‏الملك يعطي القوس باريها في مكافحة الفساد للقوي الأمين

الأربعاء ٦ ديسمبر ٢٠١٧ الساعة ١١:٣٢ مساءً
‏الملك يعطي القوس باريها في مكافحة الفساد للقوي الأمين

الفساد ليس وليد اليوم، بل هذا الداء الخبيث منتشر بالدول منذ عقود قديمة، لكن تنظيفه يبدأ من رأس الدرج مثلما فعل ملك الحزم والعزم وولي عهده القوي الأمين حتى أسفل الدرج بكل عدالة ونزاهة وشفافية {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.

واستشعار الدولة لخطورة الفساد وآثاره السيئة سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا. فعمر بن عبدالعزيز حارب الفساد بكل أشكاله ولم ييأس ويتراجع أمام قوة معارضيه ونهض الاقتصاد وعاش الناس في خير ويسر.

وفي سنغافورة تم تنظيم حملة إعلانية تحت شعار “مواطن نظيف وطن نظيف”، وتعاون الشعب مع الحكومة على محاربة الفساد والمفسدين من أجل تنمية الوطن والمواطنين، ففي عام 2016 كان مؤشر مدركات الفساد العالمي الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية والذي يتضمن 176 دولة حول العالم وكانت سنغافورة في المرتبة السابعة بـ84 نقطة وهي ضمن العشر المراتب الأولى في مكافحة الفساد.

الكثير من المواطنين يريد البلاغ عن الفساد والمفسدين والتعاون مع الجهات الرقابية، لكن يخافون من أصحاب النفوذ ومستغلي السلطة الذين يستخدمون قوة نفوذهم وسلطتهم ويقلبون الحق باطلًا والباطل حقًّا، وأن يقعوا في قضايا تشهير أو تُلَفَّق لهم تهمٌ كيدية أو يتهموهم بما ليس فيهم بكتاباتهم السرية، وهذه حيلهم ومراوغتهم التي اعتادوا عليها حفاظًا على مناصبهم ليستمروا هم الأفضل بالباطل، ويقللوا من شأن غيرهم ويهدموا أبراج المواطن النزيه ليكون برجهم الأعلى بالفساد مع الباطل، ويسجن المواطنون المخلصون الذين حفظوا الوفاء لدينهم ومليكهم ووطنهم.

لكن المؤلم والواقع الذي نشاهده ونعيشه ووقع فيه الكثير من المخلصين الأوفياء لوطنهم بأنهم عندما يبلغون عن فساد واضح وصريح بمقطع فيديو ويتم توثيقه لإيصاله إلى الجهات الرقابية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فإنهم يقعون فيمن لا يخافون الله ويتقدمون بدعوى تشهير ضدهم ويستغلون نظام الجرائم المعلوماتية لصالحهم ويخفون فسادهم، ويحاسب المواطن النزيه، فهؤلاء قال عنهم خادم الحرمين الشريفين: “ضعاف النفوس الذين غلّبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه، متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة، ساعدهم في ذلك تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية وحالوا دون قيامها بمهامها على الوجه الأكمل لكشف هؤلاء؛ مما حال دون اطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة”.

ففي منطقة عسير انتصر أمير عسير لمواطن نزيه أبلغ عن فساد بمقطع فيديو نشره عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وتم تشكيل لجان في حينها، واتضح الفساد، وتم تكريم المواطن النزيه وإنقاذه من التوقيف والسجن وقضية تشهير كاد يقع فيها ومحاسبة المتورطين بالفساد.

وفي قضية وزير الخدمة المدنية سابقًا الذي تم إعفاؤه بسبب توظيف ابنه كان المبلغ مواطنًا نزيهًا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وتم الوقوف معه من المقام السامي بتشكيل لجان من هيئة مكافحة الفساد لإظهار الحق، وظهر الحق وتم إعفاء الوزير وإحالته إلى التحقيق لمخالفاته وتجاوزاته على النظام العام، وتم تكريم المواطن النزيه.

