الأنانية في أبشع صورها!

الجمعة ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٠ الساعة ١٠:١١ مساءً
الأنانية في أبشع صورها!
بقلم : تركي الدويش

الحياة بطبيعتها وما يعتريها من ضغوط ومتاعب تُحتم على الإنسان أن يُروح عن نفسه بملذات الحياة المباحة من سفر ونزهة وما شابهها.

فكان أن رتب مع أخيه للسفر لبضعة أيام، وقضاء بعض الوقت من أجل النقاهة والترفيه عن النفس، حددا الوجهة المستهدفة وانطلقا بمركبتهما وهما قد رسما في خيالهما فرحًا مما سيجدونه هناك من متعة وسعادة.

وصلا لوجهتهما وبعد أن أخذا قسطًا كافيًا من الراحة نهضا ليبدأ في عملية التنزه واستكشاف المنطقة.

نطق الأخ الأصغر مقترحًا مكانًا ما ظنًّا منه أن أخاه الأكبر سيتفاعل مع ما أبداه إما بذكر مكان آخر على سبيل المشورة أو موافقته على اختياره، ولكنه تفاجأ بأن ذكر له أنه قد قرر سلفًا الذهاب لمكان آخر ولن يذهب لغيره!

طأطأ برأسه كناية على الموافقة الممتعضة! وقال في نفسه: لعل ذلك المكان في خاطره ولذا لم يتنازل عنه.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل كانت الرحلة منذ نقطة الانطلاق لحين العودة تحت تفرد الشقيق الأكبر بالقرارات، بينما اكتفى أخوه بالتنازل في كل لحظات رحلتهم حتى انقلبت بالنسبة له لتعاسة وصراع نفسي لما وصل له من حالة لإنكار ذاته ورغباته!

تمنى معها لو لم يسافر واكتفى بمكانه، حيث ممارسة ما يرغب بدلًا عن ذلك!

إن تقديم التنازلات والتضحيات مطلب في لحظات وحالات معينة؛ لتستمر العلاقة بين أطرافها أيًّا كان نوعها؛ زوجين، أصدقاء، أقارب.

فمن الطبيعي أن تواجه يومًا ما موقفًا يتطلب تقديم تنازل منك حتى تستمر الحياة. المعضلة أن تظن أن الاستمرار في التضحية سيعود عليك بالنفع ويقوي من علاقاتك؛ فالحقيقة أن هذا الشيء بدون أدنى شك سينعكس سلبًا عليك وعلى صحتك مع مرور الزمن، وستعطي إيحاء للآخر بأنك متقبل ذلك؛ مما سيدفعه للضغط عليك بالمزيد بقصد أو بدونه!

ومن الأهمية بمكان أن تنبّه أطراف علاقاتك عندما تشعر منهم بضغط لتقديم تنازل منك بأن لك الحق في إبداء رأي وتحقيق ما تريد وليس أن تكون مجرد آلة لا تملك أي قرار!

ولنفترض جدلًا أن أصحاب الشأن قد وصلا لنقطة يصعب فيها التنازل كُلية من كلا الطرفين فالأجدر والأولى هنا أن يتم البحث عن نقاط التقاء بين رغبات كل طرف ويكون التنازل مشتركًا بينهما ليتحقق الرضاء لهما!

ومن اتخذ من هذا السلوك المشين له منهجًا، مؤكدًا أنه ستذبل وتتصدع علاقاته، فالآخرون لو تقبلوا مرة لن يقبلوها منك لألف مرة!

وختامًا، لتحافظ على مكتسباتك بارتباطك بمن حولك، عليك أن تضع مفهوم (التنازل) بميزان التوازن فلا إفراط ولا تفريط!

 

* كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية
@TurkiAldawesh