لست خادمًا لأحد!

الخميس ٢٥ سبتمبر ٢٠٢٥ الساعة ٩:١٠ صباحاً
لست خادمًا لأحد!
بقلم - تركي الدويش

امتدت جيرتهم لسنوات عدة، وحدث وأن حصل ذات يوم، أن إضاءة الشارع الذي تقع عليه منازلهم قد ضعفت، ولم تعد بذلك الوهج، حتى أصبح وجودها مثل عدمها! انتظرا لفترة من الزمن، ليست بالطويلة، علّ أن يتم إصلاحها!

تشاورا في أمرهما، و اتفقا على أن يتم تقديم بلاغ عاجل للجهة المختصة، لتقوم بدورها في إصلاح الخلل، و إعادة الحياة حول مساكنهم.

تقدم الأول بالحديث قائلاً: “إنني سأذهب للجهة وأقدم بلاغًا حول الإضاءة”. شكره جاره، وقال له أحطني بما يحصل معك خٌبراً.
وفي صباح يوم الغد، انطلق الأول من أجل عمل ما يلزم، وكان أن هاتف جاره الآخر، قائلاً: قد أخبرت الجهة المعنية بالمشكلة! وكانوا قمةً في التجاوب والتفاعل، فرد عليه بالشكر والثناء.

وأعقب الآخر قائلاً بأنني سأقوم بالمتابعة معهم حال أن لزم الأمر. وبعد بضعة أيام، ذهب لهم وأخبروه بأن المشكلة في طور المعالجة العاجلة. عندها عاد لصاحبه و بما يحمله من جديد وما حصل له، وطلب منه متابعة الأمر، نظرًا لانشغاله في هذه الفترة.

ولأن الطلب والبلاغ باسمه أيضًا، فهذا مدعاة لسرعة الاستجابة. ولكنه تفاجأ برده حين أردف قائلاً: أروح أنا يوم وتروح أنت يوم! أتصل أنا مرة وتتصل أنت مرة! أي إجراء أقوم به، وتصرف أتحرك من خلاله، يجب عليك أن تقوم بمثله وبحذافيره! فسأله متعجباً: ولما هذا كله؟ رد عليه بما هو أبشع من ظلام طريقهم، أنا لست وحدي المتضرر، ولست خادمًا لأحد!

أخذ جاره نفسًا عميقًا، وأتبع ذلك النفس بقوله: المشكلة بإذن الله ستُحل وهو ما حصل فعلاً.

ولكن ماذا سيضيرك لو أكملت ما بدأت به؟ محتسبًا العمل لوجه الله؟ وأيضا، لتتذكر أن فعل الخير لا يضيع أجر فاعله، ومؤكد أنه سيُكافأ عليه إما أن يعجل له في الدنيا أو يُدخر له في الآخرة! مصداقاً لقول المصطفى – “كُلُّ مَعْرُوفٍ صدقة”.

ثم إن تصرفًا مثل هذا يؤدي إلى انعدام حس المبادرة في حياة الفرد! وقد لا يحصل المطلوب أيًا كان ذلك المبتغى! أو تنتهي العلة، إذا كان المنهج والسلوك القائم تجاهها (تعمل ما أعمله بتفاصيله دون زيادة أو نقصان).

وختامًا، النفوس العظيمة والكبيرة هي من لا تتوقف عن تمني الخير لمن حولها، بل تتعدى لأبعد من ذلك!

كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية.
@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني