السلمي: إيران تهدد الأمن القومي العربي وتستغل الحج سياسيًا

السبت ١١ فبراير ٢٠١٧ الساعة ٧:٤٨ مساءً
السلمي: إيران تهدد الأمن القومي العربي وتستغل الحج سياسيًا

أكد رئيس البرلمان العربي، الدكتور مشعل بن فهم السلمي، أن النظام الإيراني أصبح اليوم يمثل تهديدًا للأمن القومي العربي من خلال استمرار احتلاله للجزر الإماراتية، وتدخّله السافر في الشؤون الداخلية للدول العربية عن طريق إثارة الصراعات والنزاعات الطائفية.
وقال الدكتور السلمي، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية، اليوم: “إن إيران تقوم بتكوين ميليشيات مسلحة تحل محل الدولة، ومدّها بالأسلحة لخلق الأزمات وإدامة الصراعات في المنطقة العربية”، مشيرًا إلى إصدار المسؤولين الإيرانيين تصريحات عدوانية ضد الدول العربية، خاصةً مملكة البحرين وجمهورية اليمن، بل وصلت عدوانية النظام الإيراني إلى استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية.
وطالب الدول العربية -شعوبًا وحكومات، أفراد وجماعات، مؤسسات حكومية ومدنية- بضرورة إيجاد رؤية موحدة أساسها التضامن العربي والمصير العربي المشترك، للتصدي لهذه الأخطار بإرادةٍ عربية موحدة تضمن وحدة وسلامة المجتمعات والدول العربية، وعدم السماح للدول الإقليمية أو الدول الفاعلة على الساحة الدولية من التدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وشدّد رئيس البرلمان العربي على ضرورة توثيق الصلات بين الدول العربية وتنسيق سياساتها لمواجهة الأزمات -المزمنة منها والمستجدة- التي تعصف بالعالم العربي، تحقيقًا للتعاون بينها وصيانةً لاستقلالها وسيادتها، الأمر الذي يُكسب الأمة العربية المناعة الضرورية التي تقيها من التدخلات الخارجية في شؤونها بدعوى حل أزمات المنطقة.
ولفت إلى أن التحالف العربي لاسترداد الشرعية في اليمن -بقيادة المملكة العربية السعودية و10 دول عربية أخرى- أعطى رسالة لدول الجوار الإقليمي وللدول الفاعلة على الساحة الدولية أن العالم العربي يستطيع حماية الأمن القومي العربي، ومساعدة أي دولة عربية تتعرّض لعدوان يعرّض كيان الدول وأمن شعبها للخطر.
ودعا الدكتور السلمي إلى العمل على تفعيل الآليات العربية لحل النزاعات واحتوائها عربيًا، ومنها تفعيل مجلس السلم والأمن العربي، حيث يفترض أن يضطلع بإعداد استراتيجيات الحفاظ على السلم والأمن العربي، واقتراح التدابير الجماعية المناسبة إزاء أي اعتداء على دولةٍ عربية أو تهديد بالاعتداء عليها، وتعزيز القدرات العربية في مجال العمل الوقائي من خلال تطوير نظام الإنذار المبكر، وبذل المساعي الدبلوماسية -بما فيها الوساطة والمصالحة والتوفيق- لتنقية الأجواء، وإزالة أسباب التوتّر لمنع أي نزاعات مستقبلية، وتعزيز التعاون في مواجهة التهديدات والمخاطر العابرة للحدود، كالجريمة المنظمة والإرهاب.
وجدّد رئيس البرلمان العربي التأكيد على ضرورة اجتثاث خطر الإرهاب – الذي بات يهدد جميع الأوطان العربية – بكل الوسائل المتفق عليها، وضرورة اجتثاث التطرف الفكري والديني من المجتمعات العربية.
وأشار الدكتور السلمي إلى ضرورة وضع تشريعات عربية تجرّم محاولات النيل من سيادة الدول العربية لمواجهة القوانين الجائرة المنافية للأعراف والقوانين الدولية حول الحصانة السيادية للدول، ومنها ما يسمى بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المسمى (جاستا) الذي يعد مخالفًا لمبادئ القانون الدولي، خاصةً مبدأ المساواة في السيادة بين الدول، ومبدأ عدم جواز إخضاع الدولة لولاية محاكم دولة أخرى إلّا برضاها، وأن سنّ هذا القانون سيلحق الضرر بالعلاقات الدولية، ويقوّض القانون الدولي، ويهدد الأمن والسلم العالمي.
