القرارات السعودية موجهة للقيادة اللبنانية وليست للشعب اللبناني

العساف لـ”المواطن”: المملكة لم تتأخر عن لبنان في الأزمات وبيان السعودية راقٍ

السبت ٣٠ أكتوبر ٢٠٢١ الساعة ١٢:٥٤ مساءً
العساف لـ”المواطن”: المملكة لم تتأخر عن لبنان في الأزمات وبيان السعودية راقٍ
المواطن - محمد الرحيمي

علق أستاذ الإعلام السياسي الدكتور عبدالله العساف، على القرارات السعودية الأخيرة بشأن لبنان، موضحاً أن السعودية تنطلق في علاقاتها مع لبنان من مرتكزات وثوابت في السياسية الخارجية السعودية التي تضع العرب في دائرة الاهتمام الأولى ومن هنا ترتبط المملكة ولبنان بعلاقات تاريخية طويلة ونموذجية على المستويين الرسمي والشعبي، حيث يستمد الدور السعودي أهميته في القضية اللبنانية عبر جهوده في تسوية الصراع اللبناني، منذ بداية الحرب اللبنانية عام 1975، حيث وقفت السعودية مع لبنان في جميع المحطات والمنعطفات والأزمات المختلفة التي مر بها، ومن هذه الجهود على سبيل المثال لا الحصر عقد مؤتمر القمة السداسية في الرياض 1976، مروراً بمؤتمري الحوار الوطني في جنيف 1983، ولوزان 1984، وحتى الوصول لتطبيق اتفاقية الطائف عندما قامت المملكة بمساع توفيقية كثيرة لوقف الحرب وتسوية الصراع اللبناني، فهناك إجماع على أن الاستقرار الذي ينعم به لبنان إنما هو استلهام من اتفاق الطائف، الذي أنهى الحرب الأهلية؛ حيث كانت المملكة ولا تزال الراعي الأول لهذا الاتفاق، الذي وضع الأسس لنظام سياسي وفاقي منذ ثلاثة عقود.

وأكد العساف أن المملكة لم تتأخر على الدوام عن تقديم الدعم اللازم للأشقاء في لبنان، عبر المواقف السياسية والاقتصادية التي اتخذتها المملكة تجاه لبنان منذ استقلاله، فقد وثق تقرير دولي صدر في عام 2016 حجم المساعدات التي قدمتها المملكة العربية السعودية للبنان خلال الفترة الواقعة بين العامين 1990 و2015، من الهبات والمنح والتي ناهزت الـ70 مليار دولار، قدمت بشكل مباشر وغير مباشر، وتوزعت بين استثمارات، ومساعدات ومنح وهبات، وقروض ميسّرة، وودائع في البنوك والمصارف.

واستمراراً لهذه الجهود السعودية ، يأتي تسيير الجسر الجوي السعودي للبنان الذي وجه به رائد العمل الإنساني خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – بالوقوف إلى جانب الأشقاء في لبنان لمساعدة منكوبي الانفجار في مرفأ بيروت.

وأوضح أنه منذ الساعات الأولى لحدوث الانفجار كانت المساعدات السعودية الطبية التي تم تحويلها من عرسال لبيروت في المقدمة لتقدم المساعدات الطبية والإنسانية بشكل عاجل، في الوقت الذي كانت تفكر فيه بعض الدول أو تعلن عن نيتها بإرسال مساعدات إلى لبنان، هذه هي السعودية تنفتح على جميع الأشقاء اللبنانيين وهو يعكس موقفها الداعم لأمن واستقرار لبنان، وحرصها على تعزيز العلاقات الأخوية مع الشعب اللبناني الشقيق بجميع طوائفه، فالسعودية لا تنظر في أي يد وقعت مساعداتها، الإنسان والإنسان أولا، بخلاف البعض الذي يقدم مساعداته لفئة أو طائفة أو حزب ليقتل مواطنيه!!

وأشار العساف لـ”المواطن” إلى أن المسؤولين اللبنانيين ثمنوا المواقف السعودية التي وصفها رئيس لبنان الأسبق فؤاد السنيورة بأنه كالشمس لا يمكن تغطيتها أو حجبها، فيما ثمن مسؤولون آخرون هذه المساعدات التي تحمل أكثر من 120 طن من الأدوية والأجهزة والمحاليل والمستلزمات الطبية والإسعافية والخيام والحقائب الإيوائية والمواد الغذائية، يجسد القيم الإنسانية الراسخة التي يتحلى بها قادة المملكة العربية السعودية البلد المعطاء، ويبرز الدور المحوري للمملكة على مستوى العالم في تقديم المساعدات للمحتاجين أينما كانوا بكل حيادية.

