رسالة داود أوغلو تطالب أردوغان بالتخلي عن رئاسة الحزب وتفضح استغلال النفوذ

الثلاثاء ٢٣ أبريل ٢٠١٩ الساعة ٧:٤٠ مساءً
رسالة داود أوغلو تطالب أردوغان بالتخلي عن رئاسة الحزب وتفضح استغلال النفوذ

تحت عنوان استنتاجات حول نتائج انتخابات 31 مارس والظروف السياسية الراهنة نشر رئيس وزراء تركيا السابق أحمد داود أوغلو رسالة للشعب التركي احتوت على انتقادات ضمنية لما يقوم به الرئيس رجب طيب أردوغان وتحذيرات من استمرار الدولة على هذا النهج.

داود أوغلو حليف أردوغان ووزير خارجيته الأسبق تحدث عن اعتقالات مسيسة ضد أناس أقرباء لجماعة غولن المحظورة حيث تجاوز عدد المعتقلين أكثر من مائة ألف معتقل والتدخل في شؤون حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، واستخدام لغة التخوين ضد الخصوم، والاستغلال العائلي للدولة  حيث إن أردوغان عين صهره بيرق البيرق وزيراً للمالية والخزانة.

زخم التواصل البشري

وقال داود أوغلو في رسالته : “إننا نمر اليوم في مرحلة تاريخية تشهد التحولات الأكثر كثافة في تاريخ البشرية، ويزداد فيها زخم التواصل والتفاعل بين المجتمعات بصورة فائقة، ويمكن فيها تفعيل الفرص والمخاطر الكبيرة بنفس السوية وفي وقت واحد.

في الفترة القادمة، سوف يظهر التمايز الأساسي بين أولئك الذين يديرون هذا الزخم من خلال فهم قيمة اللحظة التاريخية، وأولئك الذين ينجرون داخل هذا التدفق عبر الابتعاد عن القيمة الحقيقية للحظة التاريخية.

التوترات الداخلية

في السنوات الأولى، ومع قدوم حزبنا إلى السلطة برؤية تفهم متطلبات المرحلة الزمنية التي كنا نمر بها وقيم الأمة، أظهر بلدنا أداءً التقط فيه زخم التدفق التاريخي بعد أن عشنا تحولًا ديمقراطيًا عزز ثقتنا بأنفسنا، ومخططًا لتنمية اقتصادية صاعدة، وتأثيرًا دوليًا يتوسع في أرجاء الأرض.

وتابع : لكن التوترات الداخلية التي بدأت مع أحداث غيزي عام 2013، واستمرت مع مؤامرات 17 / 25 ديسمبر، ووصلت إلى مستوى خطير مع عمليات الأنفاق، وبلغت ذروتها مع محاولة الانقلاب الغادر في 15 يوليو، قامت بجر بلادنا من موقف يتمتع برؤية وتقدمية إلى موقف متراجع ودفاعي.

وحزبنا الذي يعد اللاعب السياسي الوحيد الذي يمكنه إدارة هذه المرحلة برمتها، عندما بدأ باستهلاك طاقته في مشاكله الداخلية، بسبب تحريضات وتلاعبات تتجاهل الإرادة الوطنية من قبل بعض البؤر التي كان لها دور رائد في عمليات التآمر هذه، اهتز انسجامنا الداخلي وضعفت قدرتنا على إنتاج وتطبيق الرؤى الاستراتيجية.

محاسبة مفتوحة وشفافة

إلا أن الوضع الاجتماعي والسياسي الذي برز مع انتخابات 31 مارس والأحداث اللاحقة، خلق حاجة لإجراء محاسبة مفتوحة وشفافة وحكيمة أمام الرأي العام فيما يتعلق بمستقبل حزبنا وبلدنا. وأنا أعتبر تبادل وجهات نظري مع أمتنا العزيزة بمثابة مهمة لا مفر منها عشية الذكرى السنوية الـ 99 لتأسيس برلماننا، وهذا مرتبط بالوعي بمسؤوليتي كثاني رئيس عام لحزب العدالة والتنمية، وآخر رئيس وزراء منتخب من قبل الشعب لبلدنا.

لقد أظهرت انتخابات مارس نتائج مهمة، نحتاج إلى دراستها بحكمة وعقلانية، وقد وجهت رسائل مهمة بالنسبة لمستقبل حزبنا وبلدنا للنظر فيها، ومن الأهمية بمكان فهم هذه الرسائل وجعلها ذات أولوية.

