اليوم الوطني المفقود وعودته الميمونة

الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٨ الساعة ١:٤٨ مساءً
اليوم الوطني المفقود وعودته الميمونة

كان يومنا الوطني مفقوداً في مرحلة الدارسة في مدرسة جبرة الابتدائية في الرياض والتي سُميت لاحقاً بمدرسة سعيد بن جبير، وكنت وأنا طفل صغير في الصف الثاني الابتدائي عندما أسأل عن مدرستي أقول أدرس في مدرسة سعيد بن جبير ترحب بكم معتقداً أن عبارة الترحيب جزء من اسم المدرسة، ولم يكن اليوم الوطني حاضراً كإجازة رسمية أو معايشة سنوية لهذا الحدث، لكن المدرسة تُمارس الوطنية بشكل جميل، حيث نبدأ صباحنا بتحية العلم في ساحة المدرسة حيث يُرفع علم المملكة العربية السعودية ونحيي الملك فيصل، رحمه الله، وهو الملك في تلك الفترة ونردد عبارة الله ثم المليك والوطن.

ولكن مع دخولي المرحلة المتوسطة والثانوية والجامعية بدأ الاهتمام بالوطن ينحصر مع سيطرة الجماعات الحزبية على التعليم وحرصهم على تذويب الوطنية في وجدان الطلاب ونشر ثقافة الأمة والخلافة وهو ما ذكره الأمير نايف، رحمه الله، في حواره الذي تم في عام 1423 وكنت حاضراً مع الأستاذ أحمد الجارالله إبان عملي في وزارة الداخلية حيث قال سموه: (من دون تردد أقولها إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها جاءت من الإخوان المسلمين، وبحكم مسؤوليتي أقول إن الإخوان لما اشتدت عليهم الأمور، وعُلقت لهم المشانق في دولهم، لجأوا إلى المملكة فتحملتهم وصانتهم، وحفظت حياتهم بعد الله، وحفظت كرامتهم ومحارمهم وجعلتهم آمنين، وإخواننا في الدول العربية الأخرى قبلوا بهذا الوضع، وقالوا إنه لا يجب أن يتحركوا من المملكة، لكن بعد بقائهم سنوات بين ظهرانينا، وجدنا أنهم يطلبون العمل، فأوجدنا لهم السبل، ففيهم مدرسون وعمداء، فتحنا أمامهم أبواب المدارس والجامعات، لكن للأسف لم ينسوا ارتباطاتهم السابقة، فأخذوا يجندون الناس، وينشؤون التيارات، وأصبحوا ضد المملكة).

وكان لاختطاف التعليم أثره في موجة الإرهاب التي عانينا منها، حيث تحول ولاء بعض الشباب إلى هذه الجماعات الحزبية ففجروا في وطنهم لأنه لا يمكن لمحب لوطنه يتشرب حب الوطن في التعليم أن يقتل ويُفجر في وطنه، ولهذا غاب الوطن عن التعليم.

وحتى عندما اجتهد معالي الدكتور محمد الرشيد، رحمه الله، في إقرار مقرر التربية الوطنية وكنت شاهداً ومشاركاً في ذلك خلال عملي مديراً عاماً للإعلام التربوي في وزارة التعليم استطاع بعض المؤثرين منهم إجهاض الفكرة وتحويل أهدافها وصياغة مفردات عامة، وهذا ديدنهم كما فعلوا مع فطن ومع كل مشروع وطني فحولوها إلى مادة هامشية بدون اختبارات يدرسها أي معلم انتظار، فربط الوطن بالهاشمية ومادة السخرية والانتظار والسواليف وهذا ما حذرت منه آنذاك، وأكدت أهمية أن تكون مادة جادة أساسية ولكن الأكثرية لمعتنقي حزب الإخوان المختفين المتلونين الذين كان يصعب معرفتهم وكشفهم لكن أمورهم كشفت ولله الحمد في عهد العزم والحزم وتم إيقاف قياداتهم وحالياً يحاكمون المحاكمة العادلة المعروفة من القضاء السعودي ولله الحمد.

وأنصح الجميع بقراءة كتاب الدكتور محمد العوين في رواية تجربة فتى متطرف، إذ وصف تلك المرحلة بكل دقة.

ولعل مركز الوعي الفكري يُؤْمِن هذه الرواية للمدارس وللمجتمع لكي يطلع الطلاب وذويهم والمعلمين على أساليب الحزبيين وخداعهم إذ كانوا يأخذون الطلبة إلى رحلات للهند لمقابلة الندوي أحد زعامات الإخوان.

وأعود للحديث عن اليوم الوطني المفقود لأجده في صحيفة الرياض عندما عملت في التحرير مع نهاية دراستي المرحلة الثانوية وخلال الدراسة الجامعية حيث ملاحق اليوم الوطني والتحقيقات التي تطلب منا لعملها والإعلانات التي يشارك فيها القطاع الخاص والأجهزة الحكومية ومقالات المسؤولين في الدولة وبرامج التلفزيون أما المدارس والجامعات وخطباء الجوامع والدعاة فلم يكن لليوم الوطني حضور وكأنه مناسبة رسمية فقط ولكنها ليست شعبية بسبب دعوات ربط الوطن بالوثنية وأن الوطن وثن وتعزيز الأممية والاهتمام بقضايا بعض الجماعات والصراعات في بعض الدول الإسلامية دون الاهتمام بالوطن نفسه مصدر الخير والأمان والسلام وطن العقيدة والتوحيد والحرمين الشرفيين.

ثم جاء التوجيه الكريم في عهد الملك عبدالله، رحمه الله، بإقرار اليوم الوطني إجازة رسمية وهو المعمول به عالمياً، وبذل معالي الدكتور عبدالله العبيد وزير التعليم السابق جهود طيبة بعد إقرار الإجازة في التعريف بأهمية اليوم الوطني ومناسبة التوحيد وجهود الموحد البطل الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه ثم توالى الاهتمام بشكل أفضل من المجتمع بهذه المناسبة.

ولعلي أقترح بأنه إضافة للاحتفالات الترفيهية في الميادين والملاعب والشوارع يبقى للحدث أهميته الوطنية في أن يكون يوم للمبدعين والمتميزين والمخترعين بحيث يقام حفل رسمي على مستوى عالٍ يتم فيه تكريم المبدعين من الأطباء والمهندسين والمعلمين والجراحين والمخترعين والأدباء والكتاب والمثقفين والأكاديميين والموظفين ورجال الأعمال والرياضيين وغيرهم ممن قدّم شيئاً مميزاً خلال العام وفق معايير عادلة وموضوعية يكون فيها من يتم تكريمه قدم إضافة عظيمة وإنجاز متميز للوطن العظيم المملكة العربية السعودية، وهنا نقرن مناسبة اليوم الوطني بالإبداع والعمل الجاد المتقن ويكون حدث وطني عظيم يتوافق مع طموحات رؤية 2030 وما بعدها من رؤى وخطط عظيمة بإْذن الله لوطن يرنو للتقدم العالم الأول وهو المملكة العربية السعودية.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني