مصر تُعيد الحياة لأبو طرطور.. و3 تحالفات دولية تتنافس على كنز علي بابا

السبت ٦ أكتوبر ٢٠١٨ الساعة ١١:٠٤ صباحاً
مصر تُعيد الحياة لأبو طرطور.. و3 تحالفات دولية تتنافس على كنز علي بابا

بعد 3 عقود من التعثر تقترب مصر أخيرًا من اقتحام نادي الفوسفات العالمي، بعد أن وضعها منجم “أبو طرطور” والكائن في محافظة الوادي الجديد جنوب البلاد على خارطة الفوسفات العالمية، لاسيما وقد أصبح التنافس شرسًا على “الكنز” من قبل ثلاث تحالفات دولية.

ويبلغ الناتج القومي المصري من الفوسفات 5.5 مليون طن، يصدر منها أكثر من 3 ملايين طن سنويًّا، ورغم الاحتياطي الهائل والتصدير، تستورد مصر أسمدة الفوسفات من الخارج لعدم قدرة المصنعين القائمين للأسمدة على سد احتياجات الزراعة في مصر من الأسمدة الفوسفاتية.

مشروع معطل:

يعد مشروع فوسفات أبو طرطور من المشاريع الواعدة في محافظة الوادي الجديد، وجاءت فكرة المشروع بهدف استخراج معدن الفوسفات والمعادن الأخرى منه بصفة رئيسية، ومنطقة أبو طرطور التي تقع على مسافة 60 كم غرب الخارجة تعد أغنى المناطق بخام الفوسفات، حيث يتراوح سمك الخام بين نصف متر و13 متر شرقًا وغربًا، وقدرت احتياطيات الخام المؤكدة حوالي 700 مليون طن في حين تصل احتياطات الخام المحتملة إلى 1000 مليون طن.

وفي عام 1971 وبإيعاز من العالم المصري الكبير الدكتور رشدي سعيد بدأت فكرة المشروع، وتم حفر بئر استكشافي بهضبة أبو طرطور وأسفرت الأبحاث في المنطقة إلى التوصل لوجود كميات كبيرة من الطفلة الزيتية المستخدمة في إنتاج البترول مع خامات أخرى اقتصادية كالحجر الجيري والكلوكونايت وكبريتيد الحديد، فضلًا عن الفوسفات الذي يحتوي على اليورانيوم وكثير من العناصر الأرضية كحامض الفسفوريك، في 2004 تم نقل تبعية المشروع إلى وزارة البترول والثروة المعدنية وفصل المشروعات التكميلية عنه، وقد بلغت التكلفة نحو 6.2 مليار جنيه، في حين بلغت التكلفة الرأسمالية للمشروع الصناعي والمنجم نحو 2550 مليون جنيه والفوائد نحو 2019 مليون جنيه.

وفي 1974 تم إسناد مشروع المنجم إلى خبراء من الاتحاد السوفييتي السابق لكن موسكو عجزت على مدار عقدين من تطوير المنجم ووضعه على طريق الإنتاج.

وكانت شركة فوسفات مصر المالكة لنحو 25% من شركة الوادي للصناعات الفوسفاتية قد عرضت فكرة إحياء هذا المشروع خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ في العام 2015 بعد أن قدم البرلمان المصري استجوابًا في 2010 اتهم فيه القائمين على المشروع بالتقصير، وأصدرت وزارة البترول بيانًا تفصيليًّا حينها حول حقائق المشروع.

وضمن عمليات نهب بدأت في 2011 استولت عصابات مسلحة على خطوط وقضبان خط سكك حديد ” سفاجا- قنا- في 2014 والمخصص لنقل القمح المستورد، وقد تسببت تلك الأزمة في توقف حركة الاستثمارات في المشروع، نتيجة هروب المستثمرين بسبب الانفلات الأمني، وقدرت خسائر عمليات السطو بأكثر من 40 مليون دولار راحت لجيوب العصابات المسلحة ومصانع الحديد وتجار الخردة.

إعادة إحياء:

مؤخرًا أعادت الدولة المشروع إلى دائرة الضوء عبر شركة جديدة هي ” فوسفات مصر”، حيث وافق مجلس الوزراء على تخصيص منطقة امتياز 220 كيلو في المنطقة لمصلحة الشركة لبحث وإنتاج الفوسفات وفقًا لتصريحات رسمية من وزير البترول والثروة المعدنية المصري.

