الفالح يكشف خطة المملكة لتستمر المزود الأكثر موثوقية للطاقة في العالم

الثلاثاء ١٠ أكتوبر ٢٠١٧ الساعة ١١:٥٧ مساءً
الفالح يكشف خطة المملكة لتستمر المزود الأكثر موثوقية للطاقة في العالم

رعى وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح، مساء اليوم، الملتقى السعودي للكهرباء، الذي أقيم في فندق الفيصلية بمدينة الرياض، بحضور كبار المسؤولين في منظومة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية من أصحاب السمو والمعالي ونخبة من المتخصصين والباحثين في قطاع الكهرباء، والطاقة المتجددة من داخل المملكة وخارجها.

وأكد المهندس الفالح خلال كلمته التي ألقاها بهذه المناسبة أن انعقاد الملتقى هذا العام وللمرة الأولى، تحت مظلة وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التي باتت في قلب منظومةٍ متكاملةٍ معنيةٍ بجميع مجالات الطاقة، مشيرًا إلى أن الملتقى سيكون مناسبة سنوية للتعرف من خلالها، إلى احتياجات المستهلكين، والمقاولين، والمصنعين، ومقدمي الخدمة، وكذلك من تشجيع المستثمرين على المساهمة في هذا القطاع الحيوي.

وقال: “يأتي انعقاد هذا الملتقى متزامنًا مع اتخاذ حكومتنا الرشيدة، خطوات جوهرية لتطوير صناعة طاقةٍ متكاملة ومتنوعة، تشمل قطاع الكهرباء بمصادره التقليدية والمتجددة والذرية؛ بهدف رفع كفاءة هذا القطاع الاقتصادية والتشغيلية وتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد المحلي، وتوطين الصناعات والخبرات والخدمات المرتبطة بالقطاع، وتقديم فرص مميزة لأعمال الإنشاء والتشغيل والصيانة، التي ستسهم في إيجاد الفرص الوظيفية للقوى العاملة الوطنية، وبرامج التدريب المتخصصة ذات الجودة العالية لتأهيل الخبرات من أبناء الوطن”.


وأشار المهندس الفالح إلى أن قطاع الكهرباء هو أحد أهم القطاعات المُمكِّنة للنمو الاقتصادي؛ إذ إن هناك علاقة وثيقة بين وفرة الطاقة الكهربائية ونمو الاقتصاد، وفي هذا الإطار، يعيش قطاع الكهرباء في المملكة، اليوم، مجموعة من التحديات والفرص أهمها: أولًا، رفع كفاءة منظومة القطاع بشكل كلي، والتحول إلى مزيج الطاقة الأمثل، اقتصاديًّا، للمملكة؛ عبر تنويع مصادر الطاقة لتشمل الطاقة المتجددة والذرية، والتوسع في استخدام الغاز الطبيعي كوقودٍ أساسٍ لتوليد الكهرباء، واستبدال استخدام الوقود السائل لإنتاج الكهرباء تمامًا، وبالذات الديزل، ورفع كفاءة محطات توليد الكهرباء إلى مستويات تُضاهي المعايير العالمية، بحيث تكون بين 45% و50%.

ولفت إلى أن ذلك يشمل أيضًا الحاجة إلى رفع الكفاءة في جانب الطلب ومواصلة جهود إدارة نمو الطلب على الكهرباء، والحد منه، خصوصًا خلال وقت الذروة، وكذلك معالجة التباين الكبير بين حمل الذروة في الصيف والشتاء، ثانيًا مواجهة النمو المتزايد على الطلب؛ إذ تشير الدراسات إلى أن حمل الذروة سيبلغ ثمانين ألف ميجا واط في عام 2022م، مما يتطلب تنفيذ مشروعاتٍ، في السنوات الخمس القادمة، تتجاوز تكاليفها مائتين وخمسين مليار ريال، نتوقع أن يقود تنفيذها وتمويلها القطاع الخاص.

