جامعة الباحة تعلن تمديد القبول للدراسات العليا
عيد الأضحى الجمعة 6 يونيو فلكيًا
طرق تخفيف قلق الطلاب خلال فترة الاختبارات
3 لقاحات إلزامية في موسم حج 1446
ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 2%
توقعات الطقس اليوم: شديد الحرارة مع غبار ورياح
طعن عشوائي في محطة قطار هامبورج الألمانية وإصابة 17 شخصًا
وظائف شاغرة في فروع شركة BAE SYSTEMS
وظائف شاغرة لدى شركة الفنار
وظائف شاغرة بـ هيئة الزكاة والجمارك
لا زلت أذكر صديقتي الأمريكية اللبنانية في نيويورك عندما كنا نتحدث عن الثورات العربية ومفهوم الديمقراطية العربية، وما هي الحرية والعدالة التي تطالب بها الشعوب، واختلاف مفاهيم تلك المصطلحات بحسب وعي المواطن وفهمه واستيعابه، لم تكن صديقتي سوى مهتمة بالسياسة وبالمتغيرات السريعة تتابع من شاشة إلى شاشة وتقرأ كل الكتب والتحليلات بشغف، ومع كل هذا قالت لي عندما طالب عدد من المؤدلجين والسذج بثورة (حُنين) للمظاهرات والاحتجاجات في السعودية عام ٢٠١١ :لا تبيعوا وطنكم، التفت إليها بابتسامة تعجب قائلة: نحن شعب وفاء لا نبيع وطناً ولا نخون ولو بأغلى ثمن.
وبالفعل فشلت تلك الدعوات وخسر الأعداء في قطر وغيرها كل تلك الأصوات الناعقة الناقمة للسعودية فلم تظهر إلا ثورة الوفاء لوطن وقيادة.
بعدها بأيام التقيت صديقتي وسألتها: ما رأيك في ثورة وفاء السعودية؟
فقالت: أعظم ثورة وأعظم وفاء، وعندما قلت لك لا تبيعوا وطنكم؛ لأني عشت جحيم بيع الوطن.
بدأت صديقتي تبكي بحرقة وهي تقول: عندما يبيع الإنسان وطنه فهو يبيعه بالخيانة من أجل مصلحته وتحقيق أهدافه، وهذا ما حدث في لبنان وسوريا باعوا أوطانهم بثمن بخس من أجل مصالحهم، أنا لم أرَ خالتي منذ ٣٠ عاماً ولم أجتمع بعمومتي منذ ٣٥ عاماً، والدي مات في ألمانيا وأمي في روما، عمر طويل ونحن مفترقون بعد أن كانت الضيعة تجمعنا.
ليست عائلتي فقط بل معظم العوائل المهاجرة لا نعرف عن بعضنا إلا المآسي والتشرد، ولا يجمعنا سوى مهاجرين في المهجر وبجنسيات أجبرتنا الحاجة والذل والهوان أن نحصل عليها فقط لنعيش وليعيش أبناؤنا بسلام وأمان، نحن مهاجرين بهوية مركبة وليست هويتنا الأصلية.
نحن نفتقد الوطن والهوية والمكان والإنسان، ونفتقد شعور مَن يمتلك وطناً، وأنتم في السعودية في وطن لا يُقدر بثمن، آه يا صديقتي! ليتني أعود إلى وطني. انتهى كلام صديقتي.
أعلم أن صديقتي تحترق على وطنها وتتمنى لو تعود، وهنا يدرك الإنسان حجم وقيمة وطنه عندما يرى ويسمع ويتابع المهاجرين العرب في كل أصقاع الدنيا، خاصة ممن ابتُلوا بحروب ونزاعات وصراعات حجم ومعنى الانتماء والوطن.
الوطن هو أن لا تقف خلف أبوابه وترجم ثوابته وأهله ووحدته ووصفه بشعارات كاذبة تدّعي الإنسانية والانتصار للعدالة، فمن يدفع لك من أجل أن ترجم وطنك اليوم سيرمي بك في أي لحظة وبلا رحمة؛ لأنك لم تعد صالحاً للاستعمال، وهذا شأن ومصير كل خائن ونهاية كل بائع لوطنه.
ختاماً
الوطن هو كل شيء، ومَن يبيع وطنه هو لا شيء.