الشابات السعوديات أقل من 24 سنة الأكثر تضررًا في سوق العمل

الأربعاء ١٠ مايو ٢٠١٧ الساعة ١٢:٣٣ صباحاً
الشابات السعوديات أقل من 24 سنة الأكثر تضررًا في سوق العمل

طرحت مؤسسة الملك خالد خلال الملتقى ورقة عامة أوضحت ضعف برامج التعليم والتدريب الموجهة للشباب السعودي، حيث إن 1 من كل 5 من الشباب بين سن 15-24 سنة خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب، ومعاناة سوق العمل السعودي من التوطين غير المنتج، حيث يتقاضى 45% من السعوديين في القطاع الخاص راتب 3000 ريال، وهو الحد الأدنى لاستفادة أصحاب العمل من نقاط السعودة في برنامج نطاقات، مما يدل على التفريط الواضح في الموارد البشرية الوطنية.
وأشارت الورقة إلى ضعف تكافؤ الفرص بين الجنسين واستمرار وجود فجوة في الأجور بينهما حيث تضاعفت الفجوة ثلاث مرات من 324 ريالًا في عام 2014 إلى 1077 ريالًا عام 2016م؛ وبنسبة 332%، في حين تُعد الشابات السعوديات من 15-24 سنة الفئة الأكثر تضررًا في سوق العمل، حيث بلغت نسبة عطالتهن 71,7%، ومشاركة المرأة السعودية بشكل عام في الوظائف المتوسطة والعليا ضعيفة بنسبة 22% و12% في جميع المهن، ويصل معدل البطالة لدى النساء السعوديات 34,5% مقارنة بـ5,9% للذكور السعوديين.

وجاء ذلك في ملتقى “حوارات تنموية” في دورته السادسة الذي عقدته مؤسسة الملك خالد في مقرها بمدينة الرياض، بعنوان “الحماية الاجتماعية في سوق العمل”، لتناول التحديات التي يعانيها سوق العمل من منظور الحماية الاجتماعية ومناقشة البرامج والسياسات المعنية بتوفير الحماية والتغطية للعاملين عبر تحفيز فرص العمل اللائقة وبرامج دعم التوظيف وإعانة الباحثين عن عمل، وبحث توفير فرص العمل الكريمة والتدابير الوقائية الخاصة بحماية العامل في جميع مراحله الحياتية كباحث للعمل وكموظف وبعد انتهاء خدمته وعند تقاعده؛ لما لهذه المعطيات من انعكاسات على نمط حياة الأفراد واستقرار المجتمع ومتانته.

وتحدّث في الملتقى كلٌّ من: أحمد الحميدان نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، والدكتور عبدالرحمن العاصمي نائب وزير التعليم، والدكتور عبدالله العبداللطيف مستشار وزير العدل، والدكتور عبدالله الصغير نائب المحافظ للإستراتيجية والشراكات بهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ونضال رضوان رئيس اللجنة التأسيسية لاتحاد اللجان العمالية، إضافة إلى عدد من الخبراء والمختصين وأصحاب المصلحة في سوق العمل.

كما بيّنت الورقة التي قدمتها مؤسسة الملك خالد خلال الملتقى عدم وجود سياسة وطنية لربط التعليم بالعمل، حيث يعمل قطاع التعليم في المملكة من أجل التعليم فقط، وعلى الرغم من كل محاولات المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياج سوق العمل، إلا أنه لم يُنظر إلى التعليم يومًا من أجل العمل أو الإنتاج. وهذا ما زاد من تفكك منظومة العمل والتعليم والتدريب في المملكة، وأضعف التنسيق بينهما، وأدى إلى لجوء الجهات المختلفة إلى المبادرات الذاتية المحدودة لمواجهة أزمة المواءمة بين التعليم والعمل في المملكة، فضلًا عن غياب التشريعات التي تمنع بعض التجاوزات في سوق العمل والآليات البديلة لتسوية الخلافات.

وفي كلمة لها في بداية الملتقى أكدت صاحب السمو الملكي الأميرة البندري بنت عبدالرحمن الفيصل المديرة العامة لمؤسسة الملك خالد أن المملكة شهدت تغييرات ملهمة طالت جميع مرافق الدولة بعد مرور عام من رؤية المملكة 2030 وأثّرت هذه التغييرات على نمط الحياة في المجتمع، مشيرة إلى اهتمام المؤسسة بحشد التأييد اللازم نحو المزيد من سياسات الحماية الاجتماعية لتأمين حياة كريمة للفرد السعودي.

وشدّدت الأميرة البندري على أهمية تمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة والجادة في مجتمعهم ووطنهم وتوفير الحماية الاجتماعية والعدالة والشمولية لهم، وتناول القضايا التي يعاني منها سوق العمل في القطاع الخاص من زاوية مختلفة وغير تقليدية، مشيرة إلى معاناة سوق العمل في المملكة ومواجهته الكثير من التحديات، التي أدت إلى تضرر عدد كبير من العاملين به؛ وفقًا للأرقام والإحصاءات الرسمية.