وفي منطقة الباحة يبلغ المواطن النزيه عن الفساد، ويتم توقيفه وسجنه وإحالته إلى المحكمة بقضية جرائم معلوماتية بدون تشكيل لجان للوقوف على الخلل والبحث عن الحقائق وتقصيها في وقتها، بل تم تشكيل اللجان بعدما سجن المواطن النزيه وبعدما تضرر، ورغم هذا الإجراء والظلم لم ترَ هذه اللجان النور إلى اليوم، وقد تكون مثل مسكن أو مخدر الألم!

فسهل عليهم توقيف وسجن المواطن النزيه وصعب عليهم تشكيل اللجان التي سوف تطيح بالفساد والمفسدين.

وحينما سكت أهل الحق عن الباطل ظن أهل الباطل أنهم على حق، ولن يضيع حق خلفه مطالب!

لقد أصبح المواطن النزيه الذي يبلغ عن الفساد في نظر أصحاب النفوذ ومستغلي السلطة مشاغبًا مزعجًا للسلطات محرضًا للرأي العام؛ لكي لا ينكشف فسادهم ويتظاهرون بأنهم يخدمون الوطن والمواطنين، وهم في الحقيقة لا يخدمون إلا مصالحهم الشخصية ويحاربون من يريد أن يكشفهم على حقائقهم بمخالفاتهم وتجاوزاتهم للنظام العام.

فهل تتجه بوصلة الإصلاحات إلى منطقة الباحة وتفتح ملفات الفساد والظلم الذي تعيشه المنطقة وأهلها، فالملك أعطى القوس باريها بتكليف ولي العهد بهذه المهمة الثقيلة لمحاربة الفساد والمفسدين الذين خانوا دينهم وباعوا وطنهم، وأملنا في ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وأمير منطقة الباحة الأمير الحسام بن سعود بن عبدالعزيز.

فركود المياه لمدة طويلة- يا أمير- يجعل منها بيئة خصبة للتلوث والفساد، هذا ينطبق على واقع المنظمات الإدارية التي تتطلب من وقت لآخر تحريك المياه الراكدة بالتغيير ابتداء من إمارة منطقة الباحة باستقطاب قيادات شابة مؤهلة بالعلم والتخصص والخبرة لدفع عجلة التنمية إلى الأمام بأفكار جديده؛ تحقيقًا لرؤية 2030 ومن أجل سلامة مجتمعنا وأجيالنا من لوبي الفساد الذين يعملون بلا ذمة ولا ضمير.

والمواطن النزيه- يا أمير- فائق الأهمية عظيم النفع، مستقبل الوطن منوط به وبأمثاله الأوفياء المخلصين، واحترام عقولنا بالكف عن الخداع وسوق التهم والأضاليل والأكاذيب الدعائية.

ويتطلب علينا جميعًا أن نكون إيجابيين مسؤولين ومواطنين وإعلاميين؛ بتكاتف الجميع والجهود مع اللجنة التي شكلها خادم الحرمين الشريفين برئاسة ولي العهد من أجل تنمية الوطن وحماية مكتسباته والمواطنين وحماية حقوقهم ومكافحة الفساد والمفسدين، ولا نخشى في الله لومة لائم وبما يبرئ ذمتنا أمام الله.

فاصلة:

كتب غازي القصيبي رحمه الله: “لو كل ريال من أموال الدولة صُرف في محله، لكانت أعمدة الإنارة من ذهب”.

 

* ماجستير إدارة الأعمال- باحث تطوير إداري جامعة الباحة

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • ابو عمر

    كلام جميل

  • علي الشهري

    طرح جميل من كاتب من اهل العزم والحزم وانت تمتاز بسلوب طرحك الحقيقي

  • غير معروف

    المقال ممتاز لكن ينقصه الايجاز لاب القارئ يمل

  • غير معروف

    لان