دعم سعودي متواصل

وأضاف أن الدعم السعودي أسهم في تخفيف الضغط على المستشفيات اللبنانية التي واجهت ظروفاً صعبة في استقبال الجرحى عقب انفجار مرفأ بيروت، لاسيما وأن القطاع الطبي اللبناني كان يواجه قبل هذه الكارثة تحدياً كبيراً آخر في معالجة المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19) والحد من انتشاره وما يميز المساعدات الإنسانية العاجلة التي تقدمها المملكة في أنها تأتي في ظل ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة يعيشها اللبنانيون، كما تتميز المملكة بأن لديها تجربة طويلة في الأعمال الإغاثية، أسهمت في دعم المتضررين من جراء مختلف الكوارث في أكثر من بلد عربي وإسلامي، وتشارك عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مد يد العون والمساعدة للشعوب في مختلف أقطار العالم.

المملكة زعيم العالم العربي والإسلامي

وأكمل الدكتور العساف أن المملكة البلد الذي يتنسم زعامة العالمين العربي والإسلامي، والدولة ذات المكانة في المجتمع الدولي بعضويتها في منظومة الدول العشرين، لم تتأخر في يوم من الأيام عن مشاركة الدول والشعوب المحن التي يمرون بها، مستشعرة هذه المكانة التي تحتلها في الأوساط العالمية.

إساءات لفظية متكررة

ورغم الإساءات اللفظية المتكررة من وزيرين ينظر لهما بأنهما الناطقان عن الحكومة في أي بلد شاء من شاء وأبى من أبى، فهما وزيران لا يخفى عليهما أحداث المنطقة ولكنها التبعية المهينة لحزب الله ومن يقف خلفه، بل هي ثمن الوصول لهذا المنصب، وبكل أسف حتى اللحظة لم تستوعب الحكومة اللبنانية ما حدث، أو لا تريد أن تستوعب، فرئيس الحكومة يناشد السعودية بمراجعة قرارها، ولم يكلف نفسه بأن يعدها بأن يعمل على إصلاح الخلل في حكومته وما تسببت به من حرب غير معلنة على المملكة بتهريب المخدرات بحيل تخفى حتى على الشيطان، فالفواكه أصبحت ملغمة بالمخدرات، والناقلات تحولت جدرانها لمستودعات للمخدرات، ثم انظر إلى ما قاله وزير الخارجية اللبناني بأن ما حدث مشكلة وليس أزمة!! وهذا يؤكد ما قالته قبل قليل.

 بيان سعودي راقٍ

وحول البيان السعودي أكد أنه بيان راقٍ في مضامينه، فهو قدم الأسف على هذه الخطوة التي دفعت السعودية دفعا لاتخاذها، وأنها موجهة للقيادة اللبنانية وليست للشعب اللبناني، ثم لغة البيان الراقية التي وصفت اللبنانيين المقيمين في السعودية بأنهم جزء من نسيج المجتمع ولحمته، ثم ذكر البيان بعض الأسباب المتراكمة التي أدت لهذا القرار ومنها عدم استجابة الأجهزة الأمنية والجمركية اللبنانية لما يردها من طلبات نظيراتها السعودية، ولمخالفة لبنان لاتفاق الرياض القضائي بعدم تسليم المجرمين، كما إن هذا القرار سيتبعه قرارات مماثله من دول مجلس التعاون الخليجي التي ترى أن أمنها واستقرارها واحد وأن من يسيء لدولة فهو يسيء بالضرورة للكيان الخليجي، وهذا يعبر عن إحدى صور التكامل الخليجي ومصدرا لعزتها وهيبتها، فالعالم لا يحترم الدولة كما يحترم التجمعات الكبيرة ذات القوة المشتركة في كلمتها ومواقفها وهذا بلا شك يعزز الوحدة الخليجية ويجعل الآخرين يحسبون للخليج ودوله ألف حساب فهو ذو ثقل اقتصادي وسياسي وله وزنه وتأثيره الإقليمي والدولي.

الأمر مرة أخرى يتجاوز الإساءة اللفظية إلى أمور أمنية تمس الوطن والمواطن، وكما يقال آخر العلاجات السياسية الكي والبتر.