كل شيء تفعله السعودية محليًا يهدف لبناء قوتها واقتصادها”.

هذه العبارة تبيّن لنا، كيف يقرأ الأمير محمد بن سلمان، سياسة نظام الملالي في المنطقة، والتي تقوم على الإبادة، والتغيير الديموغرافي للمدن والدول العربية، منذ اختطاف ثورة الطلبة في العام 1979 على الشاه الإيراني، وتحويل مسارها إلى ثورة “إسلامية” كما زعموا آنذاك، وهم يسعون إلى تنفيذ مخططهم، واختطاف الإسلام إلى المذهب الاثنا عشري، وإبادة السنة المسلمين.

ومن هنا يتكشف تفسير إيجاد التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، والتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ودعم المملكة العربية السعودية لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في استقالته الرامية لإنهاء اختطاف لبنان من طرف ميليشيات حزب الله الإرهابية، المدعومة من طرف إيران، فضلاً عن مبادرة إعادة الإسلام إلى أصوله الأكثر انفتاحًا واعتدالًا، والذي تم تحريفهُ في عام 1979. وهذا هو، ما وصفه الأمير محمد بن سلمان في المؤتمر العالمي للاستثمار والذي عُقد مؤخرًا هُنا في الرياض على أنهُ “إسلام معتدل ومتوازن، ينفتح بدوره للعالم وللديانات الأُخرى ولجميع التقاليد والشُعوب”.

إعادة الإسلام إلى أصوله وليس إعادة تفسيره:

العام 1979م، الذي شهد أحداثًا تاريخية ثلاث، غيّرت مسار المنطقة بأكملها، ألا وهي استيلاء المُتطرفين ذوي الأفكار المُتزمتة على المسجد الحرام في مكة المكرمة، والثورة الخمينية في إيران، والغزو السوفيتي لأفغانستان؛ حينها اختطف المتشدّدون المجتمع السعودي إلى تزّمتهم، ومن خلال شن مُنافسةٍ عالمية ضد آيات الله الإيرانيين، الذين يمكن لهم أن يُصدروا المزيد من الأصول الإسلامية. ولم يُساعد قيام الولايات المتحدة بمحاولة استغلال هذا الاتجاه من خلال استخدام مصطلح المُقاتلين الإسلاميين ضد روسيا في أفغانستان. وباختصار، أدّت تلك الحقبة إلى تطرف الإسلام عالميًا، وساعدت في وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

وينفّذ الأمير محمد بن سلمان، مهمة إعادة الإسلام السعودي إلى الاعتدال.

وعلى النقيض من أي زعيمٍ سعودي قد سبقه، فإن الأمير محمد واجه المتشددين أيديولوجيًا، باستخدام لغة مختلفة، حيث إنه يقول “سوف ندمر التطرف”، دون مواربة، أو تنازل عن الهدف المنشود.

الخليفة عمر كان مسلمًا فمن يرفض إسلامنا اليوم؟

وهو الأمر الذي جدّد الأمير محمد بن سلمان تأكيده، بقوله خلال حوار فريدمان: “لا نقول إننا نعمل على إعادة تفسير الإسلام، بل نحن نعمل على إعادة الإسلام لأصوله”، مشيرًا إلى أنَّ “سنة النبي [محمد] هي أهم أدواتنا، فضلا عن [الحياة اليومية] في السعودية قبل عام 1979م”، مبيّنًا أنَّه “في زمن النبي محمد، كان هناك اختلاط بين الرجال والنساء، واحترام للمسيحيين واليهود في الجزيرة العربية”. كما أوضح قائلاً: “لقد كان قاضي التجارة في سوق المدينة المنورة امرأة!”. وتساءل الأمير قائلًا: إذا كان خليفة النبي (عمر) قد رحب بكل ذلك، فهل يقصدون أنه لم يكن مسلمًا!”.

الحياة السعودية قبل 1979:

والصور والمشاهد، التي اطّلع عليها فريدمان خلال حواره ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، كانت للسعودية في الخمسينات الميلادية، من موقع يوتيوب، فيها صور لنساء أجانب بلباسهن المعتاد، يرتدين الفساتين، ويمشين مع الرجال في الأماكن العامة، فضلاً عن الحفلات الغنائية ودور السينما. لقد كانت مكانًا تقليديًا ومعتدلًا، ولم تكن مكانًا يُمنع فيه الترفيه؛ غير أن هذا تغير بعد عام 1979م.

