الاقتصاد السعودي يتخطّى حواجز العالمية

الخميس ٤ أكتوبر ٢٠١٨ الساعة ٩:٣٧ مساءً
الاقتصاد السعودي يتخطّى حواجز العالمية

قطع الاقتصاد السعودي خطوات واسعة منذ إرساء قواعد الدولة قبل 88 عاما، على طريق تأكيد موقعه ومكانته القوية ومتانته، خصوصا وسط الأجواء المتغيرة والتقلبات التي تعرض لها الاقتصاد العالمي، لأكثر من مرّة خلال السنوات العشرين الماضية. وتؤكد التقارير المالية أن الاقتصاد السعودي ما يزال الأكثر هيمنة، والأكثر تفوقاً، والأكثر قدرة على النمو في الشرق الأوسط.
مجلة “الاقتصاد” في عددها الأخير رصدت التحولات في الاقتصاد السعودي خلال الـ 88 عاما الماضية احتفاء منها بذكرى اليوم الوطني بعدد خاص عن اليوم الوطني فتحت عنوان “الاقتصاد السعودي يتخطى حواجز العالمية” تناولت “الاقتصاد” حرص مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي يقوده ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان على علاج الخلل الموجود في المنظومة الاقتصادية، وذكرت أن القرارات التي تبناها المجلس حفزت على العمل الحر الذي يمثل المستقبل الحقيقي للاقتصاد المتنوع الذي يقوم على سواعد أبنائه، وسارت المملكة في الاتجاه الصحيح بالنسبة لتحقيق استراتيجية تنويع مصادر الدخل الوطني، والابتعاد عن هيمنة النفط على الموازنة العامة للدولة، مشيرة إلى تأكيد تقارير صندوق النقد الدولي الأخيرة، أن المملكة تحولت بشكل جوهري وسريع نسبيًا، إلى اقتصاد أكثر تنوعًا، مما سيجعل الاقتصاد السعودي أكثر قوة، وصلابة في مواجهة التحديات، وتجنب الانهيارات الاقتصادية التي تشهدها كثير من دول العالم.
وقالت “الاقتصاد” إن من ثمار تحول الاقتصاد السعودي، أنها باتت عضوًا دائمًا في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم، مجموعة العشرين، وأعطتها عضويتها في هذه المجموعة قوة ونفوذًا سياسيًا واقتصاديًا ومعنويًا كبيرًا، لأنه جعلها طرفًا مؤثرًا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية، وركيزة اقتصادية لا غنى عنها. موضحة أن وكالة فيتش الائتمانية صادقت على قوة الاقتصاد السعودي، ورفعت التصنيف الائتماني للمملكة إلى “A+”، وبنظرة للمستقبل مستقرة، مشددة على أن “تصنيفات السعودية مدعومة بقوة الوضع التجاري والمالي، بما في ذلك الاحتياطات النقدية الأجنبية المميزة، وانخفاض الدين العام الحكومي، والأصول الحكومية الكبيرة، والالتزام القوي بجدول الإصلاحات الاقتصادية الطموحة”. وأشادت فيتش بقوة النظام المصرفي السعودي، حيث صنفّت القطاع المصرفي بالسعودية على مؤشر النظام المصرفي بـ “A”، الذي لم تحصل عليه سوى أربع دول فقط في العالم.
وذكرت “الاقتصاد” أن النهج المتوازن الذي تتبعه المملكة، استطاع أن يبتعد عن هيمنة النفط، وهو الهدف المعلن للمالية السعودية الحديثة، وأكد ذلك صراحة وزير المالية محمد الجدعان، الذي شدد على أن “السعي لإيجاد نمو اقتصادي قوي ومستدام وشامل يسهم في توفير فرص عمل للمواطنين وتعزيز مكانة المملكة من خلال سياسة التنويع الاقتصادي”، كاشفا عن نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي زادت بين ٩ و١٤% خلال العام الماضي، فيما انخفض العجز نتيجة المبادرات الجديدة وارتفاعات الصادرات غير البترولية، متوقعًا مواصلة انخفاض العجز في الميزانية خلال الأعوام القادمة.
إلى ذلك ذكر المحلل الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين لـ “الاقتصاد” أن المالية العامة تحسنت بشكل كبير في جانبي الإيرادات النفطية وغير النفطية وهذا يعزز من الاستقرار المالي ويعجل بتحقيق أهداف برنامج التوازن المالي خاصة أن هناك تقليصا واضحا للعجز وهي مرحلة تقود لإنهائه ـ بإذن الله ـ خلال السنوات القادمة.
