حرب مرزوقة.. انتصار زائف للمرأة

الأربعاء ٣ يونيو ٢٠٢٠ الساعة ٨:٢٨ صباحاً
حرب مرزوقة.. انتصار زائف للمرأة
بقلم : أروى ناصر المفوز *

حدث غزا مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الماضية، ما زال أثره وذكره باقيًا؛ لأنه طبع بصمة على جبين المجتمع العربي بأسره! قضية التصويت على صورتين التقطتا بعفوية يوجد ما يشابههما على أي هاتف يحمله أيٌّ منا.. لم أرَ بالصورتين إبهارًا يستحق كل هذا الضجيج!

تابعت تطورات الموضوع، وتعجبت من إقبال الناس على التصويت ودخول نجوم الفن والمجتمع بخضم الأحداث التي صاحبت هذا التنافس القائم.. أخذ الموضوع حيزًا واسعًا من الاهتمام، وطغى على أي موضوع جوهري، خاصة بهذه الفترة المفصلية التي شهدت تغيرات على كل مستويات حياتنا الإنسانية بسبب الجائحة.. لو كانت الصور محترفة والدعوة للتصويت لغرض الحماس والتحيز للفن المتقن كفن احتراف التصوير لكنتُ وفقت في صفوف الجماهير المتدفقة وصفقت بحبور للوعي المفاجئ المدهش بقيمة الفنون التي غزت المجتمع العربي وجعل الصغير والكبير والمشهور والمجهول يخوض في هذه القضية ويتفاعل معها.

لكن ما رأيته ولمسته كان مغايرًا لذلك تمامًا للأسف.. فلا الفن كان مقدرًا ولا جمال التصوير كان هو المقصود. كانت مجرد جولة أخرى في معركة الرجل مع المرأة بنفس الطريقة المخفقة التي لم تحقق سابقًا أي انتصار حقيقي، بل مجرد استهلاك لجهد مهدور.

أعني أن المساواة بين الجنسين في الحقوق كما الواجبات قضية أزلية مطلوبة لأي امرأة تملك حسًّا ووعيًا بسمو كيانها وعلو قيمتها، ولأي رجل لا يقبل على نفسه استغلال السلطات الذكورية والمجتمعية على حساب تهميش الجنس الآخر.

لكن التحيز لمهارة نسائية متواضعة والدفاع عنها باستماتة لمجرد إثبات التفوق على الجنس الآخر ليس انتصارًا للمرأة، بل هو تأكيد على مبدأ التحيز الجنسي وتركيز لمفهوم التفضيل الذكوري، فكما لا نقبل تمييز الرجل لمجرد انتمائه لجنس الذكور، لا يجب أن نقبل تسلق المرأة سلم النجاح لا لامتلاكها مقوماته بل كتصفية حساب قديم طال النزاع عليه! كان في هذا التصويت مناشدات واسعة لشحذ الهمم بتحقيق الغلبة للمرأة التي طالما سُلبت حقوقها، فأظهروا المسألة على أنها عظيمة وأن الخطب جلل، وأنها فرصة نادرة لاسترداد استحقاق ضائع منذ القدم! ولكن ألا يجب أن يكون الحكم في أي منافسة على أساس تقييم البراعة فقط؟! فيكال الطرفان المتنافسان على كفتي ميزان عادل مقسط، بمقياس إنساني أوحد بغض النظر عن جنسيهما، فإن هي غلبت كفة المرأة فيا أهلًا بإثبات جديد لقدراتها، وإن هي ثقلت كفة الرجل فبجهده وليس بذكورته.. هكذا يكون العدل وهكذا تتجسد المساواة وهكذا تذوب الفروقات بين الجميع.

كنت وما زلت وسأظل أعتقد أن المساواة الكاملة والانتصار الساحق للقضية الأزلية يأتي فقط تحت ظل القانون؛ فهو الذي يغير حتى معتقدات المجتمع وعاداته وتقاليده وسننه. نعم هناك دور شعبي مؤثر لمناصري القضية، وهناك تأثير جبار للسلطة الرابعة، ألا وهي الإعلام في نشر ثقافة المساواة، والتي أصبح التواصل الاجتماعي أحد أهم ركائزها، لكن يجب أن تطرح القضية بطريقة واعية مدروسة متحضرة، تخاطب العقول بمنطق، وليس عن طريق خوض مناورات بائسة بين الجنسين تؤجج الفتن وتزيد الفجوات!!

 

* أكاديمية وطالبة دكتوراه تخصص المسرح الإنجليزي – المملكة المتحدة

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

  • مواطن

    قال تعالى: وليس الذكر كالأنثى. ال عمران
    وقال تعالى: فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى. ال عمران
    وقال تعالى: ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض. للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شئ عليما. النساء
    وقال سبحانه: ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون. المائدة