والمهمة التي يحملها على عاتقة الأمير الشاب، التي تتمثل في مبادرة إعادة الإسلام إلى أصوله، هي العلاج لفيروس التطرف الإسلامي، الذي يُعادي تعدد الآراء ويكن الكره للنساء، والذي تفشى بعد عام 1979م، وما يترتب على ذلك، هو الأهم، إذ أنّه اللبنة الأولى في نشر الاعتدال في جميع أنحاء العالم الإسلامي، ومن المؤكد أن ذلك سيكون موضع ترحيب في السعودية والتي يُشكل الشباب فيها تحت سن 30 عامًا ما نسبته 65% من السكان.

السعودية، لن تكون لها معايير تُشبه المعايير الغربية لحرية التعبير وحقوق المرأة. ولكن صار يُمكن للمرء الآن حضور حفلات موسيقية غربية كلاسيكية هنا في الرياض، وتقرر السماح للنساء بدخول الملاعب الرياضية وحضور مباريات كرة القدم، فضلاً عن السماح لهنَّ بالقيادة.

ويأتي ذلك فضلاً عن المشاريع الاستثمارية التي أطلقتها المملكة في المرحلة الأخيرة، والتي تعُّد جزءًا من رؤية المملكة 2030، وتشمل مناطق بكر، وأخرى في محيط العاصمة الرياض، لتقود الترفيه ورحلة العلم والابتكار، والتطور والتجارة العالمية.

التعليم أيضًا في بؤرة الاهتمام:

لا شك أنَّ التعليم يعدُّ من أهم ركائز انطلاقة التنمية واستدامتها، ولأنَّ الأمير محمد بن سلمان يدرك أهمّية التعليم، فقد أولاه حيّزًا خاصًا من مخططه، وهنا أوضح وزير التعليم السعودي أنه يعمل على مجموعة واسعة من الإصلاحات التعليمية، والتي تشمل تغيير وتحويل جميع الكتب المدرسية إلى كتب رقمية، وإرسال 1700 معلم سعودي سنويًا إلى المدراس العالمية في أماكن مثل فنلندا بغية تطوير مهاراتهم، والإعلان عن أن الفتيات السعوديات سوف يحظين بحصصِ التربية البدنية للمرة الأولى في المدراس الحكومية، وإدخال ساعة إضافية في اليوم الدراسي في المدراس السعودية للأطفال بغية تمكينهم من اكتشاف شغفهم في العلوم والقضايا الاجتماعية من خلال عملهم على مشاريعهم الخاصة، والتي ستكون تحت إشراف المعلمين.

محمد بن سلمان هو الربيع السعودي.. أحمق من لا يسانده:

السعودية، بالمكانة المهمّة التي تشغلها، تخوض اليوم أهم عملية إصلاح في الشرق الأوسط، والتي تأتي خلافًا للربيع العربي، الذي قوّض دولاً عدة منذ العام 2011، إذ أنَّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقود التغيير من أعلى إلى أسفل، وهو لن يغير الشخصية السعودية بل كذلك سيعيد النموذج الإسلامي المعتدل.

ويقول فريدمان عن لقائه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الرياض: “لم يخطر ببالي قط أنني سأعيش بما فيه الكفاية لأشهد اليوم الذي يتسنى لي فيه كتابة الجملة التالية: تشهد السعودية اليوم عملية الإصلاح الأكثر أهمية مقارنةً بأي بُقعةٍ من بقاع الشرق الأوسط. نعم، فأنتم تقرئون ما كتبتهُ بشكلٍ صحيح. وعلى الرغم من أني جئت للسعودية أثناء بداية فصل الشتاء فيها، إلا أني قد وجدت البلاد تمُرَ بربيعها العربي، على النمط السعودي”.

وأشار فريدمان هنا إلى أنَّه “على خلاف أي ربيعٍ عربي في مختلف البلدان الأخرى، التي ظهرت جميعُها من الطبقة الأدنى إلى الأعلى وفشلت بشكلٍ فادح، ما عدا ذلك الذي حدث في تونس، يقود ولي العهد البلاد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عامًا حركة الربيع العربي هذه بدءًا بعلية القوم، ونزولًا إلى من دونهم، من الأعلى إلى الأدنى، وفي حال أتت ثمارها، فإنها لن تقلب موازين السعودية فحسب، بل إنها ستغير أيضًا معنى ومفهوم الإسلام في جميع أرجاء العالم، والأحمق فقط هو من لا يقف في صف هذه الحركة”.

