“صفحات المطلقات”..حكايات مثيرة من على أبواب “النفق المظلم”

الإثنين ٦ يناير ٢٠١٤ الساعة ٢:٣٨ صباحاً
“صفحات المطلقات”..حكايات مثيرة من على أبواب “النفق المظلم”

تحت مسمى ” مطلقة ” ، تزدحمُ مواقع التواصل الاجتماعي بالصفحات و الحسابات التي تسعى لجذب المتابعين من كل الأعمار ، سواء عبر التلويح بسهولة التواصل أو إدِّعاء الحاجة لزوج بمواصفات غير متوافرة أمامهن في الحياة الواقعية .

و يعكس الحضور الكثيف لصفة ” مطلقة ” في الفضاء الإلكتروني الحضور الواقعي المرتفع لظاهرة الطلاق في السعودية ، إذ تشير إحصائيات متنوعة إلى أن نحو 40 % من الزيجات تنتهي بالطلاق لأسبابٍ متنوعةٍ ، في حين تتركز النسبة الأكبر من المطلقات في الفئة العمرية التي تقع بين 30 و34 سنةً وتليها المطلقات اللواتي تنحصر أعمارهن في الفئة العمرية الواقعة بين 35 و39 سنةً وذلك من إجمالي عدد المطلقات.

إلا أن هذا الارتباط الشكلي لا يعني صحة وصف ” مطلقة ” على من يطبقنه على أنفسهن ، فهناك – كما قال نشطاء إلكترونيون – نساء من جنسيات مختلفة يتسترن خلف هذه الصفة من أجل النفاذ لأوساط الرجال و ابتزازهن ، اعتماداً على أن هذا الوصف من شأنه أن يجذب الباحثين عن التسلية أو قضاء وقت الفراغ .

كما ذكر نشطاء آخرون أن هناك حسابات ينشئها شباب يسعون لاستقطاب الفتيات ، ثم خداعهن للحصول منهن على صور و تفاصيل حياتية يُمكن استغلالها لابتزازهم على نحو ما حدث في وقائع كثيرة حققت فيها هيئةُ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، خلال السنوات الماضية .

و يلاحظ أنه ، و على الرغم من تعدد صفحات المطلقات السعوديات على ” تويتر ” و” فيسبوك” ، فإن السمة المشتركة بينها هو ضخامة عدد المتابعين و الأصدقاء ، لدرجة أن بعضها على ” فيسبوك ” جذب بعد تدشينه بوقت وجيز الحد الأقصى من الصداقات المسموح بها ( 5 آلافٍ ) ، ما دفع القائمين ( أو القائمات ) عليها لإنشاء صفحات جديدة .

أما في ” تويتر “، فلاحظت ” المواطن ” أن هناك إقبالا لافتا على كل حساب حمل مسمى مطلقة ، علماً بأن بعضاً من هذه الحسابات يتضمن أرقام جوالات موضوعة كوسيلة للتواصل ، الأمر الذي يسهِّل من فرص الوصول لمن يديرونها ، دون الحاجة لجهد كبير.

و تعكس قوائم الأصدقاء و المتابعين على صفحات و حسابات “المطلقات السعوديات” تنوعاً في الجنسيات و الأعمار و الثقافات ، لكنها تعكس تشابهاً بين العرب في سهولة الانجذاب لسيدات يبدين رغباتهن في البوح و الفضفضة و أشياء أخرى .

و يظهر جرداً لعينة من حسابات المطلقات السعوديات على ” تويتر ” أن معظمهن يقدم نفسه كضحية لطرق الزواج التقليدية ، التي أجبرتهن على الارتباط المبكر بشباب لم يكونوا بمستوى الطموح ، بينما تحمِّل أخريات أهاليهن ، خاصةً الأمهات ، مسئولية فشلهن ، الذي دفعهن للتمرد و الانطلاق بحثاً عمن يجدن معه حياة أفضل ، حتى لو كان من بلد غير السعودية .

