بعد واقعة “الانتحار بالكلور”.. خبراء يضعون روشتة علاج المراهقين من العنف!

الخميس ٣١ أكتوبر ٢٠١٩ الساعة ١١:١٠ صباحاً
بعد واقعة “الانتحار بالكلور”.. خبراء يضعون روشتة علاج المراهقين من العنف!

الحب في الصغر وارد، ولكن أن تقع فتاة لم تتجاوز عقدها الأول من العمر في حب بالغ، هو ما يدق ناقوس الخطر، أمام أولياء الأمور والمربين وخبراء نفس الطفل.

قلوب خضراء في مرمى الانتحار.. تعددت الطرق والخطر واحد!

وفي هذا الإطار العجيب حاولت طفلة في العاشرة الانتحار بإحدى مراكز التسوق بإحدى المناطق بتناولها لمادة الكلور بعد اكتشافها أن قريبها الذي أحبته ووعدها بالزواج كان يخدعها ولا نية لديه في الزواج منها ما أصابها باليأس وقررت إنهاء حياتها، وأُبلغت الجهات المختصة ونُقلت لأحد المستشفيات برفقة سجّانة، وهي مقيدة بالسلاسل الحديدية ، فيما وجرى الاتصال على ذويها مراراً وتكرار ولكن لم يرد أحد.

وأثير التساؤل : ما الذي يدفع طفلة لم تتجاوز السن القانونية للانتحار؟ وما الذي دعا المراهقين أو الأطفال لمثل هذه التصرفات الدخيلة والتي غزت مجتمعاتنا العربية بشكل لا تكاد تستوعبه عقولنا، ظاهرة أثارت الجدل في المجتمع السعودي فما هي أبعادها؟!

وعلى الرغم من ندرة وقلة حوادث الانتحار في مرحلة الطفولة منذ القدم، إلا أنه أصبح سيناريو يتكرر، ومعدل حدوثه بات في ازدياد مضطرد وبشكل يدعو للقلق ودق ناقوس الخطر بوجود مشكلة حقيقية، تشمل الفئة العمرية الأقل من 18 عاماً، فقد وجدنا أن أغلب البلاغات بوقتنا الحالي كانت تشمل هذه الفئة وبشكل كبير بالرغم من أن الدراسات التي أجريت سابقاً كانت الفئة العمرية أكبر من ذلك وهذا يعد مؤشراً خطيراً لانتشار هذه الظاهرة بين صغار السن.

وفي هذا السياق، ذكرت الأخصائية الاجتماعية رقية الفلة، لـ “المواطن” أن الانتحار مشكلة قديمة ولكنها أصبحت في تزايد مستمر في الآونة الأخيرة، وذلك يرجع إلى عدة أسباب بعضها ظاهر والآخر خفي.

وعزت الأسباب إلى العنف الذي قد يكون سببا في اللجوء للانتحار أو لربما كان الدلال الزائد والذي يخلق بدوره جواً من الملل والكآبة ويمر الفرد بتغيرات نفسية على إثره بدءاً بالاكتئاب ووصولاً إلى العزلة الاجتماعية والتي قد تؤدي إلى الانتحار في نهاية المطاف.

وأضافت كذلك فأن الرواسب النفسية السلبية والأحداث والمواقف الاجتماعية المؤلمة التي تنشأ داخل النفس البشرية خاصة عند الأطفال أو المراهقين وعدم مقدرتهم على التعبير أو الإفصاح عنها قد تؤدي بهم إلى التفكير في الانتحار.

دور وسائل التواصل الاجتماعي في دعم العنف

ولا يقل دور وسائل التواصل الاجتماعي أو القنوات التليفزيونية في رسم وترسيخ صورة الانتحار في أذهان البعض. فهناك بعض المسلسلات والأفلام والألعاب الإلكترونية تبث أفكارا هدامة وتحرض على ممارسات غير سوية ومؤلمة للروح البشرية والتي تشجع الانتحار لهذه الفئة العمرية.