محمد بن سلمان سيل يجرف الفساد:

الأسئلة التي تداعى إلى أذهان الغربيين، منذ انطلاق السيل الجارف في مواجهة الفساد الذي احتل الاقتصاد السعودي والأرض السعودية، والمكاتب، تتلخّص في سؤال: ما الذي يحدثُ في فندق ريتز كارلتون؟ وهل كانت هذه هي لعبة سُلطة، يهدف من خلالها الأمير محمد بن سلمان، إلى إزالة مُنافسيه من أعضاء عائلته، ومن القطاعات الخاصة، قبل أن يُمركز والده الملك سلمان، مقاليد السُلطة في المملكة بين يديه؟

أسئلة تستدعي السخرية المحلّية، لاسيّما أنّنا نعرف حجم الفساد الذي تعيشه المملكة العربية السعودية، منذ ثمانينات القرن الماضي، إلا أنَّ الغرب الجاهل بمجتمعنا، يطرحها، ليأتي رد الأمير محمد بن سلمان، قاطعًا: “إنهُ لأمرٌ مُضحك، أن تقول بأن حملة مكافحة الفساد هذه كانت وسيلةً لانتزاع السُلطة”.

وأشار ولي العهد إلى أنَّ “الأعضاء البارزين من الأشخاص المُحتجزين في فندق ريتز كارلتون، قد أعلنوا مُسبقًا بيعتهم لي ودعمهم لإصلاحاتي، والغالبية العُظمى من أفراد العائلة الحاكمة تقفُ في صفي”، مبيّنًا أنَّه “لطالما عانت دولتنا من الفساد منذ الثمانينات حتى يومنا هذا. وتقول تقديرات خُبرائنا بأن ما يُقارب 10% من الإنفاق الحكومي كان قد تعرض للاختلاس أو الهدر منذ بداية الثمانينات بواسطة الفساد، من قبل كلتا الطبقتين: العُليا والكادحة. وعلى مر السنين، كانت الحكومة قد شنت أكثر من حربٍ على الفساد ولكنها فشلت جميعًا. لماذا؟ لأن جميع تلك الحملات بدأت عند الطبقة الكادحة صعودًا إلى غيرها من الطبقات المرموقة”.

وكشف الأمير محمد بن سلمان، أنّهُ “لذلك، عندما أعتلى والدي، الذي لم يسبق وأن أُشتبه به بتهم تتعلق بالفساد على مر الخمسة عقود التي كان فيها أميرًا لمدينة الرياض، سُدة العرش في العام 2015م (في الوقت الذي كانت أسعار النفط فيه مُنخفضة)، قام بقطع عهد على نفسه بوضع حدٍ لهذا كُله”.

وبيّن أنّه “رأى والدي أنهُ ليس من المُمكن أن نبقى ضمن مجموعة العشرين في حين تنموُ بلادنا بهذا المُستوى من الفساد. ففي وقتٍ سابق من العام 2015م كانت أول الأوامر التي أعطاها والدي لفريقه هي جمع كل البيانات المُتعلقة بالفساد لدى عند الطبقة العُليا. ولقد ظل الفريق يعمل لمدة عامين كاملين، حتى توصلوا لجمع هذه المعلومات الأكثر دقةً، ومن ثم جاءوا بحوالي 200 اسم”.

دليل جديد على الشفافية في التعاطي حتى مع المفسدين:

وأضاف: “عندما كانت جميع البيانات جاهزة، اتخذ النائب العام، سعود المعجب، الإجراءات اللازمة”، مبيّنًا أنَّ “كل من اُشتبه به سواءً كان من أصحاب المليارات أو أميرًا فقد تم القبض عليه، ووضعه أمام خيارين، بعدما أريناهم جميع الملفات التي بحوزتنا وبمُجرد أن أطلعوا عليها، وافق ما نسبته 95% منهم على التسويات، الأمر الذي يعني أنَّ عليهم دفع مبالغ مادية أو وضع أسهم من شركاتهم في وزارة المالية السعودية”.

وأكّد الأمير محمد بن سلمان، في دليل جديد على شفافيته في التعامل مع الأمور، أنّه “استطاع ما نسبته 1% من المُشتبه بهم إثبات براءتهم، وقد تم إسقاط التهم الموجهة لهم في حينها. وقرابة 4% قالوا إنهم لم يشاركوا في أعمال فساد ويُطالب مُحاموهم باللجوء إلى المحكمة”.

وأعلن أنّهُ “من الممكن في نهاية المطاف أن يكون المبلغ حوالي 100 مليار دولار أميركي، من مردود التسويات”، مبرزًا أنَّه “ليس هُنالك من طريقةٍ يمكن من خلالها القضاء على الفساد في جميع الطبقات، لذلك فإنهُ عليك أن تُرسل إشارة، والإشارةُ التي سيأخذها الجميع بجدية هي: (إنك لن تنجوا بفعلتك). ولقد شهدنا تأثيرها بالفعل وما زلنا نشهده”.