الصحة لا أرضاً قطعت ولا خيلاً أبقت

الأحد ٢٧ مايو ٢٠١٨ الساعة ١١:٣٨ صباحاً
الصحة لا أرضاً قطعت ولا خيلاً أبقت

‏لا أخفي قارئي العزيز أنه سبق أن كتبت تحت هذا العنوان، وأعدته اليوم حيث استوقفني وأنا أتصفح صحيفة “المواطن“، ثلاثة أخبار منها حادثان وقعا بمستشفيات المدينة المنورة في أقل من 24 ساعة، الأول تحت عنوان : القبض على طاعن الممارس الصحي بالمدينة بعد 3 ساعات.. وورد في حيثيات الخبر: ألقت شرطة المدينة المنورة القبض على طاعن الممارس الصحي خلال ساعات قليلة من وقوع الجريمة.

‏وفي الخبر الثاني في ذات الصحيفة تحت عنوان ( احتجاز مواطنين بمصعد مستشفى 3 ساعات في المدينة )، ‏والخبر الثالث من عسير تحت عنوان (لجنة عاجلة لمراجعة إجراءات مستشفى عسير لعلاج الوادعي ).

‏الأخبار أعلاه في أقل من 24 ساعة عادت بي إلى مقالة كنت كتبتها قبل عام بالتمام والكمال تحت عنوان (الشورى ومسؤولية حال الصحة)، ‏حيث أشرت إلى أنه قبل (5) أعوام وبالتحديد بتاريخ 29 – 09 – 2013 م كتبت مقالاً تحت عنوان ( تغريدات مدوية إلى وزارة الصحة ) ذكرت فيها أن هنالك سلبيات قاتلة يجب معالجتها وبترها، حيث ذكرت يومها أن مستشفى حكومياً في جازان حقن طفلة بالإيدز، وهنالك جدل بين الوزارة وأهل الضحية حول صحة التقارير لا يزال قائماً حتى تاريخ كتابة هذه المقالة 2018م.

أيضاً مستشفى حكومي آخر في القصيم حقن طفلة أخرى بالكيماوي، كذلك مواطن آخر يتهم مستشفى ببيشة بحقن زوجته بدم ملوث بالإيدز. ومواطن يتهم مستشفى عفيف بسرقة إحدى كليتي شقيقه ومدير المستشفى يومها يتحجج بأنه حديث عهد بالمستشفى. مواطن يتهم مستشفى بحائل بموت ابنته ”جوعاً” الشؤون الصحية: الرد على الواقعة يحتاج 72 ساعة. طبيبة أمريكية تتهم ممرضات تخصصي الرياض ببيع ”المورفين” هذه نماذج أوردتها آنذاك وليست تغريدات بمفهومها الرائج إنما كوارث وفي أقل من عام وهذا قليل من كثير تعج به بعض وسائل الإعلام والذي تحول إلى مسلسل متعاقب حتى يومنا، ويتبارى مسؤولو وزارة الصحة في الساعات الأولى في الدفاع ومحاولة التشكيك في المصداقية ثم بعد أيام تتضح الصورة ولكن لا نرى ما يفيد أن هنالك تقصياً ومتابعة نحو التصحيح ومحاسبة بل السلبيات في تزايد. استذكرت تلك التغريدات حينما شهدت عدد من المنشآت الصحية حالات رفض أعضاء بالكادر الطبي تقديم الخدمة للمرضى لأسباب مختلفة، مما جعل وزارة الصحة تؤكد حينها : أنه ليس من حق الطبيب المعالج الاعتذار عن تقديم الخدمة الطبية لأي سبب، ثم حينما اشتكى الجندي سلطان عبده العسيري المصاب بالحد الجنوبي من أن مستشفى محايل رفض تقديم العلاج له وأن مستوصفاً خاصاً تبرع بذلك، وسارعت إدارة المستشفى والشؤون الصحية بالتكذيب وأنه لم يتقدم أحد بشكوى ليدحض المصاب ذلك برقم وتاريخ الشكوى، وفي يوم الأربعاء 1 /7/ 1438هـ سوء إهمال أدى إلى عطل أجهزة بنك الدم بمستشفى النساء والولادة بالمساعدية بجدة، مما أدى إلى تلف جميع الوحدات المخزنة، وإجبار أقارب المرضى بإحضار وحدات دم وليس متبرعين لأن الأجهزة عطلانة، ولم تتحرك إدارة المستشفى ولا الشؤون الصحية، ومن يدري ما هي نسبة مخاطر ذلك على المرضى سيما الخدج الذين توفوا في هذه الفترة، لتصمت بعدها تلك الجهات الرسمية وستصمت طالما ليس هنالك أي مساءلة، وبين يدي عشرات المواقف التي يندى لها جبين أي مسؤول مخلص، ولكن المساحة لا تتسع لسردها، وكما قلت سابقاً أكرر، ولا أود هنا سرد المزيد من سلبيات هذه الوزارة خصوصاً في الفترة الأخيرة، فقد يطول بنا المقام. فالحديث عن وزارة الصحة وجودة الأداء لا يزال في الحقيقة يشغل بال الكثير ممن يهمهم صحة المواطن ومن على هذا الثرى الغالي، ولعل حالات حادث الطعن والمصعد والوادعي التي حدثت في أقل من 24 ساعة، تؤكد أن الأخطاء والمخاطر تجاوزت سوء الأداء وانعدام الدواء والسرير إلى الصيانة والأمن الذي يظهر أنهما صوريان، وهذا أيضاً يؤكد أن هنالك انفصاماً واضحاً وفاضحاً بين مرافق الوزارة، وقد فصلت في ذلك كثيراً.
‏لذا فلا غرابة أن نرى مستشفيات متعثرة أو مستشفيات قائمة تنقصها أجهزة وإمكانات فنية وبشرية جعلت من تلك المستشفيات مع فخامتها أشبه بمقار طوارئ، حتى لمسنا في السنتين الأخيرتين أن الوزارة علاوة على ذلك أقفلت بعض المستشفيات القائمة والمراكز الصحية، ثم نجد أن غالبية الصحف يومياً وعلى مدار الساعة كما أشرت بعاليه تنشر قصصاً مفجعة عن الأخطاء الطبية أو رفض حالات مرضية لعدم توفر العلاج أو أسرة أو مناشدة لقبول حالات مرضية لمواطنين في المستشفيات الحكومية، أو طلب تبرعات لمعالجة بعض المواطنين حتى نشأت لدينا جمعيات خيرية لمعالجة مرضى المواطنين أو متبرعين من الخارج لعلاج البعض، واتخاذ الإعلام ووسائل التواصل إلى منابر تشكو من تردي الحال.
‏حقيقة لا يساورها الشك أن ما على الأرض يتعارض مع تلك الإمكانات المهولة التي توفرها الدولة لوزارة الصحة والقطاعات الصحية والاجتماعية الأخرى والتي قاربت الـ (150 ) مليار ريال، وهذا يعود بنا إلى مناشدات سابقة إلى تحمل مجلس الشورى مسؤولياته سيما وقد تملكنا اليأس في محاسبة المقصرين بالبحث عن حلول مجدية بدلا من البيانات الإعلامية والبرامج والتطبيقات الهلامية، والتأكيد على ضرورة الإسراع بوضع خطط مدروسة وجادة نحو معالجة قصور واضح وفاضح في الأداء المسكوت عليه.. هذا وبالله التوفيق.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني