مصارحة الشيخ عائض القرني حول الصحوة تحدد ملامح الفرق بين التقليد والتجديد

الثلاثاء ٧ مايو ٢٠١٩ الساعة ٤:١٠ مساءً
مصارحة الشيخ عائض القرني حول الصحوة تحدد ملامح الفرق بين التقليد والتجديد

نادر هو الرجل الذي يعترف بالخطأ ويتراجع عنه، وقليل من لديه الشجاعة لمواجهة قناعاته السابقة، وهذا هو ما فاجأنا به الشيخ الدكتور عائض القرني، الذي قدّم مصلحة مجتمعه على مصلحته الشخصية ولم يؤثر السلامة، في أجرأ حديث واعترافات، حول مرحلة “الصحوة”، التي ترمز للعقود الأربعة الماضية في المملكة، عندما ساد فكر ديني مثير للجدل على الحياة العامة في البلاد، ومحاولات فرض الوصاية الصحوية على الدولة، عبر الضغط بالشعب على الدولة.

الصحوة ضيّقت على الناس:

لم تكن حلقة عادية من برنامج “الليوان”، الذي يقدمه الإعلامي عبدالله المديفر عبر قناة “روتانا خليجية”، واستهله في غرّة شهر رمضان، باستضافة الشيخ الدكتور عائض القرني، الذي دخل في مكاشفة عميقة لأخطاء شخصية وأخطاء حركة الصحوة تجاه المجتمع والدولة السعودية.

وجاء اعتذار الدكتور القرني، ليطرح العديد من التساؤلات، إذ إنّه اعتذر باسم الصحوة للمجتمع السعودي عن الأخطاء التي خالفت الكتاب والسنة، وسماحة الإسلام، وضيقت على الناس، معلنًا اصطفافه اليوم، وبعد أعوام من البحث والدراسة، أنَّه مع الإسلام المعتدل المنفتح على العالم، الذي نادى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان به، مؤكّدًا أنه “داعية الاعتدال والوسطية الأول في السعودية”، وأنه “سيسخر قلمه في خدمة مشروع ولي العهد في الاعتدال”.

مآخذ كشفها النضج:

وفي مكاشفة ونقد ذاتي علني لخطاب الصحوة، بيّن الدكتور القرني، أنَّه “من الأخطاء التي وقعت فيها الاهتمام بالمظهر أكثر من المخبر، والوصاية على المجتمع، وتقسيمه لملتزمين وغير ملتزمين”.

وكشف أنَّه “في تلك الحقبة، بعض الزواجات تحولت لحسينيات، إذ استبدلوا الأناشيد والفرح بالوعظ”، معترفًا بأنَّه “حرّم على الناس مظاهر الفرح، من باب الالتزام القوي والشدة”، ومضيفًا: “بعدما كبرنا ونضجنا اكتشفنا هذه المآخذ”.

فظاظة وغلظة سرقت الفرح:

وأشار الشيخ القرني، إلى أنه من أخطاء الصحوة انتزاع البسمة وروح الفرح من المجتمع، لافتًا إلى ما اتّسم به الخطاب الصحوي من الفظاظة والغلظة، وكأنه لا يوجد غير نار بدون جنة، وعذاب بدون رحمة.

كما انتقد تقسيم الناس لملتزم وغير ملتزم اعتمادًا على المظاهر، مثل اللحية والثوب، كاشفًا أنَّ “الصحوة بعدما أصيبت بالتشدد، صارت ترى سلبيات الدولة فقط ولا تنظر إلى إيجابياتها، وهذا سبب الصدام والسجون والإيقاف”.

من التقليد إلى التجديد:

الدكتور القرني، الذي توصل بنفسه بعد أعوام من التمحيص والدراسة إلى أنَّ “الصحوة” كانت بعيدة عن رحمة الإسلام وجوهره، وخلال إعلانه الصريح التراجع عنها والانضمام إلى الإسلام الوسطي المعتدل بعدما كان أبرز رموز الصحوة ، قال: “أنا في هذه المرحلة مقارنة مع الماضي، من التعسير إلى التيسير، ومن التقليد إلى التجديد”.

وأسهب القرني في حديثه عن تلك المرحلة، مشيرًا إلى أنها “ظاهرة اجتماعية ينبغي علينا أن نتوخى الدقة والإنصاف في الحكم عليها، ولها إيجابيات وسلبيات، وممن مدحوها الملك فهد والشيخ ابن باز وابن عثيمين”.

وشدّد الداعية القرني، على أنَّ “الصحوة ليست امتدادًا لثورة الخميني، بل ربما كانت ردًّا على هذه الثورة، لكنها كانت موجة كبيرة دخل فيها الكثير من الأطياف، منهم مستقلون وإخوان وسروريون”.

القرني وقطر:

وهاجم الدكتور عائض القرني قطر بشدة، مؤكّدًا أنَّ علاقته بها انتهت بعد أن اكتشف تآمرها، ولافتًا إلى أنَّ “الدوحة كانت تدعم معارضين في المملكة وتجنسهم، وكلما ابتعد المواطن السعودي عن دولته خلال الفترة الماضية، كلما كان محببًا لدى قطر”.

وأكّد القرني، في شأن لم يعد هناك اثنان يختلفان عليه، أنَّه “لم يعد هناك مجال للمجاملة؛ حيث إن الوطن والقيادة مستهدفان”، مبيّنًا 3 خطوط حمراء، هي “الإسلام المعتدل الوسطي، والوطن والقيادة، والمبايعة للملك سلمان وولي عهده”، ومُقرًّا بأنَّ “إيران وأردوغان وإيران والإخوان يستهدفون المملكة”.

وأعلن القرني، في شجاعة نادرة ووضوح وصراحة، خلال حلقة المكاشفة التي ظهر للمرة الأولى من خلالها بعد انقطاع إعلامي طويل، أنَّ “الحياد خيانة”، ومؤكّدًا أنّه “الآن أعلن أنا سيف من سيوف الدولة”.