الجميعة يكتب عن يوم عرفة: يتحول الحج إلى صورة

الإثنين ٢٠ أغسطس ٢٠١٨ الساعة ١٢:١١ مساءً
الجميعة يكتب عن يوم عرفة: يتحول الحج إلى صورة

تناول الكاتب والإعلامي، د. أحمد الجميعـة فضل يوم عرفة، أفضل أيام العام على الإطلاق، فيه تتنزل الرحمات وتسكب العبرات وتُمحى السيئات.

وقال الجميعة في مقال له بصحيفة “الرياض” بعنوان “عرفة.. دعوات وأمنيات”.. اليوم عرفة، والحج عرفة.. وبينهما قلوب ودعوات، وأماني وأمنيات، ومشاعر يسكنها الأمل والرجاء، وتغشاها الرحمة والسكينة، تناجي رباً غفوراً، تطلب رحمته ورضوانه وجنته، وتستمد منه عونه وتوفيقه، وتمضي إلى حيث تكون الروح عالقة على باب كريم لا يرد من سأله.

وقال إن عرفة حالة اتصال مع الذات، ليس فيها عتب بلا صدق، ولا أمل بلا خوف، ولا رضا بلا قبول، وجميعها تنتظم في شعور محب ليس لنفسه، ولكن من يبادله ذلك الإحساس؛ حين يرى في القلب أرواحاً تلتقيه، ونفوساً تحتويه، ودموعاً ترويه، وتأخذ من نبضاته أثيراً لما تبقى من حياة، وشهيقه روح تعلو عن كل ما هو وضيع، وزفيره أنسام تتواضع عن كل ما هو مرتفع؛ ليبقى متصالحاً مع واقعه، ومتسامحاً مع غيره.. ويجد نفسه بعد كل ذلك قد ارتاحت حيث لا تكره.

وأضاف الجميعـة في عرفة يتحول الحج إلى صورة؛ الدال فيها أصوات تلبي ودعوات ترتفع، والمدلول أماني ترجو رحمة الله ورضوانه، والدلالة توحيد ووحدة، والمعنى من كل ذلك أمن وأمان وسكينة، وهكذا تمضي رحلة الحج في سيميائية الصورة التي لا تنتهي دالاً ومدلولاً ودلالة ومعنى، ونسحبها في مشاهد أخرى لنقرأ تحليلها العميق؛ فهذا حاج تسابقه الدموع، وآخر يذكر الله، وثالث يناجيه، وقريب منهم رجل أمن يحرسهم، ومسؤول يخدمهم، ومتطوع يرشدهم، وتبرز مع كل ذلك صورة الدولة وهي ترعاهم، وتسهر على راحتهم، وتسخّر إمكاناتها كافة لتحقيق غايتهم التي جاؤوا من أجلها.

في عرفة يكون اجتماع القريب والبعيد على شبكة الاتصال مع الآخر؛ فلا ينقطع صوت، ولا تتوقف دعوات في ظهر الغيب، ولا تتأخر الذكريات عن مشهد الحضور لتقول ما في القلب جهراً إلى أن تحين لحظة المغيب لتجتمع القلوب على مائدة إفطار أسرية؛ لتنطلق بعدها تهاني العيد السعيد فرحاً، وتتزاحم بعدها المشاعر صدقاً، ويطل عيد الأضحى مع خيوط الصباح الأولى ويرسم الصغار قبل الكبار فرحتهم، وهم يرون أضحيتهم تُذبح لله تقرباً.

وتابع الجميعـة في عرفة نتذكر بالدعوات والصدقات من رحل عنّا، ونتقرّب أكثر إلى من بقي بيننا، ونستذكر بفخر وعز شهداءنا الأبطال الذين قضوا في الدفاع عن وطنهم وقيادتهم وشعبهم، ونواسي مرضاهم وجرحاهم، وترتفع الدعوات بأن ينصر الله جنودنا المرابطين على الحدود، ويثبت أقدامهم، ويسدد رميهم، ويعيدهم إلى أهليهم سالمين غانمين.

في عرفة يتبقى للإنسانية موعد مع التسامح، ومساحة أكبر أن يستوعب القلب من أخطأ وظلم وقصّر؛ ليعفو عند مقدرة مشاعره التي تلاحقه لينطق بها، حيث لا يوجد ما هو أجمل من قلب يسامح في هذا اليوم.

كل عام وأنتم بخير، وقيادتنا بخير، ووطننا في أمن وسلام وازدهار.