وانطلقت الجلسة الرئيسية بحديث معالي الأستاذ أحمد الحميدان نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية عن البطالة قائلًا: قبل 30 سنة موضوع البطالة غير مطروق والخريجين يتجهون مباشرة للقطاع العام، حيث إن تنوع الاقتصاد تطلب عددًا كبيرًا من العمالة للمساهمة في النهضة التنموية، ولكن هذا النمو لم يتواكب مع سوق العمل ولم تنمُ بالشكل المأمول، بوصف العمل في القطاع الخاص مؤقت وليس دائمًا لكثير من السعوديين.
وأضاف أن من الأدوار الرئيسية التي تقوم بها وزارة العمل هو هيكلة السوق الحالية هل هي قادرة على خلق فرص عمل أم لا، ومن خلال توفير الصحة والسلامة المهنية، حيث تعمل نسبة ضيئلة من السعوديين فيها، بوصفها قطاعًا غير جاذب لهم.
وقال: إن عدد المسجلين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية قفز من 700 ألف مواطن في 2011 إلى 1.8 مليون مواطن في 2015، وهذا نمو هائل، وتهدف الوزارة في خطة التحول الوطني 2020م إلى خلق فرص عمل لائقة للسعوديين عبر مبادرات خلق الوظائف في القطاع الخاص، وعبر التدخلات المباشرة من الوزارة في هيكلة الأجور.

وبيّن أن نظام “ساند” أسهم بشكل كبير في تحقيق الأمان الوظيفي للسعوديين، وأيضًا أنه لم يعد خافيًا تسجيل سعوديين برواتب 3000 ريال لسعوديين في نظام التأمينات الاجتماعية لتقل نسبة التقاعد الـ9 في المائة، وبالتالي فنظام حماية الأجور لتحديد العلاقة بين أصحاب العمل والعمال وكشف محاولة التحايل، مشيرًا إلى أن هيئة توليد الوظائف وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة مساندة الوزارة في إيجاد فرص العمل.

ولفت “الحميدان” إلى أنهم وقعوا مع هيئة المهندسين لتدريب الطلاب وهم على مقاعد الدراسة، وسيتمر هذا البرنامج إلى ما بعد الجانب الهندسي وسيشمل جوانب أخرى مثل التدريب الصحي وغيرها، مؤكدًا أن منصة دروب معنية بشكل كبير بتطوير وتدريب السعوديين على أي نقص في هذا المجال خاصة أنه مجال متطور ومتجدد.

وأشار إلى إطلاق مبادرة جديدة هي “رخصة العمل الحر” من خلال برنامج تسعة أعشار، والذي يهدف إلى دعم الشباب السعوديين لممارسة العمل الحر وفق تنظيم يكفل لهم كافة الدعم والتشريعات اللازمة، مؤكدًا أن القضاء ووزارة العدل هي المعنية بالدرجة الأولى لحل المشكلات الخاصة بأرباب العمل والعاملين ولا يستطيعون التدخل، في إجابة عن طول أمد التقاضي في بعض الخلافات العمالية.

ومن جانبه، قال الدكتور عبدالرحمن العاصمي نائب وزير التعليم: إن الوزارة تسعى إلى تطوير برامجها باستمرار، والدليل انتشار رقعة التعليم العالي في المحافظات والنسبة الكبرى من المقبولين هم في تخصصات يحتاجها سوق العمل مثل التخصصات الهندسية والصحية وإدارة الأعمال، مبينًا أن جامعاتنا السعودية تقدم نفس ما تقدمه الجامعات العالمية بنفس المبادرات والتأهيل والمهارات الأساسية للعمل.
وأضاف أن الجامعات تسعى إلى تطوير المخرجات ليس فقط عبر البرامج الأكاديمية ولكن عبر العديد من المجالات مثل الدورات التدريبية وأيام المهنة التي تقيمها أغلب الجامعات وأيضًا المهارات الأساسية والحياتية المهمة لتأهيل طالب العمل، مشيرًا إلى إطلاق مركز تطوير مهني يهدف إلى تطوير وتقييم البرامج التدريبية الحالية وسيكون نقلة نوعية حيث سيتم التدريب بطريقة احترافية.

وأكد “العاصمي” أن مبدأ التعلم مدى الحياة العالمي موجود لدى وزارة التعليم وتعمل عليه، وهو يرتبط أكثر بمؤسسات العمل، مشيرًا إلى أن كل طلابنا يخضعون إلى تدريب أثناء الدراسة وتتفاوت النسب مثل الطب والهندسة والقانون والتوعية وغيرها.

وبين أن الجامعات السعودية تتعاون مع الجمعيات الخيرية مثل جميعة إنسان وغيرها في قبول منسوبيها في بعض التخصصات المهمة التي يحتاجها سوق العمل، مشيرًا إلى توجه الوزارة الجديد في ترشيد القبول والتركيز على التخصصات النوعية.

وبدوره، أكّد الدكتور عبدالله العبداللطيف، مستشار معالي وزير العدل، أن التعويض عن الفصل التعسفي غير واضح وأن المادة 77 قد تستغل من قبل بعض أرباب العمل بشكل سلبي ولكنها إيجابية لحماية سوق العمل، مشيرًا إلى وجود 25 مبادرة لدى وزارة العدل ضمن خطط التحول الوطني ورؤية 2030م، ومن أهمها تصميم نموذج حديث للمحكمة العمالية، وإنشاء مركز التحكيم العمالي وهو أحد الأساليب الوقائية لحماية منسوبي العمل وهو جاهز للإطلاق.

وأضاف أن إدارات التسوية العمالية في مكاتب العمل حققت نتائج مبهرة حيث حققنا 65 في المائة من القضايا انتهت صلحًا، منوهًا إلى أن عام 1438هـ حقق أرقامًا كبيرة في عدد القضايا المنظورة في المحاكم والتي بلغت حتى الآن 70 ألف قضية، وسبب التزايد في هذه الأرقام هو النظام الجديد الذي فضح التستر التجاري.

وأردف أنهم أخذوا بتجارب الإمارات وسنغافورة والصين في جانب الخلافات العمالية، ففي الصين مثلًا 90 في المائة من القضايا العمالية تُحل صلحًا، والسبب هو إدراج إحصائيات في ملف القضايا ما تم من الجمعيات العمالية ودورها في الحد من الخلافات وحلها.

وصرح نضال رضوان، رئيس اللجنة التأسيسية لاتحاد اللجان العمالية، بأن المرأة السعودية يجب أن تأخذ أجرها وحقها بالكامل مساواة بالرجل عندما يؤدي الاثنان نفس العمل بكافة الامتيازات، إضافة إلى أهمية فتح المجال لعلم المرأة، مشيرًا إلى أحقية الفئة المهمشة وهم ذوو الاحتياجات الخاصة.

وأضاف أن كثيرًا من أرباب العمل استغل للأسف ما تعطيه وزارة العمل لذوي الاحتياجات الخاصة من امتيازات جراء توظيفهم في التحايل للحصول على نسب السعودة مقابل أعمال لا توفر لهم أساليب الحياة الكريمة، مشيرًا إلى سوء استخدام المادتين 77 و78 من نظام العمل، حيث يراها سلبية وليست إيجابية للعاملين في القطاع الخاص من السعوديين.

وبين أن بعض أصحاب العمل استغل هاتين المادتين لمصلحته الشخصية للتخلص من الموظفين السعوديين في كل الظروف، إضافة إلى استغلال متنفذين من الوافدين في القطاع الخاص لهاتين المادتين لاستبعاد المواطنين من الوظائف، وبالتالي فإن هاتين المادتين للأسف خدمت أصحاب العمل ولم تخدم الموظفين السعوديين في القطاع الخاص.

وشدد على أن بطء التشريعات هي أكثر ما يعطل اللجان العمالية عن القيام بدورها بالشكل المطلوب؛ لأن المواطن السعودي في النهاية يحتاج إلى لجان عمالية تخدمه بشكل لائق داخل المؤسسات ويحتاج أيضًا إلى برامج الصحة والسلامة المهنية، داعيًا إلى حوار اجتماعي مستمر بين العمل وأصحاب العمل والحكومة لتعديل التشريعات والعمل سويًا في البرامج والسياسات، فدورنا هو تقديم العون للدولة من اقتراحات وعمل.

ومن جانبه، أوضح الدكتور عبدالله الصغير نائب المحافظ للإستراتيجية والشراكات بهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أن هنالك توجهًا لدعم الأسر المنتجة لتحويلها إلى مؤسسات صغيرة قائمة بذاتها؛ حيث إنها تُعد اليوم من البرامج متناهية الصغر ويدعمها بنك التنمية الاجتماعية.

وأضاف أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يستوعب أكثر من 55 في المائة من القوى العاملة، وأن 19 في المائة من السعوديين يعملون حاليًّا في القطاع، مقدمًا حلولًا لعدم استغلال ذوي الاحتياجات الخاصة مثل برامج العمل عن بعد والتجارة الإلكترونية وبرامج التمكين بضوابط محفزة فيها كثير من الفرص.

ورأى أن ثقافة العمل الحر وريادة الأعمال بدأت بالانتشار، ضاربًا المثل بعربات الغذاء المتنقلة والتي أصبحت عامل جذب لكثير من السعوديين بدلًا من التوظف المطاعم، مشيرًا إلى أهمية دعم النساء في المشاريع ريادة الأعمال النسائية الذي تتبناه الهيئة، مؤكدًا على أن النسبة الحالية والتي تشمل 18 في المائة من النساء يعملون في منشآت صغيرة تُعد غير طموحة.