وحول ثالثًا، أوضح الفالح أنها تشغيل وصيانة منظومة الكهرباء (والتي توفر الخدمة لأكثر من ثمانية ملايين وثمانمائة ألف مشترك، عبر مسافات شاسعة) بموثوقية عالية، وتخفيض التكاليف، وبالذات في شركة الكهرباء، حيث إنها مقدم الخدمة الرئيسي، رابعًا: دعم الجهود الهادفة لزيادة القيمة المضافة إلى اقتصاد المملكة من نشاطات قطاع الكهرباء؛ وذلك بتوطين الصناعات والخدمات المساندة للقطاع، وإيجاد فرص عمل مستدامة.

وبيَّن المهندس الفالح أنه بالرغم من الجهود التي بُذلت حتى الآن لمعالجة هذه التحديات، إلا أن فرص التحسين ما تزال واعدة، وفي هذا الصدد، تقوم وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بمراجعة وتحديث إستراتيجية قطاع الكهرباء لتتوافق مع رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى جعل الاقتصاد الوطني أكثر تنافسية، وحيوية وقابلية للنمو والاستدامة، وبدأت كذلك بالتنسيق الوثيق مع الجهات المعنية في القطاع، للعمل على تحديث نظام الكهرباء من أجل تحسين مستوى الخدمات، ورفع كفاءة استخدام الموارد، ومن ضمنها الوقود، والمضي قدمًا في برامج فتح القطاع لمشاركة القطاع الخاص والمنافسة.

واستعرض المهندس خالد الفالح ملامح الإصلاحات الهيكلية الجارية والمرتقبة، وهي: أولًا: إعادة هيكلة صناعة الكهرباء بالمملكة، بفصل نشاطاتها إلى شركات متخصصة في التوليد، والنقل، والتوزيع، وتقديم الخدمة، كخطوة نحو إنشاء سوق الكهرباء التنافسي، ليتحول القطاع من قطاع يعتمد جزئيًّا على دعم الحكومة إلى قطاع يعمل على أسس تجارية تُمكِّنه من الاعتماد على ذاته بما يضمن له الاستدامة، وهذا يتطلب توفير البيئة التشريعية، والتنظيمية، والهيكلية للقطاع لجعل القطاع بيئة مشجعة وجاذبة للاستثمار، تحكمها العلاقات التجارية الواضحة والعادلة، ومعايير الأداء المُعلنة والمُلزِمة لمنتجي الكهرباء وناقليها وموزعيها على حدٍّ سواء.

وثانيًا بحسب الفالح “العمل على استقلالية شركة المشتري الرئيس، التي أنشأت قبل بضعة أشهر، لشراء وبيع الطاقة، والعمل كذلك على وضع اتفاقيات مباشرة لإمداد الوقود بين مزود الوقود وشركات التوليد، وغيرها من العلاقات التعاقدية اللازمة لإدارة أنشطة القطاع، ثالثًا: إصلاح أسعار الوقود والكهرباء تدريجيًّا، مع مراعاة قدرة تحمّل القطاعات المستهلكة لهذا الارتفاع بدون الإبطاء بمعدل النمو الاقتصادي أو إلحاق الضرر بتنافسية المنتجات الوطنية والاستثمارات الصناعية”.

أما رابعًا، فقال الفالح: إنها “إنشاء حساب موازنة تعريفة الكهرباء، والذي يهدف إلى تغطية العجز الناتج عن الفرق بين الدخل المفترض لصناعة الكهرباء على أسس تجارية والدخل المتحقق من التعريفة المعتمدة رسميًّا، أخذًا في الاعتبار التعديلات في تعريفة استهلاك الكهرباء”.

وأوضح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية أنه في مجال التحول إلى المزيج الأمثل من الطاقة، وتحديدًا في مجال تطوير قطاع الطاقة المتجددة، أطلقت الوزارة البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، الذي حددت استهدافاته الرئيسة، قصيرة الأمد، بإضافة 3450 ميجا واط من الطاقة المتجددة بحلول نهاية عام 2020م، والوصول إلى 9500 ميجا واط في نهاية عام 2023م، كهدف مرحلي مع الاستمرار في استغلال مصادر الطاقة المتجددة، وتوطين الصناعات والخدمات المرتبطة بها.

