قنوات الأطفال التلفزيونية.. بين “التثقيف” و”التسخيف” وأثرها على سلوك الطفل

الأربعاء ٢٩ أكتوبر ٢٠١٤ الساعة ١٠:٢٨ صباحاً
قنوات الأطفال التلفزيونية.. بين “التثقيف” و”التسخيف” وأثرها على سلوك الطفل

في حقيقة علمية مثبتة أن مشاهدة التلفاز لأكثر من 4 ساعات يومياً يتسبب في قلة التركيز لدى الأطفال تحديداً، فاليوم يربط علماء وأخصائيون في علم النفس “التلفزيون” بتزايد حالات العنف والسمنة وأمراض عدة كالتوحد بين الأطفال، وما تقدمه القنوات الموجهة للأطفال خاصة.
والمتابع لتلك القنوات التي وصلت إلى ما يقارب 100 قناة يلاحظ أن أغلب برامجها المطروحة فيها استنزاف فكري وصحي وثقافي للطفل من خلال تحويلها مواد رقص وأغانٍ وعنف ومشاهد خارجة عن الآداب العامة وصولاً لتفريغ الطاقة لدى الطفل في ما يضره.
ويلاحظ في الفضائيات اليوم أنها تشبه برامج الواقع، فنجد أطفال فقدوا براءتهم بينما آباؤهم وأمهاتهم يستحوذون على الشاشة 24 ساعة، تنقل لنا كل جديد يطرأ على بيتهم، ومنشدين يسرقون ألحان الأغاني على أنها أنشودة؛ لتحجب رسالتها الأصلية كوسيلة من وسائل التثقيف والتربية، لا ننكر الوجه الآخر بوجود فضائيات ذات نهج متزن وقيمة معلوماتية غنية تحاكي عقلية الأطفال وتنمي قدراتهم ومواهبهم، لكنها قلّ ما تُذكر، تنحرف معظم فضائيات الأطفال عن مسارها الحقيقي، فبدلاً من أن تكون مظلة تربوية تهذيبية سلوكياً تهتم بالطفل وتجاري مداركه اللا محدودة وهدفاً لخلق جيل واعٍ، وفي المقابل يعاني بعض الآباء والأمهات من حجم التأثير السلبي على أبنائهم نتيجة ما تبثه هذه القنوات من برامج مدمرة للطفل وتُكسبه عادات غريبة، موضحين أنه لم تعد أجواء المدرسة والكتب والمعلم مرغوبة، إن الأطفال ما بين 3 سنوات حتى 10 سنوات تغلب على أحاديثهم مع أهلهم ألفاظ بذيئة تعلموها، وتقمص إيماءات وحركات غريبة وغير مفهومة، وإصابتهم بقصر النظر والانطواء.
وأوضحت الأخصائية النفسية أسماء الشاوي، أن القنوات الفضائية تؤثر على الأطفال بشكل كبير وتجذب الطفل بقوة بسبب الألوان والحركات، وبالتالي تسبب عدم التركيز للطفل، ولقد وجد العديد من الحالات عند الأطفال أصابهم التوحد وأرجعوا السبب إلى قنوات أناشيد الأطفال بالذات، وكذلك ما يبث في القنوات من برامج يدس فيها ما يدمر الطفل عقَدياً إلا من رحم ربي، وهذا لا يعني أنه لا توجد قنوات مفيدة، بل هناك توجه جيد للقنوات التي تراعي عقيدتنا.
وبينت الأستاذة شهد العسكر: لكل تقنية من التقنيات الأثر السلبي أو الإيجابي على الشخص، ولكن تحديد هذا الأثر يكون تحت اختيار الوالدين للقنوات الفضائية ومراقبة الأبناء بغرض التوجيه والنصح وليس التوبيخ، فمن آثارها السلبية على الأطفال: زيادة معدلات السمنة نتيجة الجلوس لساعات طويلة مع الأكل بكثرة، صناعة التوجهات الخاطئة والقيم إن لم يصاحبها توجيه من الوالدين، وبالتالي التأثير على النفس والمجتمع الخارجي بطريقة خاطئة، ممارسة سلوك الانطواء أكثر من التفاعل الاجتماعي مع الآخرين.
أما التأثيرات الإيجابية إن كانت قنوات صالحة تريد بناء الذات الفردية فهي تسعى لإثبات قيم وتوجهات راسخة تفيد الذات والمجالات النفسية، ولكن للأسف الكثير من القنوات الفضائية تقدم ما لا ينفع ويهدم شخصية الطفل التي تتكون في المراحل المبكرة؛ مما يؤثر سلبياً على المراحل اللاحقة.
وترى الأستاذة فاطمة الوهيبي: تختلف القنوات في نوعية ما تقدمه، منها ما هو تعليمي أو ترفيهي وغيرها، لكن مهما كانت القناة مخصصة للأطفال؛ يجب على الأهل عدم تسليم أطفالهم لها من غير رقابة وتحديد أوقات معينة وبرامج معينة بما يتناسب مع سن الطفل، فقد أصبح الطفل يقضي وقته أمام التلفاز أكثر من قضائه مع الوالدين للأسف الشديد.
وأضافت “الوهيبي”: كمية الاستخفاف في قنوات الأطفال والتي تعتمدها نهجاً تسير عليه، لغرض الربح السريع، يدق أجراس الخطر، غير مدركين لمردود ما ينشرونه على تربية الطفل، أصابع الاتهام على الرؤوس المحركة والداعمة والممولة بترويج ثقافة العنف والرقص وتغريب للغة العربية والعبث بها لتصبح لغة أطفالنا لغة شوارع، لكن هذا لا يعني تبرئة الوالدين من المعمعة الحاصلة بقنوات الطفل والخاسر هم؟ فهم عين الرقيب والرادع لوقف طوفان التخريب على كيان صغارنا، نعم هناك عوامل فرضت بالأصح على أجيالنا، وهنا بإمكاننا قياس دور الاهتمام والرعاية والرقابة التي يوليها الأب والأم اختيارات الطفل ومشاهداته للعروض المطروحة سواء الترفيهية والتعليمية، ليكون حجم العلاج والسيطرة على مواقف وكوابيس وفقدان السيطرة قد تدخلنا إلى عالم أشبه بالمتاهة ونفقد أطفالنا.
وأكد المختصون في المجال النفسي أن الحلول متوفرة بين يدينا تحتاج فقط لتفعيل دورها الحقيقي لكي نضمن سلامة أطفالنا صحيًّا وتربويًّا بتكثيف الرقابة، وترغيبهم في المادة المشاهدة في التلفاز المناسبة لأعمارهم ومستوى تفكيرهم، ومعالجة الخطأ بالبدائل المناسبة التي يتطلبها الموقف دون توبيخ.