خطيب المسجد الحرام: بعض الناس يدعون الأولياء ويستغيثون بهم وقد أبطل الله هذه الشبهة

الجمعة ١٩ ديسمبر ٢٠٢٥ الساعة ١:٤٣ مساءً
خطيب المسجد الحرام: بعض الناس يدعون الأولياء ويستغيثون بهم وقد أبطل الله هذه الشبهة
المواطن - واس

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور ماهر بن حمد المعيقلي المسلمين بتقوى الله عز وجل، وشكره في السراء، والصبر على أقداره في الضراء.

وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام: “إن شرف العلم يكون بشرف المعلوم، فأفضل العلوم وأشرفها العلم بالله تبارك، وبقدر معرفة العبد بخالقه، يكون قدر إيمانه به وخشيته، فالله تبارك وتعالى هو الولي المتولي أمر الخلائق والعوالم، إنسهم وجنهم، أحيائهم وجماداتهم، فهو خالق الخلق وحده وهو المتولي أمر خلقه، وولاية الله تعالى على نوعين: ولاية عامة للمؤمن والكافر، والبر والفاجر، فهو سبحانه خالقهم ومالكهم، يدبر أمرهم، ويقدر أرزاقهم، فالعباد كلهم تحت ولايته، وطوع تدبيره، والولاية الثانية ولاية خاصة، وهي ولاية المحبة والتأييد والنصرة والحفظ والتوفيق والهداية، وهي خاصة بالمؤمنين وعباد الله الصالحين، والمؤمن يجاهد نفسه، ويلتمس هداية ربه، فإذا أذنب عاد إلى وليه تائبًا، وهذه الولاية خاصة بالمؤمنين، ومنفية عن الكافرين”.

وأضاف قائلا: “إذا تولى الله عبدًا اجتباه، وأكرمه وهداه، فإذا تقرب العبد من ربه شبرًا، تقرب الرب منه ذراعًا، وإذا تقرب العبد إليه ذراعًا تقرب منه الرب باعًا، وإذا أتاه العبد يمشي أتاه الرب هرولة، وتولاه ولاية خاصة، فهذا يوسف عليه السلام، أُلقي في ظلمات الجب، فأحوج الله سبحانه القافلة إلى الماء لتخرجه، وأحوج امرأة العزيز إلى الولد لتأخذه وتتبناه، وأحوج أهل السجن لتعبير الرؤى حتى يخرج من السجن، وأحوج عزيز مصر إلى أن يتخذه وزيرًا على خزائن الأرض، ثم أحوج إخوته للعودة إليه، فجمع الله شمله بوالديه وهو في غاية العز والرفعة”.

وبيّن الشيخ ماهر المعيقلي أن من كان الله وليه، جاهد نفسه على إخلاص العمل له، وجرد نفسه عن حظوظها، وبلجام الطاعة ألجمها، وأقامها فاستقامت، وألانها فلانت، حتى تصبح حركاته وسكناته في رضى ربه ومولاه، خالصة له وحده لا شريك له، ومن كان الله وليه، اطمأن قلبه، وصلح باله، ووثق بنصرة ربه، فكان في حصن حصين وركن شديد.

وأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام أن الله تبارك وتعالى ذكر في كتابه المبين أوصاف أوليائه المتقين، وبيَّن رفيع مكانتهم وعُلُو منزلتهم، وطيب ما بهم، وهم الذين جمعوا بين صلاح الباطن بالإيمان، وصلاح الظاهر والباطن بالتقوى، وبحسب إيمانهم وتقواهم تكون ولايتهم لله، فما تقرب الأولياء المقربون، ولا تنافس المتنافسون بشيء أحب إلى الله من فرائضه التي فرضها، وواجباته التي أوجبها، ثم شمروا إلى النوافل فأدوا ما استطاعوا منها، حتى يحبهم الله، لافتًا النظر إلى أن من أبواب التوحيد العظيمة التي زلت فيها بعض الأقدام هو باب الولاية؛ حين لم يزن أصحابها أعمالهم بميزان الكتاب والسنة، ولم يضبطوها بفهم سلف الأمة، فحصل الغلو في الأولياء، حتى إن بعض الناس أصبحوا يدعون الأولياء من دون الله، ويستغيثون بهم، ويذبحون وينذرون لهم، ويطوفون بأضرحتهم، بزعمهم أن ذلك يقربهم من الله، وأنهم وسائل وشفعاء للوصول إلى مرضاة الله، مبينًا أن الله سبحانه وتعالى أبطل هذه الشبهة، فالأولياء الصالحون هم عباد مكلفون، لا يُصرف لهم شيء من أنواع العبادة، سواء في حياتهم أو بعد مماتهم، بل ولا يُبنى على قبورهم، ولا تُتخذ أماكن قبورهم عبادة.

وقال: “والصواب في هذا الباب لا إفراط ولا تفريط في حق الأولياء، لا جفاء يُسقط حقهم، ولا غلو فيهم، بل نحبهم في الله ونترضى ونتَرَحَّم عليهم، ونسأل الله أن يجمعنا بهم في جنات النعيم”.

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني

إقرأ المزيد