ولفت أيضًا إلى أن البرلمان العربي أعدّ رؤية للتعامل مع قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب كإطارٍ عام للعمل والتنسيق بين البرلمان العربي والبرلمانات والمجالس التشريعية في الدول العربية.
وأكد رئيس البرلمان العربي أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المركزية والجوهرية للأمة العربية، وأن إقرار حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس، وإطلاق سراح جميع الأسرى من سجون الاحتلال، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين، استنادًا إلى القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، مبينًا أن التمسك والالتزام بمبادرة السلام العربية هو السبيل الوحيد لإحلال السلام الدائم والشامل في الشرق الأوسط.
وقال الدكتور السلمي: “إن الدم العربي الغالي ما يزال يُسفك ويراق كل يوم في سوريا، وليبيا، والعراق، واليمن، والصومال، فضلًا عن تفاقم أزمة اللاجئين والمهجرين، وما يعانوه في ظل ظروف صعبة، خاصة الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة، ممّا يؤكد على أن تدويل القضايا العربية لن يأتي بثماره، وأن تدخل دول إقليمية -وفي مقدمتها النظام الإيراني- أوجد حالة من العبث بأمن واستقرار العالم العربي، وأن حل المشاكل العربية يجب أن يكون بأيدي عربية”، مضيفًا أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد من هذه الأزمات المستحكمة.
وأعرب رئيس البرلمان العربي عن أمله في أن يخرج المؤتمر بتوصيات ضرورية لتعزيز وحدة الصف العربي، وما يتطلّبه ذلك من تضافر للجهود الرسمية والبرلمانية كافة، واستنفار لكل إمكانيات الأمة ومواردها للخروج برؤى، وسياسات، ومشاريع تعزز صمودها أمام التحديات، وتحافظ على وحدتها وقوتها، وتحقق تطلعاتها في الأمن والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد.
وعدّ الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية، البرلمانات العربية التجسيد الحقيقي لإرادة الشعوب العربية، والممثل لطموحاتها، والمعبر عن آمالها وتطلعاتها، مؤكدًا أنها ركيزة أساسية من ركائز الدولة الوطنية الحديثة، وهو ركن لا غنى عنه في منظومة العمل العربي.
وقال أبو الغيط: “إننا نرصد إشارات متضاربة من الإدارة الأمريكية الجديدة، ونُفضل أن نتريث ونراقب ما يجري، فبعض توجّهات هذه الإدارة في التصدي للإرهاب بصوره كافة يتفق مع المصالح والأهداف العربية، كما أن موقفها من بعض القوى الإقليمية التي جاوزت المدى في تدخلاتها في الشؤون العربية يعد إيجابيًا”.
وأضاف: “إن الوقت ما زال مبكرًا للحكم على مجمل توجهات الإدارة أو مواقفها من العالم العربي، وهناك -بالقطع- ما يقلق في بعض ما أُعلن بشأن القضية الفلسطينية التي ما تزال عنوانًا أساسيًا على أجندة الاهتمامات العربية”.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال تسعى إلى انتهاز فرصة التشوّش الحادث على الساحة الدولية، وما تظن أنه ضوء أخضر لها لتمعِن في الاستيلاء على الأرض، واستكمال مشروعها الاستيطاني البغيض الذي يقوض احتمالات تحقيق حل الدولتين، ويجعل من الصعب إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضح الأمين العام للجامعة العربية أن الإرادة الدولية اجتمعت على إدانة هذا النهج الإسرائيلي، وعدت المستوطنات خروجًا على القانون في القرار التاريخي 2334 الصادر عن مجلس الأمن في ديسمبر من العام الماضي، كما أن مؤتمر السلام -الذي عقد في باريس الشهر الماضي، وحضره ممثلون عن أكثر من 70 دولة- جددّ التزام المجتمع الدولي بحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
وتابع قائلًا: “بقي أن يتحقق هذا الالتزام فعليًا، وأن يجري إنفاذ هذه الإرادة الدولية”، داعيًا المجالس والبرلمانات العربية إلى الإبقاء على قضية فلسطين حية، والاستمرار في التحرك، وتكثيف جهودها في إطار الدبلوماسية البرلمانية مع نظرائها من البرلمانات الدولية لتأكيد مطالب الشعب الفلسطيني في المحافل والمؤتمرات البرلمانية الدولية.
