الأمير سلمان في عالم “تويتر”

الثلاثاء ٢٩ أبريل ٢٠١٤ الساعة ١:١٥ صباحاً
الأمير سلمان في عالم “تويتر”

حين قال وينستون تشيرشل: “التاريخ مهنتي”، لم أجد أحداً تنطبق عليه هذه المقولة، أكثر من الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي عهد المملكة، والرجل الباحث في التاريخ، العالم بقصص الجزيرة العربية، وأهلها، وأحداثها. حديث التاريخ، للذين يعرفون رجل الدولة الكبيرة، هو الأكثر متعة، والأكثر اهتماما، بالنسبة إليه، لذلك حين يقرر رجل التاريخ، أن يتحرك مع المستقبل، كيف يمكن أن يكون شكل هذه الخطوة؟

في اعتقادي، أن دخول الأمير سلمان عالم “تويتر” أكد قدرة الأمير التحديثي، على التفاعل مع التاريخ وحركته، وزخمه الإنساني الواسع، خصوصا أن مواقع التواصل الاجتماعي، و”تويتر” على وجه الخصوص، هي المكان الأفضل، والأسرع تأثيراً، وقدرة، على التفاعل مع الشباب، وسماع رسائلهم، وأحلامهم، وأفكارهم.

في المملكة أكثر من تسعة ملايين شاب، وهناك مئات الألوف من الشبان خارج المملكة، وهذا الخزان البشري الهائل من الطاقات، وحركات الأفكار، والطموحات، ليس من الآمن تجاهله، أو تركه للظروف، أو الصدف، بل بحاجة إلى عمل منظم، يحتوي هذه الطاقة البشرية، تحت مظلات الدولة الرسمية، بمختلف مجالاتها، وتطويعها، لبناء البلاد، وتجديد دماء مؤسسات الدولة.

كانت تغريدات الأمير فاتحة تغريد رسمية، في الدولة، التي يتهمها الآخرون بأنها محافظة، تتخلف عن التقدم العصري، في نظرهم. كان لافتاً مؤخراً أن اختار الأمير سلمان مناسبة اليوم الوطني، لإعادة تفعيل تواجده على الإنترنت، وكانت التغريدة تهنئة للشعب السعودي بهذه المناسبة، وتنبيه عن ضوابط الاحتفال باليوم الوطني، ثم تبعتها تغريدات عن نشاطات الأمير المحلية، والسياسية.

يتابع ولي عهد المملكة، في توتير، أكثر من 800 ألف متابع، وأغلب الردود على تغريدات رجل الدولة الكبير، هي أفكار، وخطط، لتطوير البلاد، يكتب معظمها شبان من داخل البلاد، ومبتعثون خارج الحدود. كل هذه الأصوات الشابة في “تويتر” اختارت الأمير سلمان مرجعاً لطموحاتها الوطنية، ونافذة الوصول إلى صانع القرار في المملكة.

ميزة “تويتر”، وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، أنه نافذة صريحة، يمكن من خلالها لصانع القرار أن يتلمس الجو العام في البلاد، ومن ثم يبني عليه أفكاره، وتصوراته، لما يمكن أن يكون له الأولوية في طلبات المواطنين، إضافة إلى أن جو الحريّة العام المُطلق، في العالم الافتراضي، هو ماكينة اختبار لأي مسؤول حول قدرته على التفاعل مع طموحات جيل جديد وأفكاره، بل حتى انتقاداته.

لقد اختار الامير ان يؤمن بتحرك التاريخ، وتراكم خبرة الأجيال، ولذلك عيّن شاباً اكتشف مواهبه، وجرأته، وهو ابنه محمد بن سلمان، رئيسا لديوانه، في خطوة تؤكد أن الكفاءة، لا العمر، هي مقياس الاختيار، وفتح جسر جديد مع جيل مختلف، له أحلامه، وتطلعاته.

لا أحد ينسى علاقة الأمير سلمان بمدينة الرياض. الأمير سلمان في نظر سعوديون كُثر يعتبر باني الرياض الحديثة، التي تتمدد بشكل مستمر وسط ازدهار اقتصادي لا مثيل له، وهو بذلك يكون استطاع الموائمة بين النمط التقليدي للمدينة وساكنيها مع ركب الحداثة اقتصادياً ومعمارياً، التي بدأت تبرز أثار واسعة للتقدم في المدن السعودية.

أما بالنسبة لنا كإعلاميين فنعتبره من الآباء الروحيين للإعلام العربي الحديث، كونه يملك شبكة واسعة من الاتصالات والعلاقات في سائر أنحاء الوطن العربي، وماكيناته الإعلامية، خلال أكثر من نصف قرن أمضاها في الاقتراب أكثر فأكثر من ردهات الإعلام وصانعيه. وربما لا يعلم كثيرون أن للأمير لمسات في صحيفة الشرق الأوسط منذ بدايته، تتعلق بالجانب المهني، لا الإداري فحسب. لمسات صحافية كان منها اهتمامه بالصفحة الأولى، وكيف أن الأمير كان يطلب نشر ملخص عن الخبر بدلاً من بتره، وتكملته داخل الجريدة. وهذه فكرة صحافية لافتة في وقتها، ومضت عليها معظم الصحف العربية، بعد ذلك.

كلي أمل في كتاب يتحدث عن الباحث، والصحافي، في داخل الأمير الكبير، وأنا متأكد أن هنالك عشرات القصص لا يعرفها جيلي، وستثير اهتمامهم.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني