المستثمرون في قطر يتباكون على خسائرهم في السوق الأسوأ عالميًّا منذ المقاطعة

الإثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ١٠:٤١ مساءً
المستثمرون في قطر يتباكون على خسائرهم في السوق الأسوأ عالميًّا منذ المقاطعة

خلال نصف عام فقط من مقاطعتها بسبب ثبوت تورّطها في دعم الإرهاب وتمويله والتحريض عليه، بدأت الآثار الاقتصادية للمقاطعة تؤتي ثمارها بقوّة، إذ تكبّد مؤشر بورصة قطر خسائر حادة، تلامس 18%، لتصبح الأسوأ أداء بين أسواق على مستوى العالم، وبالتالي تصدرت أيضًا بورصة قطر خسائر الأسواق العربية ومنطقة شمال إفريقيا.

الأداء الأسوأ عالميًّا في عام واحد:

ومع هذه الأرقام أصبحت سوق الأسهم القطرية، صاحبة الأداء الأسوأ عالميًّا خلال عام، بانخفاض يقارب 18%. فبعد أن وصل مؤشر بورصة قطر إلى حاجز 10 آلاف نقطة في أيار/ مايو الماضي، انخفض بقوة في اليوم الأول للمقاطعة العربية، الموافق 5 حزيران/ يونيو 2017، وبنسبة 9%، ليواصل بعد ذلك موجة الخسائر على مدى الشهور الماضية، وهو ما انعكس بتسجيل خسائر فادحة للقيمة السوقية للشركات القطرية المدرجة.

الاقتصاد على خطى سوق الأسهم:

ولم يكن الوضع الاقتصادي لقطر أفضل حالًا من سوق الأسهم خلال 2017، إذ أعلنت وكالة التقييم العالمية “موديز” أنَّ “قطر خسرت 38 مليار دولار من احتياطاتها بالعملة الأجنبية، خلال شهري حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو الماضيين”، مشيرة إلى أنَّ “أكثر من 30 مليار دولار خرجت من النظام المصرفي خلال هذين الشهرين”.

ونتيجة للتفاقم التداعيات السلبية على اقتصاد قطر، جراء المقاطعة الرباعي العربي، قامت كل من موديز، وستناندرد آند بورز، وفيتش، بتخفيض تقييم قطر مع منحها نظرة مستقبلية سلبية للتقييم.

انخفاض جودة القروض المصرفية:

وأكّدت وكالة موديز، أنَّ المقاطعة الرباعية أثرت بشكل كبير على السياحة والتجارة وهو ما ضغط على جودة القروض البنكية، حيث إن تكلفة التمويل سترتفع ما سيؤدي إلى تلاشي أرباح البنوك، لاسيّما مع امتداد التداعيات لموازنة العام المقبل، التي تتوقع عجزًا بـ28 مليار ريال قطري، سيجري تمويله عبر إصدارات الدين.

وفي السياق ذاته، رأت دراسة اقتصادية أجرتها شركة “Coface” أنَّ “أكبر خطر يواجه الاقتصاد القطري هو استمرار قطع العلاقات معها، مرجحة ظهور تحديات على المدى المتوسط إذا لم يتم إيجاد حل سريع للأزمة”، مشيرة إلى أنَّ “تكلفة الواردات القطرية سترتفع أكثر إذا استمرت الأزمة لأكثر من بضعة أشهر، الأمر الذي سيعيق نمو القطاعات الأساسية مثل الإنشاءات، حيث سترتفع تكاليف مواد البناء”.

المقاطعة التجارية السر وراء انهيار سوق الأسهم:

وتتواصل الصعوبات التي تواجهها قطر بسبب استمرار مقاطعتها تجاريًّا ودبلوماسيًّا من طرف جيرانها، إذ سيبدأ مؤشر أسهم البلاد في عام 2018 في أدنى مستوى له في 8 أعوام.

وأوضح موقع “Finance Apprise”، أنَّ انهيار قيمة الأسهم القطرية يعود بالأساس إلى الأزمة الخليجية، ومقاطعة كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر للدوحة بسبب دعمها للإرهاب، مشيرًا إلى أنَّ “مؤشر قطر كان المؤشر الأسوأ أداء في العالم هذا العام، على الرغم من توجه قطر لتعزيز وارداتها من تركيا وإيران، وإنفاقها عشرات المليارات من الدولارات لدعم النظام المصرفي والاقتصاد، إلا أنها عجزت عن التخفيف من وطأة المقاطعة”.

43 % من الأسهم المدرجة تتراجع:

التأثير المباشر على المستثمرين في بورصة قطر، انكشف منذ تواصل تراجع أداء 43% من الأسهم المدرجة في السوق، فضلًا عن تراجع السيولة المتداولة بنسبة 25% إلى 160 مليون ريال قطري، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لتبدأ الأسهم القطرية العام الجديد بانخفاض إلى أدنى مستوياتها منذ نحو 8 سنوات.

وتعكس هذه البيانات تأثر الاقتصاد القطري، بعد مقاطعة الدول العربية، الداعية لمكافحة الإرهاب للدوحة المصرة على دعم الإرهابيين لضرب استقرار المنطقة، إذ أدت عملية بيع الأصول بسبب المقاطعة إلى هبوط قيم المؤشر.

وعلى الرغم من أنَّ المؤشر قلّص الخسائر خلال الأسبوعين الماضيين، على أساس التفاؤل بأن ميزانية عام 2018 سوف تدعم النمو الاقتصادي للبلاد، فإنه لا يزال منخفضًا بنسبة 18% في 2017، وهي ثاني أكبر خسارة بين المؤشرات الرئيسة على الصعيد العالمي من حيث الدولار، وهو ما يعتبر تغيرًا لأسهم الدولة التي كانت تُتَداول بأسعار عالية على مر معظم السنوات الثلاث الماضية.

بيع الأصول هبط بالمؤشر:

عملية بيع الأصول، التي لجأت إليها قطر عقب المقاطعة، أدت إلى هبوط قيم المؤشر، وفي حين ستكون السياسة محور التركيز في عام 2018، يقول المحللون والمستثمرون: إن بعض الأسهم في الدوحة تُتَداول حاليًّا بمستويات مغرية، على الرغم من استمرار المؤشر القطري في التراجع، إذ انخفض بنسبة 0.3%.

آفاق الأسهم القطرية في عيون الخبراء

وكشف الخبراء، في الرد على استطلاع أجرته وكالة “بلومبيرغ” الأميركية حيال آفاق الأسهم القطرية في عام 2018، أنَّ “الأسهم القطرية تُتَداول بقيمٍ مُغرية للغاية مقابل المؤشرات القياسية الكبرى مثل (MSCI) و(FTSE)، وكذلك بالمقارنة مع نظرائها الإقليميين”، مشيرين إلى أنَّ “المستثمرين سيضعون محافظهم لصالح الشركات ذات عائدات التوزيع الأعلى وإمكانات النمو المتنوعة”.

وتوقع رامي جمال، مدير محفظة في شركة أموال “إل إل سي”، التي تتخذ من الدوحة مقرًّا لها، أن تنعكس الزيادة العالمية في أسعار النفط بشكل إيجابي على قطاع البتروكيماويات، معتبرًا تصفية الأصول نقطة دخولٍ جيدة لتحديد الأسماء في القطاع المصرفي، إذ من شأن طرح صناديق الاستثمار المتداولة في السوق القطرية أن يُثير شهية المؤسسات والمستثمرين الأجانب.

وبدوره، توقع آرثي تشاندراسيكارا، نائب رئيس قسم البحوث في شعاع كابيتال في دبي، أن يظل دعم الحكومة للمقرضين قويًّا، سواء في جمع الودائع أو في منظور نمو الائتمان، لالتزامها بنفقات البنية التحتية لكأس العالم 2022، مشيرًا إلى أنه “في ظل عدم وجود أي حلٍّ سياسي مُناسب فإن التقييمات المغرية ستكون أقل أهمية في الوقت الراهن”، معتبرًا في شأن عام 2018، أنَّ “المستثمرين سيحرصون على معرفة كيف سينتهي المطاف بالأزمة القطرية”.

خطر محدق بالبورصة القطرية:

وفي سياق متّصل، يعيش المستثمرون القطريّون أحلك أيامهم؛ إذ إنّهم لم يتوقّفوا منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، عن التباكي على ما آل إليه حالهم، مع مواصلة سوق الأسهم القطرية نزف نقاطه، وعزوف المستثمرين الأجانب عن التداول، لاسيّما أنَّه بالنسبة للعديد من المستثمرين الإقليميين، فقد كانت قطر منطقة محظورة نوعًا ما في معظم أوقات هذا العام، وقد انخفضت القيم كثيرًا، في البورصة القطرية، مما قد يؤدي إلى سحب بعض الأسهم من المؤشرات المرجعية على مدار السنة.