الشمس في يمينه والقمر في شماله!

الأحد ٢٠ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ٣:٤٩ مساءً
الشمس في يمينه والقمر في شماله!
بقلم : تركي الدويش *

لم يكن يشاهد البرامج التلفازية كما يشاهدها غيره من الناس بالاكتفاء بالمتابعة وحسب، بل كان دائمًا ما يتحرك في داخله أثناء تلك اللحظات هاجس تحقيق حلم بأن يمتلك تقديم برنامج خاص به يكون حديث الناس ويصبح من ضمن جدولهم اليومي الأساسي والذي لا غنى لهم فيه عنه.

هذا المشروع يعيش فيه ومعه منذُ أن يفتح عينيه على شروق الشمس معلنة بدء يوم جديد وحتى يغمضها في نهاية اليوم إيذانًا بدخول وقت النوم. لكنه لم يكن يستطع تحقيق مناه؛ نظرًا لأنه لم يجد قناة تحتضنه وتحتضن أفكاره وموهبته، على الرغم من تعدد محاولاته إلا أنها باءت بالفشل حتى تكسرت مجاديفه التي تحمل طموحاته.

حظي بيوم ما بالالتقاء بشخص عن طريق توصية وفتح له قلبه وأطلق لسانه بالحديث عن رغبته وشغفه وبعجز حيلته، لم يكمل حديثه إذ قاطعه ذلك الشخص بأنه مستعد لمد يد العون والمساعدة، ونثر له الوعود التي ملأت جنبات الأرض من أقصاها لأدناها حتى غشي معها صاحب الطموح النعاس من شدة الفرح وهول الصدمة، وخُيل له أنه انتقل من مرحلة الحلم للواقع! ولم يستيقظ إلا بنبرة ذلك الصوت تقول له: ابدأ وأنا معك، وسأقوم بما وعدتك به.

افترقا على أمل اللقاء مرة أخرى لإكمال ما بدؤوا به! ولا أعتقد حينها أن هناك كلمات ممكن أن تصف مشاعر صاحب الطموح. وحصل أن اتصل بمن قدم له الشمس في يمينه والقمر في شماله لمعرفه التطورات فالشغف جعل منه شعلة لا تتوقف! لكنه لم يجد إجابة، كرر الاتصال واستخدم جميع الوسائل الممكنة للوصول له ولكن دون جدوى! وشعر أن الرجل قد اختفى من الوجود ولم يعد له أثر! أصابه من الإحباط والهمّ ما لا تطيق حمله الجبال الرواسي متمتمًا بينه وبين نفسه (ارتفع بي للسماء بوعوده وهوى بي في الأرض باختفائه).

في مسار الزمن لحياتك ستمر بأولئك الذين يقولون ما لا يفعلون، ومن لا يكتفي لسانهم بإطلاق الوعود وضرب الأيدي على الصدور، ثم يكون ذلك سرابًا يحسبه الحالم طوقًا للمساعدة، ولكي لا تصاب بمثل ما أصاب صاحبنا وتضيع وقتك وجهدك لتعلم أن من يسرف بالوعود، والوعد بما ليس في حرزه إنما هو شخص ليس لديه إلا الكلام والثرثرة السلبية، ولو كان لديه القدرة على دعمك ولو بجزء يسير مما ادعى لك لفعل ولم يتخذ الهروب له طريقًا ومنفذًا!

ولا يؤدي بك الشعور بسبب تصرفهم معك بهذه الطريقة أن هدفك لا قيمة ولا أهمية له. وإذا التقيت بأحدهم فلا تسمح له بأن يرفع من سقف طموحاتك لتكون كالبالون الممتلئ بالهواء والذي من المؤكد أنه سينفجر ليتحول إلى قطع متناثرة لا يمكن إعادتها كما كانت عليه، وهكذا حلمك فحافظ عليه منهم حتى ولو لم تفعل شيئًا حياله ولم تتقدم خطوة نحوه، فالوقع سيكون عندها أخف عليك من خداعهم.

وختامًا، ما أكثر أصحاب الكلام وما أقل صنيعهم!

 

* كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية
@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني