العلاقات السعودية المصرية أكبر من محاولات التعكير الإقليمية

الجمعة ٨ أبريل ٢٠١٦ الساعة ١:٠٤ مساءً
العلاقات السعودية المصرية أكبر من محاولات التعكير الإقليمية

لا يخفى أن هناك أكثر من جهة في الشرق الأوسط- على رأسها إيران وإسرائيل وتوابعهما، بالإضافة إلى عدة دوائر استخباراتية دولية مختلفة- اهتمت كثيرًا في الفترة الماضية بتأجيج أي بوادر أزمة في العلاقات بين السعودية ومصر. لكن تلك الجهود التي لم تكل سياسيًّا واستخباراتيًّا وإعلاميًّا،وحتى اقتصاديًّا- لم تتمكن من الوصول إلى مراميها، حيث أثبتت علاقات البلدين ،بحكم ثقلهما العربي والإسلامي، أنها أكبر بكثير من أية محاولات للتعكير رغم استمرارها.
ولعل الزيارة الحالية التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر- تكفي لدفن تلك المحاولات تمامًا؛ خصوصًا أنها تحمل الكثير من الدلالات والمؤشرات بخصوص احتمالية تحقيقها لمجموعة أهداف استراتيجية تكفي لفك شفرات ملفات سياسية عالقة بين البلدين على مستوى قضايا الشرق الأوسط؛ خصوصًا أن تلك الملفات لا تزال تخنق المساعي لتوحيد العمل العربي من خلال بُعد الرؤية، وهدف السياسة
السعودية التي رفضت الإرهاب ضد مصر وقواتها المسلحة.
فالقيادة السعودية تؤمن برفضها لأي شكل من أشكال الإرهاب، وكانت لها مواقف رفض صارمة ضد كافة الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها مصر وقواتها المسلحة،خاصةً فيما بعد ثورة الشعب المصري الثانية في 30 يونيو 2013.
ولعل من بين تلك الأحداث- الاعتداء على النائب العام المصري هشام بركات في نهاية يونيو من العام الفائت 2015، وإبداء خادم الحرمين الشريفين لإدانته الصارمة لتلك الأفعال، وقد أوضح متحدث الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف حينذاك، أن الملك سلمان شدّد- خلال اتصاله بالرئيس عبدالفتاح السيسي- على مساندة الرياض للجهود المصرية كافة في حربها على الإرهاب، وشدد على خصوصية العلاقات السعودية المصرية.
ولعل هذا أحد نماذج الرفض السعودي الأصيل لكافة أشكال الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها حكومة مصر وقواتها المسلحة (جيش أو شرطة)، عبر لسان خادم الحرمين نفسه، وولي عهده، وولي ولي عهده، ووزير الخارجية.

رفض الإرهاب يمهّد لفك الشفرات؛
لأن القيادة السعودية أثبتت قدرتها على المساندة الفعلية لجهود الشقيقة مصر في مكافحة الإرهاب، تمامًا مثلما تريد مصر عندما شهدت عمليات إرهابية مختلفة تستهدف إثارة الفتنة من خلال استهداف المساجد والعناصر الأمنية، وجاء التمهيد الأولي لفك الشفرات الخاصة بالملفات العالقة .
ففي الملف الإيراني لا شيء يفيد التعامل معه سوى إبداء سياسة الإدانة الواضحة لانفلات نظام الملالي في المنطقة من خلال غزواته التوسُّعية بأشكالها كافة، والمتجلية في الاعتراف بالسيطرة على أربع عواصم عربية، وبشيء من الافتخار (بغداد، دمشق، بيروت، وصنعاء!).
وفي نفس سياق التعامل مع الملف الإيراني، يتضح المنطق الواضح للتعامل مع الملف اليمني؛وذلك من خلال الإصرار على تمكين المعارك الراهنة بكل “حزم” من أجل استئصال قوات “أذناب الملالي” دون أي تمييع.
ويتبقى ملف تقوية الشراكات الاقتصادية من أجل صناعة يقظة عربية جديدة تبني قوتها من قوة الفعل الاقتصادي وردود فعله عالميًّا.
حجم التبادل التجاري بين السعودية ومصر:
لا يخفى على فطن أن الاستثمارات السعودية هي الأعلى من بين الدول العربية في مصر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال النصف الأول من العام الماضي 3.2 مليار دولار.
وذكر تقرير صدر عن جهاز التمثيل التجاري التابع لوزارة التجارة المصرية، الأحد، قبل زيارة خادم الحرمين- أن إجمالي الصادرات المصرية للمملكة بلغت 1.2 مليار دولار، فيما بلغت قيمة الواردات نحو 1.9 مليار دولار، وبلغ العجز في الميزان التجاري نحو 715 مليون دولار.
وأوضح التقرير، أن حجم التبادل التجاري بين مصر والسعودية كان قد شهد ارتفاعاً بنحو 1.5 مليار دولار بنسبة 32%، ليبلغ 6.2 مليار دولار في 2014 مقارنةً بـ4.7 مليار دولار في 2011.
وأشار التقرير إلى أن حجم التجارة بين مصر والسعودية، ارتفع خلال عام 2014 بنسبة 16.5% مقارنةً بعام 2013، والبالغ 5.3 مليار دولار، وحققت الصادرات المصرية زيادةً قدرها 9.5%، كما زادت الواردات المصرية من السعودية بنسبة 21%، مما أدى إلى زيادة العجز في الميزان التجاري بنسبة 45% خلال الفترة ذاتها.
اهتمام سعودي بتقوية العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري:
حينما انبثق المجلس التنسيقي السعودي المصري عن “إعلان القاهرة”- عند لقاء الملك سلمان والرئيس السيسي على هامش القمة العربية اللاتينية في الرياض، في 11 نوفمبر الماضي-فإنه جاء تتويجًا لذلك الإعلان المهم الذي خرج بعد زيارة ولي ولي العهد لمصر في أواخر يوليو 2015.
وقبيل زيارة خادم الحرمين لمصر، خرج المجلس التنسيقي بخططه واتفاقياته التي ترسم ملامح قوة العلاقات الاقتصادية بين السعودية ومصر، ورفع مستوى التبادل التجاري لأعلى مستوى من خلال أرقام مالية ضخمة.
والمدهش أنه قبل أسبوع من هذه الزيارة، في الخميس 31 مارس- صدر تقرير مالي بمصر بثته وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن ارتفاع العجز الكلي بميزان المدفوعات المصري، خلال الفترة يوليو/ديسمبر من العام المالي 2015-2016، ليبلغ 3.4 مليار دولار مقابل مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام المالي السابق له.
وأشار البنك المركزي المصري إلى أن العجز فى حساب المعاملات الجارية جاء كمحصلة لتحقيق الميزان التجاري عجزًا بلغ نحو 19.5 مليار دولار مقابل نحو 20.4 مليار دولار، وهو ما يرجع في جانب منه لتأثُّر الصادرات والواردات المصرية بانخفاض الأسعار العالمية للبترول والسلع الأساسية الأخرى.