وفي ذات السياق أضاف الدكتور علي القط، أخصائي الطب النفسي وطب نفس الأطفال والمراهقين لـ “المواطن”، أن معدل الانتحار بين فكرة ومحاولة وتنفيذ، في السن من 10 إلى 14سنة في الذكور يشكل ما نسبته 2.3 في كل مائة ألف مقارنة بالإناث اللاتي كانت نسبتهن 0.6 في كل مائة ألف، وازداد المعدل بعد سن 14 في المراهقة المتأخرة ليصل إلى 13.2 في كل مائة ألف من الأولاد و8.2 في كل مائة ألف من الإناث. وإن كانت هذه معدلات الحالات التي نفذت الانتحار فإن معدل المحاولات أكثر بكثير من هذه النسبة. وإذا كان التنفيذ والمحاولات كذلك فكيف بالأفكار الانتحارية؟

ولفت إلى أن حدوث الانتحار لدى الأولاد خمسة أمثاله لدى الإناث وهذا مؤشر لانتشار فكرة الانتحار عند الأولاد أكثر منها عند الإناث في سن المراهقة، وقد ترجع أسباب الانتحار لدى الأطفال والمراهقين لعدة عوامل نفسية: أهمها الاكتئاب وخاصة الاكتئاب الجسيم.وكذلك الشعور بالإحباط والعجز وفقدان الثقة لدى الطفل والمراهق. وأيضاً يعد تعاطي المواد المخدرة أو الإدمان دافع كبير للضلوع أو الشروع في الانتحار. والتعرض للضغوط الحياتية المستمرة التي يمر بها المراهق ولا يجد لها حلا قد تؤدي للانتحار، كذلك الاندفاعية والسلوك العدواني لدى المراهق، وتاريخ المحاولات الانتحارية السابقة مع الشخص نفسه أو مع الأقارب والمحيطين به.

طرق لمواجهة ظاهرة الانتحار ونفسية المنتحر

وشدد القط على أنه يلزم لذلك تدخل علاجي سريع عن طريق العلاج الدوائي وجلسات العلاج النفسي والمتمثل في:

– ترك المجال للطفل والمراهق للتعبير عن مشاعره دون حكم عليها أو نقد لها أو كبتها فذلك لن يجدي نفعاً.

– تحرير مشاعر المراهق والإنصات لها عن طريق الحوار الإيجابي الناجح بينه وبين ذويه فهو الخط الأول للحفاظ على حياته الغالية ووقايتها من الانتحار

– تقبل مشاعر الطفل والسماح له بالتعبير عنها للكشف عن ما بداخله.

– طلب المساعدة في أقرب وقت من المتخصصين في الطب النفسي أطباء وأخصائيين نفسيين واجتماعيين فالدعم النفسي واتباع الخطة العلاجية يؤدي بفضل الله للتخلص من هذه المشكلة.

الناحية القانونية

هذا من جانب أهل الاختصاص أما من الناحية القانونية وفي جانب العقوبات النظامية لحماية الطفل، أوضح المحامي فيصل الشمري لـ “المواطن“، ماهية قوانين حماية الطفل من الانتحار “في النظام الذي صدر من هيئة الخبراء بمجلس الوزراء”، مؤكداً أن الأصل أن يتم توفير حماية نفسية وجسدية حتى يعيش الطفل طفولته وينعم بحياة مستقرة خالية من التوترات أو النزاعات، حيث إن الطفل لا يقدم على الانتحار إلا بوجود تشوهات في حياته أي أسباب رئيسية أدت إلى انتحاره.

من المتسبب؟

الشمري أرجع الأسباب لضعف الرقابة “الأهل – المجتمع – المدرسة – الجهات الإعلامية” أو عوامل خارجية “ظروف عائلية تضغط على الطفل”، وأيضاً سببها الإعلام وما يتم نشره، حيث تقع المسؤولية حسب مكان وجود الطفل إذا كان بين عائلته أو مع أحد الأبوين إذا كانا منفصلين؛ لأنه في تحديد المسؤولية يعتد بالمتسبب المباشر.

وحول على مَن تقع المسؤولية والعقوبة، يقول إن المسؤولية تقع في البيت على الأم والأب وخارج البيت فهي تقع على المدرسة، مؤكداً ضرورة أنه بعد ما يتم إبلاغ الجهات المختصة وحسب ما ورد في نظام حماية الطفل المادة ٢٢و ٢٣ تقوم هيئة التحقيق والادعاء العام بالتحقيق في مخالفات النظام وتقرير العقوبة المناسبة في حق هذا المخالف.