ميانمار.. عنصرية تشتد وطأة على المسلمين في رمضان

الأحد ١٩ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٣:٢٠ صباحاً
ميانمار.. عنصرية تشتد وطأة على المسلمين في رمضان

في ركنٍ بعيدٍ من العالم، خفي عن الأنظار، تعيش أقلية مسلمة معاناة لم يشهد التاريخ لها مثيلًا، إنهم الروهينغا الذين مارست عليهم حكومات ميانمار المتعاقبة ألوانًا شتى من العذاب بالقتل والتشريد والحرق والتدمير بمساعدة مجموعات بوذية متطرفة.
وفي الوقت الذي احتفل فيه معظم المسلمين حول العالم بشهر رمضان المبارك، كان للروهينغا احتفالاتهم أيضًا، ولكن على طريقتهم الخاصة، طريقة ألفت الدماء على مائدة الإفطار أمام رائحة اللحوم البشرية المشوية في نيران الأخاديد، وقوارب الموت التي يهربون فيها من الجحيم إلى المجهول.
الأكثر اضطهادًا في العالم
وعلى الرغم من المآسي التي يعيشها مسلمو الروهينغا منذ 70 عامًا، إلا أن المجتمع الدولي يكتفي بالمشاهدة؛ ولربما كان يستمتع بمناظر الحرق والتعذيب على اعتبارها أحد الأفلام الهوليودية، ومع ذلك فلم يكون من الأمم المتحدة إلا أن تصنف الروهينغا ضمن أكثر الأقليات اضطهادًا في العالم.
وأوضحت الأمم المتحدة، أن أكثر من 800 ألف مسلم في ولاية أراكان غربي ميانمار يذوقون الويلات على أيدي الجماعات البوذية المتطرفة وبمعاونة من الأجهزة الحكومية، علمًا أن مليون ونصف المليون مسلم يعيشون في ميانمار، ويعانون من سياسات الفصل العنصري، إذ تحرمهم السلطات من الحصول على الجنسية وحرية التنقل، والأكثر إيلامًا ما تعانيه أقلية الروهنيغا من قيود على الحركة والعمل والسفر.
ويُعد الروهنيغا وبقية مسلمي البلاد الذين ينحدر أسلافهم من الهند وبنغلاديش، مواطنين بورميين إلى أن انتقلت مقاليد السلطة إلى العسكر في انقلاب عام 1962م، وما لبث أن تدنت وضعيتهم بموجب دستور 1974م الذي لم يعترف بهم مواطنون أصليون، واعتبرهم مهاجرون غير شرعيين، وحثّ على طردهم من البلاد.
وعلى إثر ذلك، شهدت البلاد مذابح متعددة تعرّض لها المسلمون هناك، كان آخرها تلك التي وقعت عام 2012، وأجبرت الآلاف من الروهنيغا على الهروب إلى ماليزيا وأندونيسيا وبعض الدول الإسلامية.
حصار ومقاطعة
ويعاني المسلمون الذين يعيشون في مدن عدة من ولاية أراكان، كثيرًا في توفير المستلزمات الرمضانية، من السلع الضرورية، والمواد الغذائية؛ لعدم توفرها في الأسواق، ولامتناع الباعة البوذيين عن بيعهم إلا بأثمانٍ باهظة وبطرق سرية.
وتحظر السلطات في بورما عليهم إقامة الصلوات جماعة في المساجد، وتمنعهم كذلك من صلاة التراويح، وإقامة حلقات تحفيظ القرآن الكريم والدروس العلمية، كما تمنعهم من العمل، أو الزراعة، في مزارعهم، أو صيد الأسماك من الخلجان والأنهار، أو حتى الاحتطاب من الغابات القريبة من القرى التي يعيشون فيها.
وعلى الرغم من شُحّ التفاصيل، عن حياة مئات الآلاف في ميانمار، خلال هذه الأيام، إلا أن بعض الأنباء تعكس أوضاعًا سيئة يواجهها الروهينغا في مخيماتهم، التي يسعون للتأقلم مع الحياة فيها، وأكبر دليل على هذه المعاناة الصمت العالمي، ومنع وسائل الإعلام من التواصل مع السكان هناك.
حملة تطهير جديدة
وبعد إعلان حكومية ميانمار عن مشروع لتسجيل أبناء الروهينغا في إقليم أراكان، ومنحهم بموجب ذلك بطاقات خضراء تهدف إلى تصحيح أوضاعهم القانونية وفق زعمها، حذرت منظمات روهينغية من حملة تطهير جديدة تخفيها الحكومة تحت هذا المشروع.
وأوضح رئيس جمعية الروهينغا في ماليزيا نيانغ فيصل، أن الاستمارة التي توزع على الروهينغيين تطلب منهم الإجابة عن أسئلة تنتزع منهم إقرارًا بأنهم أجانب، مثل البلد الأصلي وتاريخ الوصول إلى ميانمار ووسيلة النقل.
وأكد فيصل، في تصريحات صحافية، أن تلك المعلومات تطلب عادة من الأجانب عند وصولهم نقاط العبور للدول، محذرًا الروهينغا من ملء تلك الاستمارات، واصفًا إياها بالخدعة الجديدة.