وإذا لم يتم استخلاص الرسائل المهمة من التغييرات التي ظهرت في توجهات شعبنا، واتخاذ الخطوات الواجب القيام بها بحزم، فإن مرحلة صعبة تنتظرنا نحن كحزب العدالة والتنمية، وتنتظر بلدنا تركيا أيضاً.

تراجع الدعم الشعبي

في هذا السياق، يتعين علينا مواجهة حقيقة التراجع في الدعم الشعبي لحزبنا وتقييم ذلك بطريقة حكيمة، وخاصة فيما يتعلق بنتائج رئاسات بلديات أنقرة وإسطنبول، والتي تمثل رموزاً مهمة لحركتنا في التكتل والمضي إلى السلطة، ولطالما كانت تحت إدارة كوادرنا منذ ربع قرن.

بادئ ذي بدء، علينا أن نتذكر مرة أخرى أن حزب العدالة والتنمية ليس كيانًا سياسيًا ظهر في ظل شروط سياسية ظرفية. بل على العكس،إنه نتاج التقاء وتراكم جهد مشترك تبلور من خلال تجاوز التحديات، وعرق جبين وأفكار أجيال متتالية من الأمة عبر التاريخ ولهذا السبب، لا يعتمد ويجب ألا يعتمد سبب وجوده ومستقبله على مصير وتقدير أي شخص فانٍ أو مجموعة اجتماعية محدودة أو مجموعة ذات مصلحة اقتصادية أو حتى جيل واحد.

وبالنظر بعمق نحو الماضي فإن هذه الحركة شُيّدت بجهود الأجيال السابقة، وعلى آمال الأجيال القادمة في المستقبل، فلا ينبغي التضحية بها من أجل النفوس المغرورة والحسابات الضيقة.

إننا مدينون كثيرًا للأجيال الماضية التي أسست الأرضية التي بني عليها حزبنا، وإلى الأبطال المجهولين الذين يحملون حزبنا على الأكتاف اليوم.

خمسة عناصر أساسية

هناك خمسة عناصر أساسية تجعل الحركات والأحزاب السياسية الفاعل المهيمن على مشهد التاريخ: (i) منظومة مبادئ وقيم داخلية متناسقة (ii) خطاب متوافق مع روح منظومة القيم هذه (iii) شبكة من العلاقات الاجتماعية منفتحة على جميع شرائح المجتمع، (iv) هيكل تنظيمي قوي يدير هذه الشبكة بفعالية، (v) فكر حر وعقل تشاركي يتيحان إمكانية تطوير سياسات متوافقة مع روح العصر.

سر تميز حزبنا عن الأحزاب الأخرى طوال تاريخنا السياسي والسبب الأساسي لبقائنا في السلطة لفترة طويلة، مخفي في هذه الميزات، ولكن الأحداث التي حدثت في السنوات الأخيرة أظهرت أن هناك ضعفاً خطيراً بالالتزام بهذه العناصر الأساسية وهو يتوسع، والأخطاء والفوضى الملحوظة من كل جانب خلال عملية الانتخابات المحلية الأخيرة وبعدها، هي في الواقع ليست إلا انعكاسات لهذا الخلل.

لغة متكبرة أنانية

هناك قضايا يتعين الحديث عنها بشكل صريح، الابتعاد عن لغة التواضع واستبدالها بلغة متكبرة أنانية، والخوض في منافسات من أجل إطلاق أسماء حتى السياسيين الذين هم في أصغر المراتب على الشوارع والمدارس والمباني، فضلاً عن التعامل بتعالٍ، والإصرار على الظهور الدائم بلا انقطاع، وتوسيع الهوة بين الوعود الخطابية وحقيقة الأوضاع، واستغلال أمور مقدسة (نابعة من الدين) من أجل تحقيق مكاسب سياسية.

لقد نسي البعض أن العمل السياسي وقيادة البلاد هي منوطة بشخص من يتولى القيادة دون تدخل من عائلته أو الدائرة المحيطة به في صنع القرار. كما أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وتجييش من يقومون من خلالها بترويج الافتراءات، وتشويه أي منافس على الساحة، ومحو اعتبار مَن كانوا رفاق كفاح في مسيرة الحزب هو بمثابة انعدام الوفاء لمن بذلوا الكثير من أجل نجاح الحزب.

فجوة سياسية

يلاحظ حدوث ضيق كبير جدًا كذلك في شبكة الاندماج والعلاقات الاجتماعية التي كانت تضع حزبنا في المرتبة الأولى في عموم تركيا. تظهر نتائج الانتخابات الأخيرة أننا حتى مع “تحالف الشعب”، ينحصر نشاطنا السياسي في وسط الأناضول والبحر الأسود مبتعدة عن الأجزاء الساحلية.

