تنشط خلايا النحل في جمع الرحيق من النباتات الزهرية

الزهور الموسمية في عسير تعزز جودة العسل وتحدد خصائصه الطبيعية

الإثنين ١٤ يوليو ٢٠٢٥ الساعة ٤:٤١ مساءً
الزهور الموسمية في عسير تعزز جودة العسل وتحدد خصائصه الطبيعية
المواطن - واس

تتميز منطقة عسير بإنتاج العسل خلال فصلي الصيف والخريف، حيث تنشط خلايا النحل في جمع الرحيق من النباتات الزهرية الفريدة التي تنمو طبيعيًا في بيئة المنطقة، ما يمنح “عسل عسير” مذاقًا مميزًا وفوائد متعددة، ويجعلها من أبرز مواطن إنتاج العسل في المملكة.

وتنتج عسير خلال هذه المواسم عدة أنواع من العسل، ترتبط كل منها بفترة تزهير محددة لتلك النباتات، وتكون مصدرًا غنيًا ومستدامًا للعسل الطبيعي النقي.

ووثّق الدكتور إبراهيم العريفي في كتابه “أطلس العسل” أبرز هذه الأنواع النباتية والعسلية التي تنشط في عسير خلال موسمي الصيف والخريف، حيث أشار إلى أن “عسل المجرى” الذي تشتهر به المنطقة يُجنى في أواخر الصيف وبداية الخريف، حين تتفتح أزهاره المعروفة علميًا بـ Teucrium polium، التي تنتشر على قمم جبال عسير وسفوحها، جاذبةً النحل برحيقها العطري.

ويتفرد “عسل المجرى” بلونه الأبيض وقوامه الكثيف جدًا ونكهته الحلوة الحادة، كما أنه يتبلور فور جنيه، ويُصنَّف –بحسب أطلس العسل- أحد أندر أنواع العسل في المملكة نظرًا لقصر فترة تزهيره، وتأثره بالتغيرات المناخية.

وفي الفترة من يونيو حتى أواخر أغسطس، تبدأ زهور نبات “القتاد” بالتفتح في وديان غرب عسير، وهو نبات شوكي مقاوم للجفاف، ويتميز “عسل القتاد” بلونه الذهبي اللامع، وطعمه النقي، وكثافته المعتدلة، ويُعرف بخصائصه المعززة للمناعة والمحفّزة للنشاط الحيوي.

ومع اقتراب نهاية الصيف، تتفتح أزهار شجرة “السَلَم” في البيئات الصخرية القاحلة غرب عسير، وتشتهر بأزهارها الذهبية العطرية، وينتج عنها عسل متوسط الكثافة يميل لونه إلى الأحمر الداكن، يتمتع بتركيبة مميزة ونكهة فريدة.

أما “عسل السدر”، فهو من أجود أنواع العسل وأكثرها انتشارًا، ويُنتَج من رحيق أزهار شجرة السدر (النبق) التي تنمو في الأودية والسهول الشرقية والغربية من عسير، لا سيما في مناطق تهامة ورجال ألمع وبعض سهول سراة عبيدة.

ويُستخرج هذا العسل خلال فترة تزهير شجرة السدر التي تمتد من أغسطس إلى أكتوبر، ويتميز بلونه الذهبي الداكن، وطعمه القوي الفريد، وقيمته العالية من حيث الفوائد الطبية والغذائية، وهو من أغلى أنواع العسل في السوق السعودية نظرًا لجودته وندرته.

كما تنتج خلايا النحل خلال شهور الصيف في المناطق الغربية من عسير عسلًا من أزهار شجرة “السيال”، التي تنمو على ضفاف الوديان وتتميز بزهورها الصفراء الفاقعة، ويُعد “عسل السيال” من الأنواع الخريفية، حيث لونه عنبري داكن، خفيف الكثافة، ورائحته عطرية ذات طابع يشبه التوابل.

وعلى الرغم من أن عسل شجرة “السمر” يُجمع عادةً في فصل الشتاء، إلا أن تزهير بعض أنواعه الفرعية يبدأ مبكرًا في الخريف، خاصة في المناطق الدافئة من عسير، ما يسمح بجني مبكر لهذا العسل الغني بلونه الأحمر الداكن وطعمه الحار ورائحته الزكية، ويُصنَّف ضمن أبرز منتجات عسير الشتوية التي تبدأ تباشيرها مبكرًا في بعض المواقع.

ويعتمد إنتاج العسل في عسير على الثراء البيئي والتنوع النباتي الذي تمتاز به المنطقة، مما يوفر للنحل مصادر رحيق متعددة على مدار العام، ويُضفي على كل نوع من العسل طابعًا خاصًا وهويةً فريدة ترتبط بزهرة منشئه.

ويُعد العسل المنتج في عسير عنصرًا حيويًا في دعم الاقتصاد المحلي، إذ يسهم في تمكين النحالين، وتعزيز السياحة البيئية، ورفع كفاءة برامج الاستدامة الزراعية.

وبحسب إحصاءات فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة عسير، فإن المنطقة تنتج ما نسبته 20% من إجمالي إنتاج العسل في المملكة، ويعمل في هذا القطاع أكثر من 5,000 نحّال، فيما بلغت قيمة الدعم المخصص لمشاريع النحل نحو 54 مليون ريال.

ويواصل قطاع تربية النحل في عسير توسعه عامًا بعد آخر، مستفيدًا من الدعم المؤسسي، ومن خصوصية بيئة المنطقة الغنية، التي تؤهله ليكون أحد أعمدة التنمية الزراعية والسياحية في المملكة.

 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

إقرأ المزيد