الطويرقي: بعض مرتكبي الجريمة يعانون أمراضاً نفسية

الأحد ١٧ مايو ٢٠١٥ الساعة ١٠:٤٥ صباحاً
الطويرقي: بعض مرتكبي الجريمة يعانون أمراضاً نفسية

ضبط مركز السلامة بشرطة محافظة الطائف، مواطناً في العقد الرابع من عمره -يعاني مرضاً نفسياً- قتل وافداً إفريقياً من جنسية عربية التقاه عند أحد المساجد الكبيرة في المنطقة المركزية بالطائف، واعترضه وسدَّد له طعنات أودت بحياته.
الدكتور ياسر الطويرقي -الأستاذ المساعد في الطب النفسي المدير السابق لمستشفى النفسية- علَّق على الحادثة بالقول: أي اعتداء بالقتل يستدعي الانتباه من المختصين الاجتماعيين وكذلك النفسيين، والذي يهمنا في هذا الجانب أن بعض هؤلاء من مرتكبي الجريمة يعانون أمراضاً نفسية، وهذا يسمى بالمرض الذهاني وهو مرض عقلي يكون فيه المريض غير مدرك لتصرفاته ولا يعي عقلياً يما يقوم به، وعادة تكون هذه الجرائم نتيجة أمرين مهمين:
الأول: هو الاعتقادات الخاطئة من المريض النفسي وهي ما تسمى عند الأطباء النفسيين الظلالات، حيث يعتقد المريض اعتقاداً جازماً خاطئاً أن شخصاً ما يريد أن يعتدي عليه أو يضره بضرر معين أو أنه يرد أن يسحره أو يصيبه بالعين أو يريد قتله أو يسبب له الضرر بأي طريقة واعتقادات خاطئة كثيرة جداً كلها تكون غير واقعية وغير منطقية.
الأمر الثاني والذي يشتكي منه المريض الذهاني: أن المريض الذهاني يسمع أصواتاً حقيقية كما يسمع أحدنا صوتاً من خارج رأسه بأن أحداً يكلمه، ويسمع المريض لصوت غير موجود يقول له أموراً كثيرة منها أمره بعمل كذا بقتل فلان بالاعتداء عليه مثلاً كما سمعنا في حالات كثيرة من المرضى النفسيين الذهانيين، يقول المريض سمعت صوتاً يقول اقتل فلاناً جارك وصوتاً آخر يقول جارك يبغي يتعشى فيك لازم تتغدا فيه، لابد أنك تنتقم منه لأنه هو السبب في أذيتك وأذية أهلك، طبعا هذه أمور مؤكدة في الطب النفسي، وقد يفسرها بعض غير المختصين أنها أمور ترجع للسحر والشعوذة.
وأضاف الدكتور ” الطويرقي “: ما يهمنا من ناحية الطب النفسي أن نحاول قدر الإمكان منع حدوث هذه الجرائم الخطيرة والقاسية على المجتمع، وذلك بتفهم أن نسبة من هذه الجرائم تكون بسبب المعاناة العقلية أو الذهانية، ومن أهم الأمراض في هذا المجال هي الأمراض الذهانية العقلية وهو مرض الفصام العقلي وهو مرض مزمن يصيب الإنسان بأعراض الظلالات والهلاوس والاعتقادات واضطراب السلوك والعدوانية وفقدان الاهتمام بالنفس والمظهر وأساسيات الحياة ويبدو البعض منهم كأنه لا يستطيع الاهتمام بنفسه، فلذلك تفهم هؤلاء المرضى وإعطاؤهم العلاج أمرٌ ضروري، حيث ثبت لدينا في دراسة أجريت سابقاً في مستشفى الصحة النفسية بالطائف أن معظم المرضى القتلة كانوا أثناء الجريمة لا يأخذون الدواء النفسي، حيث إن الدواء النفسي هو أحد أهم العوامل المانعة لحدوث المرض ولحدوث القتل.
كما أشار “الطويرقي” أن علاج الأعراض الذهانية الخطيرة التي ذكرتها سابقاً (الظلالات والهلاوس السمعية) هو أمر مهم حيث يحدث أحياناً أن يقوم المرض بتهديد الضحية مسبقاً، وهنا يجب على الضحية أن يخبر الطبيب أو يخبر أهله أو ذويه، وبعض الحالات يتم عرضها على أقسام الشرطة إما من الضحية أو من أهل المريض، وفي هذه الحالة ينبغي -كما هو الحال في الدول المتقدمة التي تعتمد على الأنظمة الواضحة والمكتوبة- تنبيه الضحية أولاً، وثانياً يجب إلزام الأهل بمتابعة المريض النفسي ومتابعة دوائه، ويحال المريض النفسي الخطير هذا من قسم الشرطة إلى مستشفى الأمراض النفسية في المنطقة لإكمال علاجه بالحزم معه.
وأوضح الدكتور ياسر: هناك مسألة خطيرة وهي أن المرضى الذهنيين أغلبهم ينفي كونه مريضاً، ولذلك يرفض العلاجَ ويرفض التعاونَ مع الأهل ومع الطبيب أيضاً، ولذلك يترك المريض الذهاني العقلي الخطير وأغلبهم من مرضى الفصام العقلي وليس فصام الشخصية، ومرضى الفصام العقلي أكثرهم يبقون منطقة بينية بين الأهل والطبيب وأقسام الشرطة، ولذلك تحدث الكثير من هذه الجرائم كما حدث في بلدنا الحبيبة أكثر من حالة سمعنا بها، مثل حالة المريض الذي دخل المدرسة في مكة وقتل المعلم، وحالة المريض الذي دخل أقسام التنويم وأتى من الرياض وهو يحمل السلاح وقتل أحد الممرضين في مستشفى الزاهر بمكة، وأيضا المريض الذي قتل ضابطه أو مديره بالعمل بالطائف هنا إضافة إلى أمثلة عديدة. وأتمنى من الإعلام أن يتبنى فكرة الوقاية الطبية النفسية ومن أهمها الوقاية من جرائم القتل بأسباب نفسية.