نيويورك تايمز: العراق ينتفض ضد الاحتلال الإيراني المشؤوم

الثلاثاء ٥ نوفمبر ٢٠١٩ الساعة ٢:٠٣ مساءً
نيويورك تايمز: العراق ينتفض ضد الاحتلال الإيراني المشؤوم

بدأت الاحتجاجات العراقية متفرقة، وتوسعت بشكل مطرد، ليصل عدد المتظاهرين إلى نحو 200 ألف عراقي؛ محتجين على وجود محتل أجنبي، وهو ليس الولايات المتحدة هذه المرة، ولكن إيران، بحسب ما أفاد تقرير صحيفة “نيويورك تايمز”.

وقالت الصحيفة إن المحتجين يوجهون غضبهم ضد جمهورية إيران التي يرون أنها تتمتع الآن بنفوذ كبير، وتتردد شعارات على غرار: “عراق حرة حرة، إيران برا برا”، ويهيمن الشباب على التواجد بصورة كبيرة، وانضمت أيضًا النساء، في لفتة نادرة، وأشخاص من جميع الأعمار”.

يدور صراع الآن حول من سيشكل مستقبل البلاد، العراق، إلى جانب لبنان، الذي غمرته الاحتجاجات أيضًا فيما يعد جزء من ثورة متنامية ضد جهود إيران لإظهار قوتها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

المحتجون سئموا الفساد

وسئم المحتجون من الفساد والميليشيات الشيعية، التي تطورت إلى مافيا، على حد وصف الصحيفة، مضيفة أن الثورة لها بعد اجتماعي، ففي العراق، كانت الوطنية دائماً سياسة، والآن لديها عنصر العدالة الاجتماعية. 

المعركة أيضًا لها بعد آخر أكبر من إيران، وهو الصراع بين العراقيين الشباب وجيل أكبر سناً وأكثر حذراً، بين نخبة سياسية وفوج صاعد يرفض قيادتهم، بين أولئك الذين استفادوا بشكل كبير منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بصدام حسين، وبين أولئك الذين يكافحون من أجل الحصول على الوظائف والفرص بينما توزع الأحزاب السياسية التي تربطها علاقات مع إيران، المصالح على من تريد.

ثورة بعد 99 عاماً

يذكر أن آخر ثورة في العراق كانت عام 1920، أي منذ 99 عاماً، في نهاية المطاف فشلت تلك الثورة، لكن سيطر عليها رفض النفوذ الأجنبي، وهو المبدأ الذي توارثه الأجيال، وبات سمة في تكوين الشخص العراقي.

ومنذ قرن كان الهدف هو تقويض الاحتلال البريطاني، ثم إنهاء الغزو الأمريكي، والآن إيران.

والنظام الذي تم تطبيقه بعد غزو عام 2003، كرس نظامًا لتقسيم السلطة السياسية على أسس دينية وعرقية، واستغلت إيران ذلك الإطار، لتظل في السياسة العراقية.

ومع انسحاب الولايات المتحدة من العراق بعد عام 2009، وسعت الأحزاب المرتبطة بإيران شبكاتها داخل الحكومة، في عام 2014، عندما غزت داعش العراق، كانت إيران هي التي سارعت إلى إنقاذ البلاد، وساعدت في تشكيل ميليشيات لمحاربة المتشددين، وبحلول عام 2018 أصبحت قوية للغاية، بحيث أصبحت الأحزاب السياسية المرتبطة بإيران هي المسيطرة على الحكومة.

وفي الوقت نفسه، على المستوى الشعبي وبين شباب البلاد، كان هناك شعور متزايد بأن إيران تستفيد على حساب العراق، وأصبح ذلك جزءًا من الخلفية السياسية للاحتجاجات، ويدرك الموجودين في المظاهرات أن ميزانية الدولة تذهب إلى إيران لدعم الحرس الثوري، وجميع الوزارات، وجميع المنشآت المدنية في العراق تديرها إيران.

وتبدو مطالب المتظاهرين، التخلص من الفساد، وإنهاء الأحزاب السياسية، وإنشاء نظام رئاسي بدلاً من النظام البرلماني، منطقية، وفي الوقت نفسه، يكاد يكون من المستحيل تحقيقها دون سفك دماء.

وأضافت الصحيفة أنه يصعب تحقيق ذلك؛ لأن المتظاهرين يطالبون بشكل متزايد بنتائج فورية، رحيل الحكومة، قوانين جديدة، وانتخابات جديدة، ودستور جديد، وهو أمر لا يمكن تحقيقه بين عشية وضحاها. 

ويحاول الرئيس العراقي، برهم صالح، اتخاذ خطوات في هذا الاتجاه ، من خلال إدخال تشريعات من شأنها القضاء على النظام الحالي لقوائم الأحزاب والسماح للناخبين بالإدلاء بأصواتهم للمرشحين الفرديين.

وخلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر، قُتل ما يقرب من 150 محتجًا، وأصيب معظمهم بالرصاص، وأصيب 5500 شخص، بينهم أكثر من 1000 شخص من أفراد قوات الأمن، وفقًا لتحقيق حكومي في الحادث.

واتخذ رئيس الوزراء، خطوات لتحسين حياة العراقيين، من تزويد الكهرباء،  وتحسين العلاقات مع أكراد العراق، وإزالة الجدران التي قسمت بغداد، لكن لا تزال  الأحزاب المرتبطة بإيران تسيطر على خمس وزارات رئيسية على الأقل، بما في ذلك وزارات الداخلية والاتصالات والعمل والشؤون الاجتماعية، وهذا يتيح لهم الوصول إلى الآلاف من وظائف المحسوبية والعقود والمنح، ويولد الفساد الذي يدينه المحتجون.

وأعلنت وسائل الإعلام العراقية، أمس الاثنين، أن الحكومة قطعت الإنترنت، ولم يكن هناك أي تفسير، لكن المسؤولين قطعوه أيضًا في أوائل أكتوبر، عندما اعتقدوا أن الاحتجاجات خرجت عن السيطرة، وتم حجب منصات السوشال ميديا مثل فيسبوك، تويتر، واتس آب.

ويبقى من غير الواضح متى سيبقى المتظاهرون في الشوارع، ويبدو أن الجواب هو أنهم سيبقون طالما احتاج الأمر.