وحتى وسط “وسط الأناضول”، هناك تغير حاصل ضدنا. سيتحول هذا التراجع في الدعم على المستوى الجغرافي والاجتماعي، إلى فجوة سياسية إذا لم تعالج أسبابه سواء من حيث الخطاب أو الأفعال.

تراجع شعبية أردوغان

إن ضعف الحماس الذي لوحظ في الانتخابات الأخيرة في مؤسساتنا إلى حد ما، ما هو إلا نتيجة الإحباط الناجم عن عدم الوفاء تجاه عناصر أجهزة ومؤسسات الحزب التي أظهرت تضحيات كبيرة في السابق.
وتابع :  لا يمكن التضحية ببلدنا وحزبنا الذي تأسس بدموع شعبنا، وجهوده، وأفكاره ومشاعره، في سبيل فئة وقعت أسيرة لأطماعها الشخصية وباتت تتبع مصالحها الذاتية. في هذا الإطار، يتوجّب وبأقرب وقت، تعزيز البنية المؤسساتية لحزبنا، وتفعيل آليات الشورى والعقل المشترك وعودة تشكيلاتنا الحزبية إلى وظيفتها الأساسية وإعادة تأسيس روابطنا مع الشعب مرة أخرى على أرضية من التواضع.

سياسة التحالفات

إعادة النظر من قبل حزبنا في النتائج الانتخابية، يجب أن تشمل أيضاً سياسة التحالفات أيضاً. لا شك أن الحوار، والتعاون البنّاء وتطوير المفاهيم المتبادلة بين الأحزاب، هام جداً من حيث ديمقراطيتنا ووحدتنا الوطنية. وفي هذا السياق، كانت بيئة التعاون والحوار عن كثب الذي تجسّد في روح ميدان “يني كابي” في أعقاب مرحلة 15 يوليو/تموز (2016)، خطوة صائبة. بالرغم من هذا، فمن الواضح من خلال النظر إلى النتائج الانتخابية الأخيرة بأن سياسة التحالف أضرت بحزبنا سواء من حيث نسبة الأصوات، وأيضاً من حيث الهوية الحزبية. ولم يستطع حزبنا تحقيق أهدافه سواء داخل التحالف نفسه أو في مقابل التحالفات الأخرى، وخسرنا العديد من البلديات التي كنا نديرها.

إضافة إلى ذلك، وضعت سياسة التحالف حزبنا ضمن نطاق لغة وهوية سياسية ضيّقة، وأضرت بالموقف الخاص بنا والقائم على احتضان كافة مناطق ومجتمعات بلدنا. في هذا الإطار، يتوجّب على حزبنا إعادة النظر في سياسة التحالف ضمن سياق تحليلها الصحيح لنتائج الانتخابات الأخيرة. ففي نفس الوقت نحرص فيه على التعاون الوثيق مع الأحزاب المختلفة حول القضايا التي تهم بلدنا، يجب أيضاً الحفاظ على الهوية والفلسفة السياسية الخاصة بحزبنا.

تجديد من كافة النواحي

باختصار، حزبنا يحتاج اليوم إلى تجديد من كافة النواحي. الأعوام الـ 4 المقبلة والخالية من الانتخابات، تعطينا الفرصة المناسب واللازمة من أجل هذا التجديد. إن استطاع حزب العدالة والتنمية تحقيق هذا التجديد الجذري خلال هذه المرحلة، يمكنه استعادة مكانة الخطاب والمكانة السياسية التي فقدها. والأهم من هذا كلّه، يمكنه استرداد التفوّق المعنوي الذي يخسره بسرعة.

وبما أنه من غير المتوقع التخلّي عن هذه الأمانة وهذا الإرث التاريخي الكبير، بغض النظر عن شخصياتنا الفانية، فلقد وجدت أنه من الضرورة مشاركة آرائي في القضايا التالية، ضمن إطار الحديث عن مستقبل بلادنا.

استقطاب يتجاوز حدود المنافسة

نتيجة لوصف المنافسين بالأعداء من خلال خطابات الصراع على البقاء والوجود، والاستقطاب الذي يتجاوز حدود المنافسة السياسية، نتيجة هذا كله رأيناها للأسف في الاعتداء البشع بأنقرة خلال حادثة جنازة شهيد كان من المفترض أن يوحدنا جميعاً. مرة أخرى أندد بالاعتداء الذي استهدف زعيم المعارضة، وأدعو الجميع للتحرك ضمن النظام الديمقراطي والابتعاد عن الخطابات السياسية الاستقطابية.