ويعد المشروع خطوة فعالة لتعظيم القيمة المضافة من الثروات التعدينية وتحقيق عائدات جديدة من تصنيعها الأمر الذي يمثل تحولًا إيجابيًّا في إستراتيجية استغلال الثروات والخامات وتوفير منتجات يحتاجها السوق المحلي لتحقيق تنمية شاملة جنوب مصر.

أشار وزير البترول المصري أن خام الفوسفات والأسمدة الفوسفاتية تصل قيمة صادراتها حاليًّا إلى 800 مليون دولار، حيث شهد توقيع عقد الاستشارات الهندسية للمشروع الجاري تنفيذ أعماله بتكلفة استثمارية تصل إلى 750 مليون دولار وبطاقة إنتاجية تصل لمليون طن سنويًا من حامض الفوسفوريك.

آمال واعدة للتنمية بمنطقة الواحات وثروة هائلة متوقعة من المشروع ويكمن “الكنز” الحقيقي في اكتشاف وجود عنصر اليورانيوم الذي يعد من العناصر النادرة بنسبة تركيز عالية تصل إلى 100 جزء في المليون بإجمالي احتياطيات 21 ألف طن.

وقال المحاسب خالد الغزالي رئيس الشركة: إن حجم استثمارات المشروع الإجمالية يقدر بحوالي 1.4 مليار دولار ويستهدف تصدير كامل الإنتاج للخارج ومن المتوقع أن يبدأ العمل في المشروع مطلع 2019 على أن يدخل مرحلة الإنتاج الفعلي خلال الربع الثالث من عام 2021″.

وأشار الغزالي إلى أن استثمارات المشروع تتوزع ما بين 800 مليون دولار للمصنع الرئيسي، أما باقي الاستثمارات وهي ونحو 30 مليون دولار لنقل الخامات من خلال سيور جديدة وإعادة تأهيل خط السكة الحديد بطول يصل لنحو 700 كيلو متر وصولًا إلى ميناء سفاجا عبر محافظة قنا باستثمارات تصل لنحو 400 مليون جنيه، بالإضافة إلى رصد نحو 150 مليون دولار للوحدات المتحركة والتي تشمل عددا من المهمات والسيارات، فضلًا عن مشروعات تعدينية في منطقة سفاجا بنحو 60 مليون دولار لا تخص شركة فوسفات مصر فسيتم تدبير تمويلهم عن طريق جهات عديدة في الدولة.

من سيربح الكنز؟

من جانبها، أعلنت شركة فوسفات مصر أنها تلقت 3 عروض من تحالفات عالمية لتنمية واستثمار مشروع فوسفات أبو طرطور وتنفيذ مصنع حامض الفوسفوريك، وهذه التحالفات تقودها شركات “سايبن” الإيطالية و”إنتكسا” الإسبانية و”تشاينا ستيت” الصينية.

وقال رئيس شركة الوادي لصناعة الفوسفات المالكة للمنجم مدحت منير: إن الشركة ستبت في العروض الثلاثة خلال الشهرين المقبلين.

ومن المتوقع أن تصل استثمارات المشروع الإجمالية إلى نحو 1.4 مليار دولار، تتوزع على مصنع ومنظومة نقل الخامات، إضافة إلى إعادة تأهيل خط للسكك الحديد يصل طوله إلى 700 كيلومتر يربط المنجم في محافظة الوادي الجديد بميناء سفاجا على البحر الأحمر.

من جانبه، أكد خالد الغزالي حرب، رئيس شركة فوسفات مصر، أن إجمالي احتياطي المشروع من الفوسفات يصل نحو مليار طن، وهو يستهدف تصدير كامل الإنتاج خارج البلاد الأمر الذي من شأنه أن يضع مصر على خارطة الفوسفات العالمية ويحسن سمعة تلك المنطقة التي فر منها المستثمرون خلال السنوات الماضية.

ووفقًا لدراسات بنك الاستثمار القومي تتصدر المغرب المركز الأول في إنتاج الفوسفات بنحو 30 مليون طن سنويًّا، وتقتسم كل من مصر والأردن المركز الثاني بنحو 6 ملايين طن، وتأتي تونس في المركز الثالث بـ5 ملايين طن تتبعها المملكة العربية السعودية بـ3 ملايين طن.

ومن المتوقع أن يفتح المشروع فرصًا واسعة لتشغيل وتأسيس صناعات تحويلية مرتبطة بالفوسفات في مناطق كادت أن تصبح مرتعًا لقطاع الطرق والخارجين عن القانون.