كانت تُدار على إيقاع الجهد اليومي في البيوت القديمة

المطحنة.. صوت الحجر في ذاكرة ريف جازان

الأربعاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٥ الساعة ٣:٣٤ مساءً
المطحنة.. صوت الحجر في ذاكرة ريف جازان
المواطن - واس

تبرز “المطحنة” من بين الأدوات التي شكّلت ملامح الحياة الريفية في جازان، كرمزٍ لصبر الإنسان وارتباطه بالأرض، حيث كانت تُدار على إيقاع الجهد اليومي في البيوت القديمة، حين تتناثر رائحة الحبوب المطحونة في فضاء المنازل؛ لتروي حكاية الكفاح والبساطة في حياةٍ اعتمد فيها الأهالي على ما تجود به الطبيعة من أدواتٍ وأحجار.

وحفظت هذه الأداة الحجرية ذاكرة جيلٍ من النساء اللواتي شاركن في إعداد القوت بمهارةٍ متوارثةٍ وعزيمةٍ لا تخبو؛ لتبقى “المطحنة” شاهدًا على زمنٍ كانت فيه الحجارة تنطق بحكايات الحياة.

ونُحتت “المطحنة” بعنايةٍ من الحجر الجبلي الصلد الأسود، واتخذت شكلًا مقوسًا مستطيلًا بمقاسات مختلفة، وتميّزت بخشونة سطحها التي ساعدت على الطحن اليدوي باستخدام أداةٍ أخرى تُعرف بـ”الودي”، وهي أداةٌ أسطوانيةٌ مصمتة تُحرّك على سطح المطحنة لطحن الحبوب.

وتُستخدم “المطحنة” في جازان لطحن الحبوب بأنواعها لإعداد الأطعمة الشعبية مثل: العيش، والخمير، والخضير، إضافةً إلى طحن التوابل والبنّ، وكانت أداةً أساسية في كل بيتٍ بالمنطقة، كما تُعدّ جزءًا من أدوات المطبخ التقليدي في جازان، إلى جانب أدواتٍ أخرى مثل: الميفا، والحيسية، والجبنة، والفناجين الطينية، مما يجعلها عنصرًا أصيلًا في مشهد الحياة اليومية القديمة.

وعدّ عددٌ من المهتمين بالتراث الشعبي “المطحنة” رمزًا أصيلًا يجسّد روح الاعتماد على الذات وبساطة الحياة الريفية، مشيرين إلى أهمية حفظها وعرضها في المتاحف والمهرجانات التراثية لتبقى شاهدًا على مهارة الإنسان وعلاقته المتجذّرة بأرضه وأدواته، وتعريف الأجيال الجديدة بجمال تلك المرحلة التي صُنعت فيها الحياة باليد والإرادة.

 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

إقرأ المزيد