فيما يقول مدير دار الإدارة والتطوير للاستثمار فيصل الشماس إن المسؤول لم يعد ينتظر نهاية الفترة المحددة للمشروع لكي ينظر للنتائج، فهناك تقييم مستمر يعالج الخطأ قبل وقوعه. وبناء على الأرقام والإحصائيات نحن نتحرك نحو الأفضل، وعلى الرغم من الظروف العالمية والتحولات، وعلى الرغم من أن التحديات كانت كبيرة، إلا أن نتائجنا كانت فوق التوقعات.
ويقول المحلل المالي علي الجعفري، إن واقع الاقتصاد السعودي الحالي، يسير نحو مستويات أفضل، فالعجز المنتظر في الموازنة أقل بكثير من المتوقع، وهذا يعود للإصلاحات الكبيرة التي قامت بها المملكة مؤخرا، وأعتقد أن العجز سيتم التخلص منه خلال عامين فقط.
وذكر نائب رئيس المجلس التنسيقي بمجلس الغرف السعودية المهندس سعد المعجل، أن المملكة تمتلك خبرات اقتصادية متراكمة مكنتها من توقع الظروف والاستعداد لها مسبقا، الأمر الذي حماها من التقلبات الاقتصادية العالمية، ومن المتوقع أن يسير الاقتصاد السعودي نحو الأفضل، لأن كل الظروف مناسبة لذلك، فهناك خطط واعية ومتحسبة لكل الظروف التي قد تحدث. المملكة دخلت مرحلة جديدة، برصيد متراكم من الخبرات الاقتصادية، فلهذا لم يكن هناك أي عجز يذكر في المصروفات بل كانت ترصد وفق الإمكانيات المتوقعة.
الكاتبة الاقتصادية ريم أسعد، تقول إن المملكة اتخذت سياسة نقدية محافظة، بعيدة عن المخاطر العالية، وهذا مكنها من الحفاظ على ثروتها السيادية لحد كبير. ومنذ فترة طويلة تميزت السياسة النقدية السعودية بأنها سياسة متزنة ومدروسة، وهذا جعلنا من أكثر الدول حماية من مخاطر التقلبات الاقتصادية العالمية، وهذه السياسة مكنت من المحافظة على الثروة السيادية لحد كبير.
أما عضو مجلس الشورى رئيس مجلس الغرف السعودية السابق عبدالرحمن الزامل، فقال إن الاقتصاد السعودي شهد قفزات غير مسبوقة، منذ عام ٢٠١٦ بعد الأزمة المالية التي ضربت أسعار النفط، فقد كنا نعتمد على النفط بشكل رئيسي، وكان هذا خطأ استراتيجيا نجحنا في علاجه خلال العامين الماضيين، لتستمر المملكة في قوتها الاقتصادية.
القيادة السعودية كانت لديها القدرة على اتخاذ قرارات جريئة صائبة على الرغم من شدتها، ولكن كانت شرا لا بد منه، للعبور من الأزمة، فلم يكن هناك خيار آخر لتجاوز العجز المتراكم والذي كان سيأكل المدخرات العامة للدولة، ويهز الريال السعودي بقوة. الأهم في هذه القرارات توفير الإنفاق على المشاريع والهدر الكبير فيها ومحاربة الفساد.
ويذكر الزامل أننا متفائلون بالمستقبل وكل المؤشرات إيجابية، وتؤكد على متانة الاقتصاد السعودي وقوته، خاصة أن الدولة بدأت تركز على عملية توطين المشاريع والتقنيات. ومن أهم ما يبشر بالخير للقطاع الخاص هو أن الدولة باتت تفكر بالمشاريع العملاقة، خاصة في المناطق النائية وغير الرئيسية، فهناك مشروع نيوم، ومشروع البحر الأحمر ومشروع القدية، هذه المشاريع بدأت في إنشاء البنية التحتية لها، عدا المشاريع الكبيرة في المناطق الشمالية والجنوب وبقية المناطق، وهذه كلها فرص عمل بالملايين للشباب السعودي، وهي مفتوحة للقطاع الخاص للاستثمار فيها. نحن متفائلون أنه خلال العامين المقبلين ستبدأ الحكومة في مشروع الخصخصة خاصة في الصحة والتعليم، وهي فرصة ذهبية للقطاع الخاص الجاد.