وأكد أن الوزارة أسست مكتب تطوير مشروعات الطاقة المتجددة، بحيث يتولى المسؤولية المباشرة عن تنفيذ البرنامج، وفق إجراءات واضحة وعادلة للجميع، ومواصفاتٍ متوافقة مع أعلى المعايير العالمية. ولضمان الشفافية والسرعة في إدارة مناقصات مشروعات الطاقة المتجددة، أُسست منصة إلكترونية تخضع لأرفع معايير الأمن والحماية الإلكترونية؛ وقد أتم المكتب، بالفعل، مراسم فتح مظاريف عطاءات أول مشروعات الطاقة المُتجددة، وهو المشروع المُزمع إقامته في مدينة سكاكا، بمنطقة الجوف، لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، الذي تبلغ طاقته 300 ميجا واط، بحضور ممثلين عن جميع الشركات التي تقدمت بعطاءاتها.

وكانت نتائج العروض المقدمة قد سجلت رقم قياسي عالمي جديد، ويتم حاليًّا تقييم العطاءات للتحقق من مدى التزامها بمتطلبات وشروط مُذكرة طلب العروض قبل الإعلان عن العرض الفائز بالمشروع؛ ومن جانبٍ آخر، أقر مجلس الوزراء، قبل فترةٍ وجيزة، المشروع الوطني للطاقة الذرية، الذي تقوم بتنفيذه مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، والذي يهدف لتمكين المملكة من الاستفادة من الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية في تعزيز مصادر الطاقة الكهربائية وتحلية مياه البحر وغيرها من الاستخدامات، ومن ضمن ما يشتمل عليه البرنامج؛ مفاعلات ذرية كبيرةً ذات قدرة كهربائية، تقدر ما بين 1200 و1600 ميجا واط للمفاعل الواحد، يُمكنها الإسهام في دعم الحمل الأساس في الشبكة الكهربائية على مدار السنة.

وتحدَّث المهندس الفالح عن السوق العربية للكهرباء بقوله: “عندما نتحدث عن قطاع الكهرباء يجب ألا تقف أنظارنا في حدود المملكة؛ حيث إن الكهرباء سلعة من الممكن تداولها عبر الحدود، ولنا تجربة ناجحة جدًّا في الربط الخليجي، وفي إطار التوجه لتطوير سوق نقل وتجارة الكهرباء، تم- ولله الحمد- خلال الاجتماع الوزاري العربي للكهرباء، الذي عُقد في شهر إبريل من هذا العام، التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء السوق العربية للكهرباء”.

كما سَتُوقَّع قريبًا عقود مشروع الربط الكهربائي بين المملكة ومصر، حيث سيعمل خط الربط بكامل طاقته، التي تبلغ 3000 ميجا واط، قبل نهاية عام 2020م. كما يواصل مختصون، من المملكة وتركيا، تحديث ومراجعة دراسة جدوى مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، الذي يهدف إلى المتاجرة في الكهرباء بين المنظومتين، ولتكون شبكة كهرباء تركيا حلقة وصل للمملكة مع السوق الأوروبية، التي تُعد من أفضل أسواق الكهرباء في العالم.

وأضاف: “من المتوقع أن يحقق الربط الكهربائي مع مصر وتركيا، إلى جانب الربط الكهربائي الخليجي، ميزة عظيمة لصناعة الكهرباء في المملكة؛ لأنها، وفقًا لموقعها الجغرافي، محورُ هذا الربط، وهذا سيمكنها من تحسين كفاءة التشغيل، وزيادة موثوقية الخدمة، وتقليص احتياطي التوليد، وخفض الاستثمارات اللازمة لتمويل المشروعات، إلى جانب تحقيق عوائد مالية نتيجة تصدير الكهرباء في الفترات التي ينخفض فيها الطلب، خاصة أن التصدير سيتم على أسس تجارية بناءً على السعر العالمي للطاقة”.

ومن جانب آخر تدرس المملكة جدوى الربط الكهربائي مع قارة إفريقيا؛ خاصة مع إثيوبيا، المرتبطة كهربائيًّا بعدد من الدول الإفريقية الأخرى، والتي تمتلك قدرات ضخمة لإنتاج الكهرباء من المحطات المائية، وهي، بهذا، تُقدّم فرصًا واعدة لتبادل الطاقة.

