الجميعـة يكتب عن أزمة خاشقجي: هكذا تستطيع المملكة مواجهة الإعلام المعادي

الإثنين ٣ ديسمبر ٢٠١٨ الساعة ٩:٤٥ صباحاً
الجميعـة يكتب عن أزمة خاشقجي: هكذا تستطيع المملكة مواجهة الإعلام المعادي

تناول الكاتب والأكاديمي د. أحمد الجميعة أزمة وفاة الصحفي جمال خاشقجي مجدداً، وكيف يمكن التعامل مع هذه الأزمة وتحسين صورة المملكة من خلال استراتيجية جديدة ورؤية مختلفة تلجم الإعلام المعادي والمسيس.

وعقد الجميعة مقارنة في مقال له بعنوان “بين صورتين”، بصحيفة “الرياض”، بين أزمة خاشقجي وأزمة 11 سبتمبر، مؤكدا أن أزمة 11 سبتمبر كانت التحدي الأكبر للمملكة، واستطاعت التعامل معها ومواجهة الإعلام المسيس، وكذلك تستطيع المملكة بقدراتها وإمكاناتها التصدي لمحاولات الإعلام المعادي ومواجهة حملات التضليل في أزمة خاشقجي.. وإلى نص المقال:

فرق بين تحسين الصورة الذهنية للدول والمجتمعات والمؤسسات وبين إعادة بنائها، ورسم توجهاتها، واستثمار علاقاتها، وهو الفارق- بين التحسين والإعادة- الذي ليس من السهل التحول إليه لولا توافر الإمكانات، واستحداث وتطوير منظومة التواصل، ومشاركة الجمهور من الداخل، والتخطيط المستقبلي المتكامل وفق مستهدفات محددة، ومؤشرات أداء قابلة للقياس.

أزمات كثيرة مرّت على المملكة، أهمها وأخطرها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومحاولات الإعلام المسيّس للنيل منها في حينها، حيث بذلت الحكومة والفعاليات الشعبية جهوداً كبيرة لتحسين الصورة، ونفي تهمة الإرهاب عنها، والتأكيد على أن المملكة اكتوت من الإرهاب أكثر من غيرها من الدول، من خلال توضيح الحقائق عبر خطاب سياسي وأمني متماسك ومتوازن، والتقارب بين الأديان؛ لتعزيز فرص الحوار والمشتركات الثقافية بينها، وتنظيم المناسبات من مؤتمرات وملتقيات وندوات في الداخل والخارج، فضلاً عن اتخاذ أنظمة وقرارات تجرّم الإرهاب وتمويله وتسمية عناصره في قوائم متعددة، ورغم كل تلك الجهود المميزة والناجحة، إلاّ أنها كانت في دائرة تحسين الصورة التي بقيت فترة طويلة معرّضة للمساومة والابتزاز من قوى دولية، والأسوأ من إعلام مضاد يناكف المملكة لتحقيق أجنداته.

«أزمة خاشقجي» التي انتهت تفاصيلها بتحقيق العدالة، وفصولها بخسارة قوى معادية لحربها مع المملكة، وما تمت إثارته طوال الشهرين الماضيين في استغلال قضية مقتل مواطن سعودي إلى محاولة استهداف النظام، وتأزيم علاقاته الدولية، وتشويه صورته، وما أثبتته المواقف والتوجهات السعودية الحكيمة والواعية في إدارة الأزمة، والخروج منها، حيث كان جلوس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بين قادة مجموعة العشرين الكبار في العالم، ولقاءاته مع عدد من الزعماء؛ أكبر رد على تلك القوى أنظمة وإعلاماً.

أحداث سبتمبر كانت أخطر على المملكة من أزمة خاشقجي، ومع ذلك نجحت في تجاوزها بالأدوات التي كانت متاحة في وقتها، من خلال تحسين الصورة، واليوم مع الأزمة الحالية لمقتل الصحافي جمال خاشقجي لسنا بحاجة إلى أسلوب التحسين، أو إنفاق الأموال على شركات علاقات عامة، ولكن بحاجة إلى أن نبني ونعزز صورة جديدة للسعودية القوية أمام العالم؛ مهما كان الخطأ الذي ارتكبه المتهمون في القضية، ونواصل التحدث بلغة المصالح التي يفهمها الغرب قبل الشرق، ونوازن بينها، ونمضي بلا قلق، أو توجس، أو ترقب لردود الفعل، ونضع مصالح السعودية فوق كل اعتبار، وهي مؤشرات في مجملها لا تتودد لأحد لتحسين صورتها أمامه، أو تخشى منه، أو تنتظر ما يسفر عنه، ولكنها تبقى شاهدة مع الوقت على أن السعودية كانت أكبر من أن تضيع وقتها وجهدها في تحسين صورتها بعد أزمة خاشقجي.