وش رأيك أهدم البيت؟

الثلاثاء ٩ يوليو ٢٠٢٤ الساعة ٣:٤٧ صباحاً
وش رأيك أهدم البيت؟
بقلم: تركي الدويش *

بعد أن استخار الله عز وجل، عقد العزم على البدء ببناء منزل العمر والذي لطالما حلم به كثيرًا، وتمنى أن يراه واقعًا أمام عينيه، بدأ بترتيب أموره المادية وتنظيم حساباته، حسب احتياجاته، ليبني عليها جميع قراراته حتى ينجز ذلك الهدف.

شرع بالبحث عن تلك المساحة التي ستحتضن حلمه، وبعد بحث وتحرٍّ استقر على قطعة أرض، ثم أخذ خطوة متقدمة نحو الأمام، بأن اتفق مع مهندس يشكل له منزله، وترك له حرية الإبداع في العمل؛ تيمنًا بمقولة أعطِ الخبز لخبازه ولو أكل نصفه! ليقوم بعملية التنفيذ بعدها.

وبعد جهد مادي وبدني ونفسي اكتمل (حلمه المنشود)، وحينها الفرحة في داخله، لو وزعت على أهل الأرض أجمع لكفتهم!

وحتى يشارك من يحب فرحته هاتف صديقًا له وطلب منه تشريفه في بيته ولكي تطمئن نفسه أكثر بصواب قراراته وعمله!

ومنذُ أن وصل صديقه، ودلف إلى داخل المكان وهو ينتقد ويستهزئ! كيف تختار موقعًا مثل هذا؟! ثم أين عقلك ورشدك عندما تركت للمهندس حرية تشكيل بيتك؟! وهل أنت مقتنع بتركيبات الألوان عندك؟!

انتظره صاحبنا ليبدي إعجابه بأي أمر حتى ولو كان بسيطًا لا يكاد يُذكر! ولكن ذلك لم يحصل فالتفت له وبنبرة غضب وحزن شديدين: وش رأيك أهدم البيت بمن عليه وتعيد بناءه أنت حسب ذوقك، وفنك، وعلمك الذي أحاط بكل شيء بعالم البناء والهندسة؟!

وبعد أن خرج صاحبه، لم يكن بتلك القوة التي حاول إظهارها أمامه؛ بل إنه مُنهار من شدة ما سمعه! وحاول التخلص من ذلك بأن قام بالاتصال بصديق عُرف عنه الرزانة والراجحة في العقل.

ومن لحظة وصوله وهو يذكر الله ويبارك له ويتمنى له الخير.

انتظر صاحبنا منه إبداء الملاحظات. ولكن حكمته منعته من التفوه والنطق. حتى حثه على إبداء رأيه، وفعلًا بدأ مهنئًا له على كل ما راه وأعجبه، ومن ثم أعقبها بالملاحظات التي يمكن تقويمها دون أن تكلف مالًا أو جهدًا، متغافلًا عن تلك الأمور ذات الكُلفة العالية، والتي لن تؤدي إلا لزيادة الهّم والغم على صديقه وتسرق منه فرحته!

وعندما تنجز أمرًا ما في عموم حياتك وتميل نفسك بأن تسمع رأي غيرك فعليك أن تختار من يتسمون بالرزانة والعلم والمعرفة في مجال ما قمت به تحديدًا! ثم إنه من المهم أن تشترط أن يكون الرأي في حدود ذلك الأمر، ولا يحيد عنه. وأن يطرح مع نقده طرقًا للإصلاح، لا أن يكتفي بطرح الملاحظة فقط! وإذا قُدّر لك بسماع نقد لاذع وهجوم غير منصف، فالواجب إيقاف صاحبه ولا تسمح له بالتمادي أكثر وبدون تعقل! لكيلا تشعر بأنك إنما أضعت مالك ووقتك على أمر لا يستحق.

وختامًا، قبل أن تبدي رأيك حيال عمل ما، عليك أن تضع نفسك في مكان الطرف الآخر، وستجد عندها أنك تحسب لكل كلمة ألف حساب.

* كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية.
@TurkiAldawesh

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق
الاسم
البريد الإلكتروني