علامات استفهام كبيرة

هناك علامات استفهام تظهر لدى الضمير العام في مسألة مكافحة منظمة “فتح الله غولن” الإرهابية عندما يتم فصل موظف من المستويات المنخفضة من العمل بسبب علاقة أحد أقربائه بمستوى متدن أيضاً مع المنظمة، بينما لا يكون هناك حرج في تسليم أرفع المناصب في الدولة لأشخاص درسوا في مدارس المنظمة ولديهم أخوة أو أقارب يشغلون مناصب مهمة في المنظمة وكان لهم دور في عملية الانقلاب.

إن حاجة تركيا إلى دستور مدني وديمقراطي وشامل أصبحت أكثر من أي وقت مضى. وكنت قد طرحت على رئيسنا بشكل خطي ولفظي هواجسي ومقترحاتي حول حزمة البرلمان فورًا. ولكن للأسف، ما شهدناه في الفترة الماضية برر مخاوفي، على أن أقول متأسفًا إن نموذج النظام الجديد لا يلبي تطلعات أمتنا سواء من حيث أسلوب الهيكلة أو التنفيذ. وفي هذا الجانب، نحتاج إلى إجراء مراجعة جادة وصادقة حول مسألة تغيير النظام.

مراجعة سيادة القانون

النقطة الأولى التي يجب أن نبدأ بها في هذه المراجعة هي مسألة جود وحماية سيادة القانون التي تعتمد على إعادة بناء مبدأ الفصل بين السلطات. شهدت تركيا أزمات في الإدارة بسبب القيادة المزدوجة في السلطة التنفيذية والتي نجمت عن دستور 12 سبتمبر. قام النظام الجديد بحل هذه المشكلة، لكنه أضر بمبدأ فصل السلطات عن طريق هيمنة التنفيذ على التشريع والقضاء، وعطّل آليات التوازن والرقابة.

إعادة تنظيم بنية الدولة

هناك مسألة أخرى نحتاج إلى معالجتها في إطار هذه المراجعة وهي مسألة إعادة تنظيم بنية الدولة. تستمد الدولة استمراريتها على مر التاريخ من خلال الممارسات المعمول بها والمؤسسات العاملة. إعادة تنظيم هذه الممارسات والمؤسسات وفقًا للظروف المتغيرة، أمر ضروري لمجاراة لتدفق الطبيعي للتاريخ. في عملية إعادة التنظيم هذه، يجب حماية توازن “الاستمرارية – التغيير” بعناية. تأخير التغيير الضروري عن طريق تعطيل هذا التوازن لصالح الاستمرارية، يؤدي إلى ظهور “ستاتسكو” وجمود، بينما يؤدي تعطيل التوازن لصالح التغيير إلى تحول بنية الدولة للوحة “اكتب – امسح”، ويضعف استمرارية الدولة.

يجب التخلي عن التعصب المؤسسي القائم على الوضع الراهن من خلال إعادة تنظيم الدولة، ولكن مع حماية الثقافة والذاكرة المؤسساتية بعناية. يجب أن يتم هذا التنظيم بحكمة تأخذ في الاعتبار تراكم الخبرة للدولة ومتطلبات الزمن وتفعّل العقل المشترك، وليس عبر القرارات الظرفية والتعسفية والمفاجئة.

في هذا السياق، تتمثل إحدى أهم سمات بنية دولتنا، في تمثيل منصب الرئاسة للمجتمع بأسره واحتضان جميع الشرائح. إن منع الصراع بين النظام الرئاسي التقليدي لدينا والقائم على احتضان جميع الشرائح وبين النظام الرئاسي القائم على أساس الهوية الحزبية، يعد من أكثر القضايا الحساسة التي نحتاج إلى أخذها في الاعتبار عند الانتقال من النظام البرلماني الذي أخلّ بطبيعته دستور 12 سبتمبر، لصالح النظام الرئاسي.

الجمع بين رئاسة الحزب والدولة

الانتماء الحزبي للرئيس لا يعد مشكلة كما يلاحظ في الأنظمة الرئاسية الديمقراطية، ولكن تولي نفس الشخص لمنصب الرئاسة العامة للحزب أيضاً يشكل عيوبًا من حيث عمل الدولة وإضفاءً للطابع المؤسسي على الحزب. خوض الرئيس كطرف في الصفوف الأولى في الانتخابات، وفي الجدل السياسي الكثيف والشديد في أغلب الأحيان والذي يتطلبه المناخ الانتخابي، يؤدي إلى ابتعاد مؤسسة الرئاسة نفسياً عن نصف المجتمع على الأقل، في الوقت الذي يجب أن تكون فيه على مسافة واحدة من كافة شرائح المجتمع وفق تقاليدنا في مسألة الدولة.

