رسالة من يتيمة: أتراك سترسل طيفك هذه الليلة

الأحد ١٦ أبريل ٢٠١٧ الساعة ٨:٠٧ مساءً
رسالة من يتيمة: أتراك سترسل طيفك هذه الليلة

لم تزل جدران مواقع التواصل الاجتماعي، سبيلاً للكثيرين، يخرجون عبرها طاقاتهم الإبداعية، أو يحكون من خلالها قصصهم التي تعدُّ عبرًا ودروسًا في الحياة.

تلك الجدران، حملت رسائل يتيمة، كما يبدو من كتابتها، لوالدها، الذي كان يجسّد كل معاني الإنسانية في حياتها، ويعتبر الأمن والأمان لها، كما هو حال غالبية نسائنا وبناتنا، لكنّها ضمّنت حروفها، الخوف والغضب في آن واحد، الإيمان واليقين، والصدمة، كلمات تجعلنا نعيد النظر في كيفية تعاملنا مع بناتنا، وتضيء لنا شيئًا من المشاعر الخفيّة التي تعتريهن في غياب الأب.

المواطن“، اختارت أن تشارك القراء، بعضًا من الإنسانية في كلمات ناشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي (تحتفظ الصحيفة باسمها)، لنفتح معًا باب النقاش، حول معاملة اليتيم، وما تعكسه الحياة في نفوسهم:

كتبت لك الكثير من المراثي، وقصائد هجاء في كل موقف بحثت عنك فيه ولم أجدك..
لم يكن لديّ ما فجعني بالحياة كفجيعتي بك، فرحيلك عني لم يكن مجرد حادثة جاءت مباغتة، بل كان موتي وموتك في ساعات الصباح يتكرر كل يوم.
أجل أبي، لم أغفر لك يومًا رحيلك عني مبكرًا، ومع كل سكين يغرز في ظهري أذكرك وأتساءل أتراه كان ليغرز هنا لو كنت موجودًا.. كم من الخيارات ندمت عليها وسألتك رأيك ولم تجبني.
أعلم أنك تسمعني..
أعلم أن موتي اليومي لم يكن في غفلة منك، لأنك السبب فيه، فلم أجد بعدك من يمنحني السكينة، من يمنحني تلك العاطفة التي كنت تغرقني بها، وكأنك كنت تزودني بما يكفي لما هو آت من بعدك في عمري.
بك أواجه اليوم أقسى منعطف في حياتي، ولك أفعل ذلك لا لنفسي، فلو لم تكن أنت كما كنت ما اكترثت اليوم لما أصبحت أنا عليه.
كنت وطني، فلما غربتني باكرًا في رحلتي، أكاد لا أغفر لنفسي بعدي عن قبرك، ولا أغفر لك وجودك فيه، على الرغم من أنَّ يقيني بالله عظيم، وإدراكي أنّه ما اختارك إلا لأصبح كما يريد هو لي أن أكون.
ما زلت أحلم بك كلما طُرِق بابي، أحلم أن أجدك خلف تلك الكتلة الصمّاء.
ما زلت أغيب في حلمي معك نحو تلك الزرقة على شاطئ ذهبي كنت تتعمد أن تحملني إليه، أو ربما حملته إلي.
أتراك سترسل طيفك هذه الليلة، يمسح عن عيني دمعها، ويزيل من قلبي كل تلك الشظايا التي خلفت بغيابك؟
طال غيابك عني في صحوتي والمنام، وطالت غربتي بين موت وسقم يأبى أن يرحل يا أبتي.