السعودية.. المعرض

الثلاثاء ٢٢ مارس ٢٠٢٢ الساعة ٨:٣٧ صباحاً
السعودية.. المعرض
عبدالله صايل

حتى العام ٢٠١٥، كانت الوجهة دبي لتحقيق مفهوم الفعالية وتحديداً في نشاط المعارض. أقول هذا وقد كنت ممن يقدمون الاستشارات الإعلامية لمشاركات سعودية من القطاعين الحكومي والخاص، وكانت الوجهة دوما دبي.

كنا نترك لخيالنا مساحة للانطلاق، ونجد المتعهد المناسب لتنفيذ الأفكار، فبعض الكيانات هناك لديها الاستعداد الفني واللوجستي ولديها القدرة على التنفيذ، حتى وإن كان هناك تاجر شنطة في المنتصف لا علاقة له بالإبداع أو حتى مهارة تُذكر ضمن هذا الكيان أو ذاك، لكن حرفية العنصر البشري وجاهزيته كانت تجعل الكثير قابلا للتحقيق.

اليوم تحولت السعودية إلى معرض هو الأكبر في المنطقة، وهذا التوسع لم يعرف هدنة سوى في عامين لصيقين بفترة الذعر من كورونا. وعدنا اليوم بشكل أقوى من أي وقت مضى. سباق محموم في كل مناطق الوطن لإقامة معارض ومؤتمرات وملتقيات، وحراك لا يهدأ على مستوى الورش والاجتماعات.

ما المشكلة إذًا؟ المشكلة كامنة في أن كل هذا السوق الهائل لا يجد في كثير من الأحيان محترفين على قدر التحدي. وقد تكون المشكلة بحجمها الحقيقي أقل في مدننا الكبرى كالرياض وجدة والدمام، لكنها حتما متضخمة في باقي المدن والمناطق، ومقابل ما تحقق من نجاح في تحويل السعودية إلى معرض مفتوح أمام العالم، هناك طلب مُلح يقتضي حشد الدعم لقيام (صناعة) وهذا لضمان الاستدامة.

مقاولو الفعاليات هم أساس المشكلة، فهؤلاء لا يعون حجم المهارات المطلوبة لإقامة فعالية ناجحة، ولا إحساس لديهم بقيمة الحرفية، ولا موهبة حقيقية، ولا حتى  يخجلون.. وعلى الأقل يبادرون إلى حشد مواهب لدعم توفير منتجات إبداعية تنهض بالفعالية وتنثر سحرًا يلفتُ الأعناق.

الفعالية والنهوض بها تتطلب كيانات خاصة يقودها عفريت من الإنس بمرتبة (ساحر)، ومع هذا الساحر فريق من المواهب يجيدون الرقص على إيقاع الدقائق، ويبتسمون أمام مقصلة الثواني. فالموهبة هي الأساس، والألمعية هي الرهان.. هذا لمّاح.. وذاك مبدع رقيق.. والآخر وحش كاسر لا يتوانى عن بناء سقيفة جناح من ناعم الغيم، وهناك كاتب تقف الحروف في حضرته في دعةٕ ووجل.. ومعهم مُفكر غادر للتو جلسة عمل مع أفلاطون.. وبرفقتهم حاوٍ يصنع من أي صورة فيلما ياسر الألباب.

المسألة معقدة جدا، والنجاح في استدامة (السعودية-المعرض) يستوجب التفتيش عن موهوبين، ودعمهم، ودمج الموجود من كيانات، ولا مانع أبدا من استثمار الحكومة في شركة عملاقة قابضة، تستحوذ على ٧٠٪ على الأقل من حصة السوق، لضمان الجودة والكفاءة وحتما الاستدامة.

في المقابل، ترك التنافس على الفعاليات في العديد من مناطقنا الغالية للمقاولين والـ “شريطية” سوف يسرّع بتهاوي هذا البناء الذي يعتبر في سنينه الأولى. سوق الفعاليات في وطني يساوي مليارات.. فكروا معي في المخرج النهائي والفائدة الاقتصادية والاجتماعية لو قررنا أن ندعم هذا السوق ونحيل ما يجري فيه إلى (صناعة).

@abdullahsayel

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني