العشر الأواخر .. تاريخ يشهد لملوك السعودية في جوار الكعبة

الخميس ١٥ يونيو ٢٠١٧ الساعة ٦:٢٤ صباحاً
العشر الأواخر .. تاريخ يشهد لملوك السعودية في جوار الكعبة

ما تبقى من ليالٍ أفضل مما مضى، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله). متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. وفي رواية مسلم: (كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)، وهذا يدل على أهمية وفضل هذه العشر؛ ولذا اعتاد ملوك المملكة العربية السعودية، على مجاورة الحرم المكيّ الشريف، في سنّة سنّها المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز، واستمر على نهجه من خلفه في قيادة دولة الحرمين الشريفين.

وتحمل رياح أسحار العشر، “دبلوماسية العشر الأواخر”، وهي السُّنة الفريدة التي تعاقب عليها ملوك السعودية، باختيارهم أفضل مكان وزمان، يلتقون فيها بملوك الدول العربية والإسلامية ورؤسائها لمناقشة قضايا العالم الإسلامي العالقة.

ملوك السعودية يجاورون الحرم:

شهدت مكة المكرمة، على مر العصور، مؤتمرات تسعى إلى الإصلاح، آملين من قدسية المكان أن تحل البركة ويعم الرخاء، وتُحل المشاكل والأزمات، إذ يعمد قادة المملكة العربية السعودية، منذ عهد الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود، إلى إحياء سنة للنبي عليه الصلاة والسلام، وهي استقبال الوفود في الحج والعمرة، وتكرسيها لمعاني الصلح والتسامح وتعزيز العلاقات وتوطيدها.

 

وقبل الملك فهد، أقام الراحل الملك عبدالعزيز مؤتمرًا للقادة المسلمين، عقب توحيد السعودية، وتبعه الملكان فيصل وسعود اللذان أمّا المصلين في مكة المكرمة على فترات متفاوتة.

كما عقد الملك خالد في ساحة الحرم قمته الإسلامية الشهيرة، إلى أن جاء الملك فهد بن عبدالعزيز باتباع قضاء الأيام العشرة الأخيرة من رمضان في مكة المكرمة، واستقبال رؤساء الدول الإسلامية لدراسة القضايا العالقة.

وعلى خطى الملك فهد بن عبدالعزيز، استمر الراحل الملك عبدالله، إذ دعا إلى أشهر قمّة استثنائية في العشر الأواخر من رمضان خلال عام 2012؛ بهدف مناقشة المواضيع والمشاكل التي تعاني منها الدول الإسلامية.

وجريًا على عادته السنوية، يقضي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، “العشر الأواخر” من شهر رمضان بجوار بيت الله الحرام في مكة المكرمة.

مكّة قبلة دينية ووجهة سياسيّة:

وتتحول مكة المكرمة خلال العشر الأواخر من رمضان إلى وجهة دينية وسياسية يقصدها المسلمون من جميع أصقاع الأرض، لأداء العمرة والاعتكاف، بينما يعتبرها الساسة والقادة فرصة لأداء العمرة إلى جانب لقاء خادم الحرمين الشريفين، الذي يحرص على قضاء العشر الأواخر من رمضان في مكة المكرمة.

ويستمر ذلك حتى يغادر الملوك السعوديون، مكّة المكرّمة، صباح عيد الفطر بعد الصلاة في المسجد الحرام، والاستماع لخطبة العيد.

حلول أزمات الأمّة الإسلامية في مخرجات دبلوماسية العشر الأواخر:

ويشهد التاريخ، على أنَّ قبلة المسلمين، كانت وما زالت، مكان إيجاد الحلول للأزمات الإسلامية، ومنها كان إعلان “ميثاق مكة المكرمة لتعزيز التضامن الإسلامي”، الذي صدر في ختام “قمة التضامن الإسلامي” الاستثنائية، التي عقدت في مكة المكرمة يومي 14 و15 آب/ أغسطس 2012، بمشاركة ملوك ورؤساء 57 دولة إسلامية، أعضاء منظمة التعاون الإسلامي.

وهي القمة التي قررت تعليق عضوية سوريا في منظمة التعاون الإسلامي وجميع الأجهزة والمؤسسات المتخصصة التابعة لها؛ بسبب حملة القمع الدمويّة التي يشنها نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري.

ومن أبرز نتائج دبلوماسية العشر الأواخر أيضًا، توقيع معاهدة الصلح بين أطراف القيادات العراقية (سنة وشيعة) في تشرين الأول/ أكتوبر 2006، في لقاء تركز على محاولة جمع شتات هذه القيادات لتوحيد الصف ونبذ الخلافات الطائفية والسياسية.

قصر الصفا يصفي الأجواء:

ويبقى قصر الصفا، المطلُّ على الحرم المكي، حيث اعتاد ملوك السعودية قضاء العشر الأواخر من رمضان، هو المكان الذي تتوج فيه نتائج المحادثات في أجواء العشر الأواخر الإيمانية، للموقع الإستراتيجي، الذي جعل له مكانة هامة، حيث شهد الكثير من القرارات المحورية والتاريخية التي صبت في خدمة القضايا المحورية في المنطقة.

والقصر الملكي، الذي أمر الملك خالد بن عبدالعزيز ببنائه، يتوسد جبل أبي قبيس، الذي عج بالكثير من الأحداث التاريخية في مراحل الأمة الإسلامية والعربية، منذ أمد بعيد وقريب، حيث شهدت منطقة أجياد التاريخية التي تطل بجانب جبل أبي قبيس معتركًا للمعاهدات التاريخية والإستراتيجية.