عوامل التعرية

الإثنين ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٣ الساعة ١١:٠٠ صباحاً
عوامل التعرية
بقلم : خواطر بنت فايز الشهري

في مرحلةٍ ما من حياتك لن تحتاج إلى وقتٍ أو فترة من الزمن حتى تكتشف الشخصيات الحقيقية لمن هم حولك، كأن تكون خبرتك أو حدسك عوامل لتعرية أقنعتهم.

الشد على شفتيك مع نفس عميق وعودة برأسك للخلف، هي لحظة إدراك أنك على موعد للقاء شخصية قد مرت عليك قبل ذلك، وكأنك تعرف ما هي النتائج قبل الخوض في أي حديث، وقد يُقال إن ذلك خطأ بسبب حكمك المسبق قبل أي تعاملات معهم، ونسبة إيقاعهم في ظلم حكمك واردة! ولكنك لحظتها لا تتذكر إلا ألمًا كان يطرق طرقاته القوية من داخل قلبك عقابًا لك! وليس لمجرد الألم إنما رغبةً في تفجير قلبك من الداخل جزاءً لتسببك بهذه النتيجة.

صحيح قد تُوقعهم في أحكامك الظالمة، لكنك ستعيدهم إلى أماكنهم الحقيقية إن ثَبت عكس ما توقعته، كأن تعتقد بحنكة أحدهم لأنك لمست مؤشرات تُذكرك بشخصيات مرت بك، فتعطيها مساحتها التي تستحق، ثم ما تلبث إلا أن تكتشف أن شخصيتهم كقشر بيضة لن تحتاج لفترة من الزمن حتى يظهر أنه غطاء هش، يحتاج إلى العناية كونه لن يصمد أمام النسمات فما بالك بالعواصف.

أحيانًا تُقرر أنك بحاجة إلى أن تبتعد عن أي شخصية جديدة قد تمُر في مسارك، لأنك قد سئمت من معرفةٍ تعرف نتائجها مسبقًا، وأحيانًا أخرى تريد أن تخرج من دائرة أمانك وتفتح باب استقبال الطاقات الجديدة، مع محاولة إيقاف الأحكام، لتكتسب معارف جديدة وتختلط بهم لتتجدد من جميع النواحي.

السلام الحقيقي هو مشاهدتك لواقعهم بهدوء مُثلج، وتتعامل معهم بما يستحقون من معاملة، فلا تحتاج إلى جهدٍ في طريقتك معهم، لأن شخصياتهم قد تعرت أمامك.

صحيح بأنه أمر محبط أن تشاهدهم حولك، لكن عليك أن تتركهم خلفك، وركز نظرك على الشخصيات الملهمة والأخرى التي تُقدمك إلى الأمام، فالشخصيات التي لا تثق بنفسها، أو التي تعتقد أنها معصومة من الخطأ، والأخرى التي ترمي أخطاء أفعالها على غيرها، والمترصدون الشامتون، والمرضى النفسيون، هم خلفك وليسوا بجانبك أو أمامك، وتأكد من وضعهم في أماكنهم الخلفية التي يستحقونها.

ومع كل هذه القوة التي تمتلكها، واكتسبتها، لا ضير من سكينة في مكان تشعر به بالأمان والحب، لأنك بحاجة لتلك الطاقة التي تغذيك، قوة، تحمّل، وراحة من الضغوطات التي تحيطك من كل جانب؛ فتلك الروح المحبة هي الوصل الذي يشبه الحبل السري الذي يمدك بكل ما تحتاجه في هذه الحياة لتقف، تبتسم، وتستمر في الانطلاق إلى الأمام.

حياتنا الإنسانية عبارة عن تجمعات بشرية، لا يعيشها الفرد بمفرده، فلا تتقوقع على نفسك، ولا ترمِ نفسك في مكان لا يشبهك، ولا تقع بين من يؤذونك وتقول: “هذا هو قدري الذي لا بد أن أرضى به”!

طول النَفس قد يكون ضرورة أحيانًا، وقصره واجب في كثيرٍ من الأحيان.

@2khwater

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني