فتاة تايلاند.. دروس وعبر

الأربعاء ٢٣ يناير ٢٠١٩ الساعة ١١:١٠ مساءً
فتاة تايلاند.. دروس وعبر

في تغريدة لإحدى المغردات على تويتر مخاطبة والدي فتاة تايلاند: نحن أهلكم مواطنو بلدكم نقف معكم قلبًا وقالبًا، ونثق تمامًا أنكم عائلة كريمة راقية… ابقوا مرفوعي الرأس.

من خلال هذه التغريدة والكثير من التغريدات الأخرى نستلهم أن المجتمع السعودي الخيِّر يرفض تلك التصرفات التي قامت بها تلك الفتاة التي فارقت أهلها وبلادها بكل رعونة رغم أنها تنتمي لمجتمع كريم وأسرة كريمة في وطن كريم.

وَلِي وَطـَـنٌ آلَيْتُ أَلاَّ أَبِيعَـهُ *** وأَلَّا أَرَى غَيْرِي لَهُ الدَّهْرَ مَالِكا

عَهِدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً *** كنِعْمَةِ قومٍ أصبحـوا في ظِلالكا

فقد ألِفَـتْهُ النفسُ حتَّى كأنه *** لها جسدٌ إنْ بانَ غودِرْتُ هالكا

ومن العقلي بل إن من البديهيات أن هذا الحدث يحتاج إلى مناقشة ودراسة ليس على مستوى الأفراد، بل قبل ذلك على مستوى الجهات المسئولة المتعلقة بالجوانب الاجتماعية والتعليم والإعلام وغيرها للمساهمة الفاعلة في عدم تكرار ذلك.

كما أن الحدث يحتاج إلى مناقشة ودراسة مستفيضة؛ حتى لا يتكرر ولا يُسكت عنه فيصبح ثغرة يستغلها أهل الزيغ والفتن وأعداء هذه البلاد لإغواء شبابنا بالباطل والكذب.

لقد اتضح جليًّا لكل ذي عينين أن الواقعة لم تكن بمعزل عن الأيادي العابثة المتربصة بهذه البلاد وأهلها، واتضح كذلك أن المملكة مستهدفة في دينها وأمنها وشبابها ليس على مستوى الأفراد بل حتى على مستوى الدول، قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ}.

كما أن ثمة أسبابًا داخلية لا نعفي أنفسنا منها، تتمثل مثلًا في غياب القدوات نسبيًّا على مستوى التعليم والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، وضعف مخاطبة تلك المرحلة العمرية وتفهم حاجاتها والمصارحة الأسرية والمجتمعية، وإلقاء الشباب في أتون الصراعات الفكرية المتكررة دون طائل مثل المتعلقة بالولاية والتي تركت لدى المتلقين.. فراغًا وصراعًا داخليًّا دون علاج ودون حوار من جهات مرموقة وموثوقة مثل الجامعات والجهات الاجتماعية.

إنه لا غَرْوَ أن من حاجات المراهق البحث عن القدوة، ولعل القدوات أصبحت أقل بروزًا مع جحافل مشاهير الفن والتواصل الاجتماعي الذين تغلب التفاهات والابتذال والتسويق على أطروحاتهم، في حين أن الشاب في حاجة إلى قدوات رصينة تاريخيًّا وإنجازيًّا وعلميًّا، وكل منجز لهذا الدين ثم هذا الوطن هو قدوة تستحق أن تكون مثالًا يُحتذى، وكل قدوة يجب أن تتمثل قدوة الأمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما تمثله في أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا}.

ولا ننسى الأسرة التي هي أول لبنة في بناء المجتمع، التي يجب أن يسودها التفاهم والمصارحة والمتابعة، والتي يجب أن يكثف تثقيفها من الجهات ذات العلاقة والعلماء والجامعات والمدارس ومن كل ذي علم وتخصص.

حمى الله هذه البلاد وولاة أمرها وأهلها من كل شر.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني