ظاهرة نادرة.. الشمس تتعامد اليوم بشكل عمودي تمامًا على الباحة
إنشاء 7 محطات لتربية ملكات النحل وإنتاج الطرود وتشغيلها عام 2026
الملك سلمان وولي العهد يهنئان رئيس الكاميرون
GMC الأمريكية تُوقف تصدير سياراتها إلى الصين
جامعة طيبة: استمرار التسجيل في برامج الدراسات العليا لغير السعوديين
المعرض الدولي للقطاع غير الربحي يشهد توقيع 142 اتفاقية ويستعرض التجارب الخليجية
لأول مرة في العالم.. نجاح عملية زرع مثانة بشرية في أمريكا
ارتفاع أسعار النفط مدعومًا بمكاسب محدودة
الربيعة يتفقد جاهزية المشاعر المقدسة لاستقبال ضيوف الرحمن
توقعات الطقس اليوم: رياح وغبار تحد من الرؤية في 9 مناطق
لا زلت أذكر صديقتي الأمريكية اللبنانية في نيويورك عندما كنا نتحدث عن الثورات العربية ومفهوم الديمقراطية العربية، وما هي الحرية والعدالة التي تطالب بها الشعوب، واختلاف مفاهيم تلك المصطلحات بحسب وعي المواطن وفهمه واستيعابه، لم تكن صديقتي سوى مهتمة بالسياسة وبالمتغيرات السريعة تتابع من شاشة إلى شاشة وتقرأ كل الكتب والتحليلات بشغف، ومع كل هذا قالت لي عندما طالب عدد من المؤدلجين والسذج بثورة (حُنين) للمظاهرات والاحتجاجات في السعودية عام ٢٠١١ :لا تبيعوا وطنكم، التفت إليها بابتسامة تعجب قائلة: نحن شعب وفاء لا نبيع وطناً ولا نخون ولو بأغلى ثمن.
وبالفعل فشلت تلك الدعوات وخسر الأعداء في قطر وغيرها كل تلك الأصوات الناعقة الناقمة للسعودية فلم تظهر إلا ثورة الوفاء لوطن وقيادة.
بعدها بأيام التقيت صديقتي وسألتها: ما رأيك في ثورة وفاء السعودية؟
فقالت: أعظم ثورة وأعظم وفاء، وعندما قلت لك لا تبيعوا وطنكم؛ لأني عشت جحيم بيع الوطن.
بدأت صديقتي تبكي بحرقة وهي تقول: عندما يبيع الإنسان وطنه فهو يبيعه بالخيانة من أجل مصلحته وتحقيق أهدافه، وهذا ما حدث في لبنان وسوريا باعوا أوطانهم بثمن بخس من أجل مصالحهم، أنا لم أرَ خالتي منذ ٣٠ عاماً ولم أجتمع بعمومتي منذ ٣٥ عاماً، والدي مات في ألمانيا وأمي في روما، عمر طويل ونحن مفترقون بعد أن كانت الضيعة تجمعنا.
ليست عائلتي فقط بل معظم العوائل المهاجرة لا نعرف عن بعضنا إلا المآسي والتشرد، ولا يجمعنا سوى مهاجرين في المهجر وبجنسيات أجبرتنا الحاجة والذل والهوان أن نحصل عليها فقط لنعيش وليعيش أبناؤنا بسلام وأمان، نحن مهاجرين بهوية مركبة وليست هويتنا الأصلية.
نحن نفتقد الوطن والهوية والمكان والإنسان، ونفتقد شعور مَن يمتلك وطناً، وأنتم في السعودية في وطن لا يُقدر بثمن، آه يا صديقتي! ليتني أعود إلى وطني. انتهى كلام صديقتي.
أعلم أن صديقتي تحترق على وطنها وتتمنى لو تعود، وهنا يدرك الإنسان حجم وقيمة وطنه عندما يرى ويسمع ويتابع المهاجرين العرب في كل أصقاع الدنيا، خاصة ممن ابتُلوا بحروب ونزاعات وصراعات حجم ومعنى الانتماء والوطن.
الوطن هو أن لا تقف خلف أبوابه وترجم ثوابته وأهله ووحدته ووصفه بشعارات كاذبة تدّعي الإنسانية والانتصار للعدالة، فمن يدفع لك من أجل أن ترجم وطنك اليوم سيرمي بك في أي لحظة وبلا رحمة؛ لأنك لم تعد صالحاً للاستعمال، وهذا شأن ومصير كل خائن ونهاية كل بائع لوطنه.
ختاماً
الوطن هو كل شيء، ومَن يبيع وطنه هو لا شيء.