الذكاء الاصطناعي يسهم بـ 142 مليار دولار سنويًا في الاقتصاد
لأول مرة بالمملكة والعالم.. “التخصصي” ينجح في استئصال ورم دماغي باستخدام الروبوت
ترمب: وقف إطلاق النار في غزة ما زال قائمًا
البيئة تطرح فرصتين للاستثمار في قطاع المتنزهات الوطنية بمكة المكرمة
تسجيل 184 موقعًا تراثيًا وأثريًا وعمرانيًا جديدًا بهيئة التراث في الباحة
أمير الرياض يستقبل الهزري المتنازل عن قاتل ابنه ويشيد بموقفه
عادات صحية بعد الـ 60 تعزز الصحة والمناعة
عطل في “أمازون ويب سيرفيسز” يشل سناب شات
ضبط مواطن مخالف بمحمية الملك عبدالعزيز الملكية
ضبط مواطن لارتكابه مخالفة الشروع في الصيد دون ترخيص بتبوك
تفاجأت بالأمس القريب بفقدان صديق وزميل قديم، يكاد يكون أول شخص تربطني به صداقة قديمة جدًّا في هذه الحياة القصيرة.. إنه الأخ الحبيب والمعلم الأريب الذي كسب حب جميع من يعرفه الأستاذ محمد بن سعد بن ظافر الأسمري من قرية آل بشثة بوادي حوراء، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا به في الفردوس الأعلى من اللجنة.
حقًّا كان الأستاذ محمد أول صديق تعرفت عليه في المرحلة الابتدائية عندما كنت طفلًا صغيرًا لا يتجاوز عمري عشر سنوات. قصة صداقتنا في هذا العمر والذي لم يتجاوز عمرها المرحلة الابتدائية وبالتحديد أربع سنوات، ولكنني أتذكرها دائمًا وأبدًا، وكذلك هو- رحمة الله- يذكرها كل ما تقابلنا رغم قلة المقابلات مع بعضنا البعض خلال الـ50 سنة الماضية من أعمارنا؛ لظروف أعمالنا وتباعد أماكننا، لكننا لا ننسى تلك الأيام الجميلة، وخصوصًا من جانبي.
قصة صداقتي مع أخي الحبيب (غفر الله ذنبه) يمكن اختصارها في بضعة أسطر؛ كنت أعيش مع والدتي في قرية الصدر- حوراء- ببلّسمر، وكانت والدتي حريصة كل الحرص علينا؛ فهي لا تسمح لي بالابتعاد عنها البتة، وفي ذات الوقت كان عندها صديقة مقربة منها كثيرًا، ويقضون أوقات فراغهم التي لا تكاد تتجاوز الساعة الواحدة في الأسبوع؛ لكثرة مشاغلهن في تلك المدة. فكانت أجمل لحظات العمر أن أقابل ابنها “محمد” الذي كانت تحضره معها. كذلك محمد يأتي زيارة لوالدته فقط؛ حيث إنه يعيش مع والده، فقد تكون ساعة اللقاء مرة فقط في الأسبوعين.
لكن محمد كان يمتعني ويشنف سمعي بأبيات شعر جميلة جدًّا باللغة العربية، وأحيانًا مع تلحينها، كنت أعجب مما أسمعه من كلمات جميلة تتدفق من بين شفتيه تدفق النبع الصافي من بين أشجار وورد الغابة الخضراء. أحببت محمد وسماع هذه الأبيات الجميلة وبعض من القصص القصيرة التي تُكتب بماء الذهب. كان رحمه الله يحب الأدب واللغة العربية منذ طفولته في وقت لا يوجد فيه تلفزيون ولا مجلات ولا صحف ولا مكتبات، فقط يوجد “المذياع”. ولكن في تلك المدة قد لا يوجد إلا مذياع واحد في القرية بأكملها.
وأعتقد أن الحبيب والمغفور له بإذن الله، حظي بهذا الشرف العظيم والحظ الكبير. فقد جلب والده مذياعًا للقرية، أو أحد الجيران. أنا لست متأكدًا من مالك هذا المذياع، ولكني متأكد من أن محمد يحفظ ما يسمعه عن ظهر قلب. بل كان أحيانًا يقلد المذيع الكبير “بدر كريم” رحمه الله. محمد عانى كثيرًا في حياته من اليتم والفاقة وقِلَّة ذات اليد، ولكنه تغلب على ذلك بكل اقتدار، وأصبح معلم لغة عربية يشار له بالبنان، بل أصبح من أحب المعلمين إلى طلابه (رحمه الله رحمة واسعة)، ومن سماته رحمه الله أنه لا يتكلم إلا باللغة العربية مع الجميع داخل أسوار المدرسة أو خارجها.
كذلك عانى من مرض السكر كثيرًا، وأقعده في المنزل وفي المستشفى، وفقد رجله بسبب هذا المرض، ولكنه لم يمنعه من زيارتي في منزلي ببلّسمر عندما علم بوجودي، وكانت آخر مقابلة معه رحمه الله رحمة واسعة.
محمد
رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته
وجزاك الله خير يادكتور..