وناشد أبو الغيط أعضاء المجالس النيابية والبرلمانات الاضطلاع بمهامهم في مناقشة هذه الأزمات التي تعصف ببعض الدول العربية، سواء في سوريا أو اليمن أو ليبيا، والتعامل مع تبعاتها الخطيرة في إطار منظومة العمل العربي المشترك، حفاظًا على الدولة الوطنية العربية وسيادتها ومقدرات شعوبها.
ولفت إلى أن هناك حالة غير مسبوقة من التكالب على العالم العربي من جانب قوى إقليمية تعمل على إذكاء الفوضى وتعميق التفكك، وذلك عبر تبنّيها لمشروعٍ طائفي يقسّم الأوطان على أساس الهوية الدينية، ويبث فيها بذور الشقاق والاحتراب، مطالبًا الشعوب العربية -قبل الحكومات- بمواجهة هذه المخططات التخريبية التي تستهدف استقرارها بالدرجة الأولى، وترمي إلى تمزيق نسيجها الوطني وتفكيكها.
وأعرب الأمين العام للجامعة العربية عن ثقته في أن قيادات العمل البرلماني العربي على وعيٍ كامل بهذه المخاطر، ولديهم إدراك لمسؤولياتهم إزاء تنبيه الناس لها وتحذيرهم منها.
وأشاد بموقف الشعوب العربية الرافض للإرهاب بشتى صوره وممارساته، وما يمثله من خطرٍ على صورة الدين الإسلامي الحنيف، مبينًا أن مواجهة هذا الإرهاب تستلزم اصطفافًا عربيًا من الشعوب إلى جوار الحكومات.
وأكد وزير الخارجية الموريتاني إسلكو ولد أحمد إزيد بيه -ممثل الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز-، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني للبرلمان العربي ورؤساء البرلمانات والمجالس العربية، على أهمية الدور الذي يضطلع به البرلمانيون كمعبّرين عن الشعوب العربية في مواجهة التحديات الراهنة التي تواجه المنطقة وفي صدارتها الإرهاب، مشددًا على ضرورة تعزيز استراتيجية مواجهة ظاهرة الإرهاب والتطرف باعتبارها من أكثر الظواهر التي تهدد أمن المنطقة.
وأشار إلى ضرورة مواصلة العمل لحشد المزيد من الدعم للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني حتى يتمكن من إقامة دولته المستقلة على كامل أراضيه، وعاصمتها القدس الشرقية.
وحثّ على تسوية الأزمات العربية من خلال تفاهمات سياسية، وتغليب لغة الحوار، وترسيخ قيم الديمقراطية والعدل والمساواة، والنهوض بالشباب لتوظيف إمكانياته في التنمية، ونبذ التعصب، وكل ما من شأنه إثارة النعرات الطائفية والمذهبية، داعيًا الأشقاء في سوريا، واليمن، وليبيا، والصومال إلى اعتماد الحوار نهجًا لإيجاد الحلول السياسية القائمة على الحفاظ على وحدة الأوطان واستقلالها، وصيانة كرامة الشعوب وتطلعاتها المشروعة في الحرية والديمقراطية.
ونبه إلى أن الإرهاب، والعنف، وأشكال الجريمة المنظمة الأخرى من أكثر الظواهر التي تهدد العالم اليوم، ممّا يحتّم وضع مقاربات حديثة وشاملة لصيانة الأمن القومي، لافتًا إلى أن موريتانيا “الرئيس الحالي للقمة العربية” انتهجت سياسة للتصدي للإرهاب ومحاربته بوضع استراتيجية وطنية شاملة.
واقترح الوزير الموريتاني إمكانية تأسيس جمعيات ونوادٍ في كل مدينة عربية للتعريف بالدور المحوري للجامعة العربية في تعزيز ثقافة الأمن والسلم الأهليين.