وبين المهندس الفالح أنه لتحقيق أهداف وبرامج رؤية المملكة 2030، تتابع وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، مع الشركاء الرئيسين في أعمال قطاع الكهرباء، تنفيذ السياسة الوطنية لتعزيز القيمة المضافة للاقتصاد المحلي من خلال توطين الصناعات، وأعمال الصيانة، والخدمات؛ مما يوفر فرصًا وظيفية لشباب الوطن، ويعزز قدرات الاكتفاء الذاتي لتأمين احتياجات القطاع من المعدات وقطع الغيار، مع تعزيز فرص التصدير إلى أسواق المنطقة، بما يعزز تنويع مصادر الدخل، وقد تحقق الكثير في هذا المجال، وبدأت بعض مصانع المعدات الكهربائية المتقدمة بالإنتاج بالفعل، ومنها مصانع لشركات عالميةٍ عملاقة مثل سيمنز، وجنرال إلكتريك، وآي بي بي، وغيرها.

ولفت معاليه النظر إلى أن الوزارة، بالتعاون مع عدد من الشركات والقطاعات الحكومية والجامعات، دعمت فكرة إنشاء المختبر الخليجي لفحص المعدات الكهربائية، حيث ساهمت عشر شركات، من أهم الجهات العاملة والمستثمرة في قطاع الكهرباء في المملكة والخليج، بتأسيس هذا المختبر، بتكلفةٍ تُقارب 720 مليون ريال، لتكون الشركة الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقد بدأت العمل في بداية عام 2016م.

وحول ما يتعلق بتوفير بيئة استثمار مشجعة، أفاد المهندس الفالح بأن الشراكات العالمية والمحلية، التي تمكنت المملكة من بنائها، مع الدول والشركات الرائدة في مجالاتها، أكدت ثقة المستثمر الوطني والأجنبي في قوة وصلابة اقتصادنا الوطني، ونجاح الجهود الوطنية المتواصلة لتوفير بيئة استثمار مشجعة، تمثلت في تطوير الأُطر النظامية واللوجستية، وإقامة البُنى التحتية المُمكّنة للاستثمار، وشفافية الرؤية، ووضوح أهدافها، ومتابعة أدائها من قبل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بصورة دوريّة. ويطيب لي، من هذا المنبر، أن أتوجه بجزيل الشكر والتقدير لكل من أسهم في تحقيق هذه الشراكات العالمية، متمنيًا للجميع النجاح والتوفيق.

وشدد الفالح على أهمية تضافر جهود الجهات المعنية بقطاع الكهرباء، وتكامل أدوارها في مساندتها للقطاع لتحقيق أهدافه. فالوزارة، وهيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج، ومدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، والمراكز البحثية الكُبرى مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، ومركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، والعديد من شركاتنا الكبرى مثل أرامكو السعودية والشركة السعودية للكهرباء ومؤسسات القطاع الخاص، تنهض بجهودٍ متضافرة ومتكاملة لتحقيق الأهداف المرجوة في هذا القطاع الحيوي.

وأضاف: “ما ذكرته يوضح التطور الكبير الذي تشهده المملكة في قطاع الكهرباء، والفرص المُتاحة والواعدة لمشاركة القطاع الخاص، الوطني والأجنبي، للاستثمار في مجالات الكهرباء بشكلٍ عام، وفي مشروعات الطاقة المتجددة، والصناعات والخدمات ذات العلاقة بقطاع الكهرباء، خلال السنوات القادمة، وضخامة المشروعات المطلوبة مستقبلًا”.

واختتم المهندس الفالح كلمته آملًا أن يُسهم ما سيُعرض في المعرض من آخر التطورات الصناعية، والحلول التقنية، وما سيُقدم ويناقش في الملتقى من أحدث التجارب العالمية والمحلية، في إيجاد حلول عملية للتحديات التي تواجه قطاع الكهرباء في المملكة، وفي تعزيز جهود هذا القطاع في تحقيق الأهداف والآمال المعقودة عليه في إطار رؤية التنمية الوطنية الشاملة.