اقتراح جديد بشأن سد النهضة.. هل تقبل إثيوبيا بطرف محايد؟

الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ٢:٢٩ مساءً
اقتراح جديد بشأن سد النهضة.. هل تقبل إثيوبيا بطرف محايد؟

تطورات متلاحقة تشهدها مفاوضات سد النهضة، بعد فشل آخر جولة من المباحثات بين القاهرة وأديس أبابا؛ ما دفع القاهرة لاقتراح طرف ثالث محايد للإشراف على آثار سد النهضة وتداعياته على الأمن المائي لمصر.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد اقترح خلال لقائه بنظيره الإثيوبي وركنا جيبيو، الأسبوع الماضي، في أديس أبابا مشاركة البنك الدولي كـ”طرف فني محايد وفاصل”.

وتضمن المقترح أن يشترك البنك الدولي في أعمال اللجنة الفنية المعنية بدراسة آثار سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا، والتي تضم مسؤولين من مصر وإثيوبيا والسودان.

وينحصر الخلاف بين مصر وإثيوبيا على حصص مياه نهر النيل الذي يمتد لأكثر من 6 آلاف كيلومتر من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسط ويعد شريان الحياة الاقتصادية في الدول الثلاث.

كسر الجمود

وجاءت زيارة وزير خارجية مصر شكري لأديس أبابا في محاولة لكسر الجمود المتعلق بالمسار الفني للسد، وذلك بعد إعلان القاهرة الشهر الماضي فشل آخر جولة من المفاوضات في التوصل إلى أي توافق حول الأساليب العلمية والنماذج الاسترشادية لعمل المكتب الاستشاري المكلف بإجراء الدراسات الخاصة بآثار السد.

وكانت مصر قد أعلنت في نوفمبر الماضي “قبولها التقرير الأولي الذي طُرح من قبل المكتب الاستشاري بشأن سد النهضة، لكنّ إثيوبيا والسودان تحفظتا عليه”.

وأوضحت الخارجية المصرية أن شكري “أعرب خلال الاجتماع عن قلق مصر البالغ من التعثر الذي يواجه المسار الفني المتمثل في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية”.

استهدفت مصر من خلال هذا المقترح حلحلة حالة الجمود التي تحيط بمفاوضات سد النهضة، باقتراح مصر وجود طرف ثالث له رأي محايد وفاصل يشارك في أعمال اللجنة الفنية الثلاثية يتمثل في البنك الدولي، نظراً لما يتمتع به البنك من خبرات فنية واسعة، ورأي فني يمكن أن يكون ميسراً للتوصل إلى اتفاق داخل أعمال اللجنة الثلاثية”.

قلق مصري

وعبَّرت مصر عن ثقتها في حيادية البنك الدولي وقدرته على الاستعانة بخبراء فنيين على درجة عالية من الكفاءة، فيما وعد الجانب الإثيوبي بدراسة المقترح المصري والرد عليه في أقرب فرصة.

يأتي ذلك فيما تواصل أديس أبابا أعمال البناء في سد النهضة، مما أثار قلق المصريين خاصة قبل إجراء الدراسات الفنية، ومن المقرر أن يكتمل بناء السد، القريب من حدود إثيوبيا مع السودان وتبنيه شركة “ساليني إمبريجيلو” الإيطالية، العام المقبل.

هل يفيد السد مصر والسودان؟

في سياق متصل وفي مفارقة من العيار الثقيل رجح أكاديميون ومثقفون إثيوبيون أن بناء سد النهضة يصب في صالح مصر والسودان، مؤكدين أن دول المصب ستستفيد بشكل استثنائي من بنائه، وذلك للفوائد التي سيضمنها السد وتتمثل في الحد من مخاطر الفيضانات وتوفير الطاقة النظيفة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الإثيوبية.

وكان الدكتور يعقوب أرسانو، الأكاديمي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية والأستاذ المحاضر في جامعة أديس أبابا، قد صرح أن سد النهضة يعتبر هبة ربانية لكل من مصر والسودان للحصول على الطاقة النظيفة بأسعار رخيصة، بدلا من المفاهيم الخاطئة لتحقيق الملكية الاحتكارية على مياه النيل، حسب قوله.

وأضاف يعقوب “غالباً ما تشير مصر إلى اتفاقية عام 1929 التي منحت مصر بشكل غير قانوني حقوقاً تاريخية وطبيعية على مياه النيل، وكانت هذا الاتفاقية بين بريطانيا الاستعمارية ومصر المستقلة حديثا، ولم يكن أي بلد آخر في حوض النيل طرفاً في هذه الاتفاقية التي تعد ضد كافة البلدان والمجتمعات الأخرى حول النيل”.

وأوضح يعقوب أن مصر والسودان يحصلان على الأولوية من بين الدول التي تستطيع شراء الطاقة النظيفة من إثيوبيا عند اكتمال بناء السد، وذلك وفقا للاتفاقية الموقعة بين إثيوبيا والسودان ومصر.

كهرباء سد النهضة

وتابع يعقوب، والذي يمثل كما يبدو وجهة النظر الإثيوبية في قضية سد النهضة، أن جزءا من كهرباء سد النهضة يمكن تصديره إلى السودان ومصر المجاورة وبأسعار عادلة، موضحًا أن مصر والسودان يقفان على رأس أولوياتها لشراء الكهرباء من إثيوبيا، كجزء من إعلان المبادئ الثلاثي الموقع في 25 مارس 2015.

وذكر باحث آخر من الجامعة ذاتها أن سد النهضة الإثيوبي هو رمز للتعاون من أجل القضاء على الفقر والتخلف في المنطقة بأسرها.

وأشار إلى أن مصر والسودان قد يستفيدان بشكل استثنائي من السد في تنظيم التحكم في تدفق المياه والسيطرة على الفيضانات دون تكلفة، كما أكد الباحث بأنه يتعين على إثيوبيا بذل كل جهد لتوضيح كافة الفوائد المتعلقة بالسد لجميع الأطراف المعنية والمجتمع الدولي ووسائل الإعلام، وأن سد النهضة الإثيوبي ليس له أثر سلبي على دول المصب.