“المواطن” تواكب سيرة ومسيرة سعود الفيصل الممتدة 40 عاماً

الأربعاء ٢٩ أبريل ٢٠١٥ الساعة ١٢:٠٩ مساءً
“المواطن” تواكب سيرة ومسيرة سعود الفيصل الممتدة 40 عاماً

لم يكن وزيراً عادياً بل كان استثنائياً، اليوم يوم حزين لوزارة الخارجية السعودية وكرسي الوزارة وهو يرى مَن جلس عليها طوال 40 عاماً يغادره في مشهد حزين وقاسٍ لا يمكن تخيله، لكنها سُنة الحياة والظروف الصحية التي عانى منها الأميرُ سعود الفيصل حتى تم إعفاؤه من الوزارة لظروفه الصحية.
الفيصل كانت حياته مليئة بالمحطات المفرحة والمتعبة، مناصرة القضايا العربية والإسلامية كانت ضمن أولوياته، كان سفيراً للعرب وقضيته وهمّه الأول هي فلسطين، ملامح حياته الشخصية كانت عادية، فهو شغوف بالقراءة، ومحب للعمل، دقيق في الوقت، أذهل صُناعَ القرار العالمي بردود غير متوقعة، حين تقرأ مشاهدات حياته تجدها مثيرةً للاهتمام وتحتاج إلى وقت طويل.
وتستعرض “المواطن” ذلك في رؤية من خلال نافذة مسيرته بالوزارة وربطها مع حياته الشخصية وموقف زعماء العالم من الوزير الحديدي.

إضاءات في حياة الوزير اليومية
سعود الفيصل كان موسوعةً ثقافية متنقلة لا يُضيع وقته فيما لا فائدة فيه، هكذا عرفه المقربون منه، نمط حياته دائماً يشغله في المفيد حتى وقت سفره الطويل للعواصم حول العالم كان يأخذ حيزاً من وقته الكبير داخل الطائرة يقضيه في القراءة والاطلاع وإنجاز المهمات، ويستقطع وقتاً قليلاً فقط للنوم، من هواياته خلاف القراءة والاطلاع “القنص”، وُلد بالطائف عام 1940م، وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون، يعتبر الرجلَ الأدق والأسرع وقتاً في عداد العالم، وهو من القلائل الذين لا يوجد لديهم وقت للنوم.

تعيينه وتسلمه منصب الوزير
صدر أمر ملكي رقم أ/55 في 17/3/1395هـ بتعيين صاحب السمو الملكي وزيراً للشؤون الخارجية وعضواً في مجلس الوزراء، وبدأ الفيصل مهام إدارات أهم الوزارات بالمملكة والتي تحمل عُمقاً وبُعداً استراتيجياً لكل دولة في علاقاتها الدولية وإيصال صوتها للعالم من خلال وزير الخارجية.

مواقفه من قضايا الأمة
كان موقفه من قضية العرب الأولى ثابتاً وهي القضية الفلسطينية، خطاباته في مجلس الأمن وأمام المجتمع الدولي كانت نصيرةً للقضية وتسعى لتحقيق السلام وإقامة دولة فلسطينية، الفيصل كان بمثابة الشوك في حلوق اليهود.
تُروى قصصٌ عنه أنه في ذات مرة قَبِلَ الجلوسَ مع مبعوثي اليهود في طاولة حوار لكنه اشترط أن يدخل هو من باب وهم من باب آخر، وعندما بدأ الوفدُ اليهودي بالحديث أزال السماعةَ مُبدياً عدم اهتمامه بما يقولون، قضية فلسطين كانت تشغله كثيراً، وكان حزيناً من الدعم العربي حيالها، ويبوح في أحاديثه مع الدبلوماسيين والكُتاب الأجانب بـ «خيبة أمل» كبيرة إزاء ما قدّمه العربُ والعالم المتحضر للقضية الفلسطينية.
ويُنقل عنه قوله: «لم نر بعدُ أيَّ لحظة من الفرح في كل هذا الوقت.. لقد شهدنا أزمات وصراعاً فقط، وكيف يمكن أن يكون لديك أي متعة في أي شيء يحدث عندما يكون لديك شعبٌ منكوب مثل الفلسطينيين».

موقف مؤثر
ذرفت دموعُ وزير الخارجية حين حضر جلسةً لمجلس الشورى وهو يتذكر الراحلَ الكبير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- وأنه لم يره قبل وفاته ولم يُشيع جنازته، حيث أجبرته ظروفُه الصحية أن يبتعد عن الوطن وكانت دموعُه مؤثِّرةً للغاية في نفوس الجميع.

قالوا عنه
– «سعود الفيصل يعادل اللوبي اليهودي، بل إنه وحده يعتبر «لوبياً سعودياً». كولن باول – وزير الخارجية والدفاع الأمريكي الأسبق
– «لو كان لديّ رجلٌ كسعود الفيصل، ما تفكك الاتحادُ السوفيتي وانتهى». ميخائيل جورباتشوف – آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي
– «الأمير سعود الفيصل أكبر الساسة حِنكة وحكمة في العالم». برنار كوشنير – وزير الخارجية الفرنسي الأسبق
– «سعود الفيصل لا يأبه بأن يفقد وجاهته أو علاقته كما هم الكثيرون. يُحب الحقَّ والوضوح». ديفيد ميليباند – وزير الخارجية البريطاني الأسبق
نهاية المشوار بعد الأربعين.
اليوم أُسدل الستار على عميد الدبلوماسيين عالمياً والمفوه والحصيف والرصين في خطاباته الأمير سعود الفيصل، بعد مسيرة امتدت 40 عاماً كان فيها منارةً وتاريخاً يُروى، وتحكيه الأجيال جيلاً بعد جيل.
“لن ننساك يا سعود” نطقت بها ألسنُ السعوديين من خلال تغريدات في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” وإن كان لرحيلك غُصَّة في القلوب والعيون، إلا أن العزاء الوحيد هو تعيينك وزير دولة وعضواً بمجلس الوزراء ومستشاراً للملك ومبعوثاً خاصاً له ومشرفاً عاماً على الشؤون الخارجية.
وباختصار وفيت وكفيت ولك الشكر بحجم الوطن يا عميد الدبلوماسيين.