أكثرهن أدباً قالت في تعريفها لحسابها على ” تويتر ” إنها تبحث عن رجل قبلي يفضل أن يكون جنوبيا ، تشترط فيه أن يكون مثقفاً وطيباً وحنوناً .تريد منه أن يحبها ويحترمها و يقدرها ، مع ضرورة تمتعه برحابة الصدر و الشهامة و الكرم و الصدق .

و خلال 6 أشهرٍ فقط نشط خلالها هذا الحساب، ووصل عدد متابعيه نحو 40 ألفا لم يعلق أحد منهم على أي من تدويناتها التسع على الرغم من إعادة التغريد الكثيف لما سجلته، وكان في أغلبه استشهادات لكبار الكتاب العالميين عن الوحدة و الألم والفوارق بين الرجل و المرأة .

و يكشف تتبع تاريخ هذا الحساب سر الارتفاع اللافت لـ ” إعادة التغريد ” مقابل الصمت النسبي من جانب صاحبة الحساب نفسه ، فالذي حدث أن ” المطلقة السعودية ” طلبت ممن يريد أن يتواصل معها أن يقوم بذلك حتى تتمكن من عمل متابعة له ، وهكذا لم تمض سوى أيام حتى بات لكل 500 ناشر على الأقل .

و يبدو أن التعريف الذي قدمته” المطلقة السعودية ” لنفسها قد منحها درجةً عاليةً من المصداقية ، فقد ذكرت أنها “انثى جنوبية جميلة طموحة حبوبة طيوبة رومانسية جداً اجتماعية فرفوشة رزينة عمري 43 عام طولي 167 مطلقة أولادي مع والدهم أسكن الرياض”.

و على الرغم من استمرار هذا الحساب لأكثر من 8 اشهرٍ ، فإن المطلقة لم تهتم بمتابعة أي شخص ممن حاولوا التفاعل معها ، حيث اكتفت فقط بالنظر إلي 4 حسابات كلها ذات طابع إخباري و فني ، وذلك قبل أن توقف حركتها على الحساب قبل 5 أشهرٍ فقط ، دون أن تعرض على متابعيها هل وصلت للرجل الذي تبحث عنه أم لا ؟.

و اللافت أن مطلقة أخرى جعلت لمدينة جدة نصيب من اسم حسابها ، ظهرت في ذات الفترة على ” تويتر ” لكن بهدف آخر هو تجميع أكبر عدد من الشباب و إدارة ما يشبه شبكة تواصل اجتماعي ، يتعارف من خلالها المتابعون تليفونياً ، و يدخلون معها في رهانات و سباقات تشير بوضوح إلى أن الحساب مجرد واجهة لأفعال غير شرعية .

و خلال عام ، وصل عدد متابعي هذه المطلقة أكثر من 30 ألفا ، وقالت صاحبة الحساب إن حرصها على التواصل معهم يمنعها من التغريد اليومي ، مضيفةً أنها تسمع للجميع و مستعدة للتواصل معهم شرط أن يكون أسلوبهم ” ذوق شوية “.

لكن صاحبة الحساب ، و على الرغم من انشغالها بالتواصل على الخاص مع متابعيها – حسب قولها – سجلت في عامها الأول على موقع التواصل الاجتماعي 358 تغريدة ، ركزت في معظمها على إدارة علاقاتها بمتابعيها و تنظيم طرق الاتصال و إجراء مسابقات بينهم للحصول على جوائز شملت بطاقات شحن أو تعريف الفائزين على زميلات لها .

أكثر من ذلك ، ظهرت حسابات إباحية عديدة بمسمى مطلقة ، مع تنويع الأماكن و الأوصاف ، و إن اتفقت غالبيتها في الهدف ، وهو الحصول على الأموال مقابل توفير ” ما يبغاه الرجال “!!

وبينما يصعب على الجهات الرقابية منع إنشاء حسابات من هذا النوع ، سواء على ” تويتر ” أو فيسبوك” ، خاصة إذا كان الأمر يتم من خارج المملكة ، يبدو أن دور وسائل الإعلام و الدعاة و المدارس و الجامعات ، فضلاً عن الأسرة ، هو الأقدر على التصدي لهذه الآفة وتطويقها قبل أن تستفحل و تصبح ظاهرة .