في هذا الصدد، يجب إعادة تقييم نظام الرئاسة المرتبطة بالحزب باعتباره واحداً من أهم العناصر الأساسية للنظام الجديد، بشكل مستقل عن شخصية رئيسنا، وإزالة العيوب الناجمة عن إدارة منصبي الرئاسة والرئاسة العامة للحزب في نفس الوقت.

انتهاك الدستور

إنه لمن غير المقبول أن تتحول المخاوف الأمنية إلى حالة يتم معها القيام بعد الانتخابات المحلية الأخيرة بسلب حق دستوري -كالتصويت والترشح للانتخابات-، من أيدي أولئك الذين فصلوا من وظائفهم العامة إبان حالة الطوارئ دون أن يكون هناك قرار من المحكمة. وأنا حتى لا أريد التفكير فيما يمكن أن تسفر عنه مزاجية كهذه على المدى الطويل، تُصدر قرارات إدارية، وممارسات خاطئة. فالدستور نص أساسي للجميع، لا يمكن تفسيره بشكل مزاجي.

حرية الصحافة

أما الصحافة التي توصف في الديمقراطيات المتقدمة على أنها السلطة الرابعة، والتي تعتبر في الوقت ذاته العنصر الأساسي للفكر الحر، والنقد، فقد باتت وسيلة للدعاية التي تدار من قبل مصدر واحد. الحرية الصحفية الحقيقية هي الجهاز المناعي لديمقراطيتنا. ومن ثم فإن تدميرها، والتوجه إلى احتكار الصحافة بأساليب قمعية وغير قانونية، لأمر من شأنه تضييق القدرة العقلية لتركيا.

إدارة الأزمة

ثمة أزمة إدارة تكمن في أساس الأزمة الاقتصادية التي نعيشها. إنّ القرارات المتعلقة بالسياسات الاقتصادية بعيدة عن المعطيات الحقيقية، إن كانت الإجراءات المتخذة بخصوص السياسات الاقتصادية تتنافى مع إجراءات السوق وعلم الاقتصاد، وإن ساد مفهوم في الرأي العام يقول إنّ هذه الإجراءات اتخذت بشكل كيفي ولها طابع جهوي، فإن الثقة بالحكومة ستتراجع. لا يمكن إعادة ملف الاقتصاد لوضعه الصحيح من جديد دون إعادة تأسيس الثقة، من أجل منح الثقة للشعب يجب تحقيق الثقة بالنفس في الحكومة ذاتها. والثقة بالنفس ينبغي تحقيقها بالمعلومات والخبرة والقيام بما يلزم، في حال وجود شخص غير مسلح بالتجربة والمعلومات، ومدفوع بقرابة شخصية، وثقة بالنفس مبالغ فيها، سيبقى التصور بعيداً عن الواقعية.

حلول اقتصادية

الحل يكمن في تهيئة بيئة استثمارية يتم من خلالها تحقيق انخفاض مستمر في نسب التضخم، وزيادة التوقعات الاقتصادية، وتخفيف الأزمات، وتأمين استثمار آمن لرؤوس الأموال الأجنبية وعدم اضطرار رؤوس الأموال في تركيا للبحث عن سبل من أجل الاستثمار في الخارج. في مثل هذه البيئة الاستثمارية أسعار الفائدة ستهبط باستمرار، والليرة التركية ستكسب القوة والسمعة.

وختاماً أريد أن التأكيد – بخصوص التحديات التي واجهناها في السنوات الأخيرة – على تحرير عقولنا والاستعداد النفسي وتقوية روابطنا الاجتماعية واتخاذ الخطوات الضرورية من أجل مستقبلنا المشترك. وأدعو القائمين على حزبنا ومؤسساته المعنية، لتقييم رؤيتنا المستقبلية وكافة النقاط الواردة أعلاه، بعقلانية وهدوء وتأني والإعداد للمستقبل قبل أن يصاب الأوفياء والمخلصون في القاعدة الشعبية لحزبنا بخيبة أمل، وأدعو أصحاب الفكر والمتنورين والمواطنين من كافة الانتماءات الحزبية أن تتضافر جهودهم من أجل رسم مستقبلنا المشترك على أساس الإرادة والضمير والعقل المشترك. اليوم هو يوم تلاقي عقل الدولة وكرامة الإنسان وضمير الشعب”.