ديانت شبكة تركية دينية استخباراتية تنهش الجسد السوري وتنشر فكر الإخوان

الأربعاء ٣ أكتوبر ٢٠١٨ الساعة ٢:٣١ مساءً
ديانت شبكة تركية دينية استخباراتية تنهش الجسد السوري وتنشر فكر الإخوان

تنشر رئاسة الشؤون الدينية المعروفة باسم “ديانت” الفكر الإخواني المتطرف، ولا تكتفي بذلك بل أنها تنهش في الجسد السوري الذي يعاني منذ سنوات من الدمار الذي خلفه نظام الأسد وتدخلات إيران.

و”ديانت” هي الجهة الرسمية المسؤولة عن إدارة الشؤون المتعلقة بالدين الإسلامي في تركيا، وأسست وفق القانون رقم 429 الصادر في 3 مارس 1924 م ويرأسها اليوم علي أرباش.

مبالغ خيالية من أنقرة!
وتخصص أنقرة مبالغ خيالية وميزانيات كبيرة بغية تنفيذ مخططاتها شمال سوريا من خلال تجنيد “رئاسة الشؤون الدينية التركية” كقوة ناعمة تمارس نشاطها في الخفاء تحت مظلة “الدين”.
وتطرح نشاطات “ديانت” في الشمال السوري علامات استفهام كثيرة حيث تنشط في المناطق التي يتواجد فيها الجيش التركي بكثافة وتتغلغل نشاطات هذه المؤسسة في عمق المنطقة لتبسط سيطرتها على أكبر قدر ممكن من المؤسسات المدنية التعليمية والصحية والدينية شديدة المساس بالمواطن السوري الذي سرعان ما سينخدع بالظاهر الديني الإصلاحي ليتبنى سياسات وتوجهات المؤسسة.
القوة ناعمة.. التدين على الطريقة التركية
واعتمد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ أن وصل إلى دفة الحكم على المؤسسة في السيطرة على الجاليات المسلمة في أوروبا فهي بمثابة قوة ناعمة مستحدثة تهدف لنشر الثقافة التركية بين المسلمين بالتعاون مع وكالة الاستخبارات التركية (إم آي تي).
وتتبنى المؤسسة آيديولوجية تعزيز عقيدة “التمدد العثماني” القائم على طموحات وأفكار أردوغان التي تنصهر فيها الفوارق بين الأمن التركي وأسس العقيدة لتخرج في صورة هجين يسوق للإسلام على الطريقة التركية، فالإسلام هو تركيا وتركيا هي الإسلام.
ويعول أردوغان على أجندة ” ديانت” أكثر من الدور العسكري لا سيما في استعاد الاستقرار في مناطق سوريا التي شهدت حروبًا، وتؤدي المؤسسة دورها باحترافية عالية في نشر التدين التركي المستنسخ من فكر “جماعة الإخوان الإرهابية” الذي يعد البنية الأساسية لفكر أردوغان.
وتمتد أيادي المؤسسة لتتداخل مع العمل العسكري والاستخباراتي التركي على التوازي فحين أطلق الجيش التركي عملياته غرب الفرات وفي غصن الزيتون وحول قرى ومناطق المنطقة إلى مناطق خاضعة للنفوذ التركي المباشر قامت المؤسسة بنشر تقرير لأنشطتها في هذه المناطق ادعت فيها أن نشاطاتها اقتصرت على إعادة تأهيل مساجد دمرتها الحرب في حين أن دورها تخطى هذه المرحلة ليتجاوز الأراضي السورية إلى اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا أيضًا.
وفي 2017 استطاعت “ديانت” أن تخضع كل المؤسسات التعليمية والصحية والدينية في ريف حلب الشمالي تحت سيطرتها فضلًا عن سلسلة كبيرة من منظمات المجتمع المدني التابعة لها.
وأثار تصاعد نبرة الخطاب الديني الخاص بأئمة المساجد التركية التابعين للمؤسسة في دعم الجيش التركي وعملياته وحربه ضد أكراد سوريا حفيظة الاستخبارات الألمانية الأمر الذي دفع الأخيرة إلى وضع المؤسسة على قوائم المراقبة.
أجندات مشبوهة تحت ستار الدين
وتحت ستار الدين والعمل الإنساني والتطوعي والدعوات للحرية تعمل المؤسسة فهي المكان الأمثل لإخفاء أي نشاط عن مرأى ومسمع الجميع، فطالما وجد المسلمون فإن تدخل “ديانت” أمر طبيعي ومبرر.
احترفت ” ديانت” الأنشطة المشبوهة التي تهدف إلى خدمة الاستخبارات وتنفيذ المخطط التركي في سوريا حتى أضحى التفريق بين ما تقوم به المؤسسة وما تقوم به وكالة الاستخبارات التركية صعبًا.
واحتلت “ديانت” إلى جانب المخابرات مكانة قوية في قلب أردوغان لتكون ذراعه الخفية لفرض النفوذ التركي ونشر الفكر الإرهابي في سوريا على طريقة دس السم في العسل والتستر بمظلة الدين.
وقامت تركيا بمضاعفة ميزانية المؤسسة وعدد العاملين بها بهدف زيادة قدرتهم على التأثير ومداه.
ونجحت في جذب ما يزيد على 10 آلاف طالب سوري للدراسة تحت إشراف مباشر منها فضلًا عن تعيين آلاف المعلمين أغلبهم ينتمون للمعارضة السورية.
وتمكنت المؤسسة من ضم أغلب أئمة المساجد تحت غطائها وبدأت بتنفيذ خططها بشكل أكثر حرفية وبالاعتماد على وسائل الإعلام فبثت شريطًا مصورًا باللغة العربية يهدف إلى ” محاربة الإرهاب والتطرف”.
ومن خلال تجنيد أكثر من 470 شخصًا تحاول المؤسسة تغير الطابع الفكري والعقائدي للسكان السنة في المنطقة ويتقاضى رجال الدين والوعاظ التابعون للمؤسسة والخاضعون لشيوخها مبالغ تقدر بـ885 ألف دولار شهريًا.
وتدعي المؤسسة أنها ضد التطرف والإرهاب وتقوم بمحاربته في الظاهر بيد أن أغلب العاملين تحت إدارتها هم إما من أو مع تنظيم الإخوان المسلمين والجماعات المرتبطة به في سوريا.
ويظهر الوجه القبيح والمضلل خلال تصريح قاله رئيس “ديانت” “علي أرباش” في تعليقه على عملية غصن الزيتون التي ينفذها الجيش التركي في عفرين السورية “إن الجنود الأتراك يواصلون “الجهاد” هناك -في شمال سوريا- بينما نواصل نحن الجهاد في الداخل التركي”.
فالمؤسسة التي تدعي الوسطية وتنشر تعاليم تحارب فيها التطرف تستخدم مصطلح الجهاد في وصف عمليات جنودها!
مراكز دينية للتجسس
وتعد ” ديانت” أكبر صدى لأردوغان وذراعه الطولى لتنفيذ مخططاته ونشر فكره في المنطقة العربية ويعتنق أغلب أعضائها الفكر الأردوغاني ويعادون العلمانية التركية بشكل كبير وتغلغلت المؤسسة لتصبح إحدى أقوى المؤسسات التركية المؤثرة عالميًا
وفي العام الفائت قامت السلطات الألمانية باتهام 6 أئمة أتراك بالتجسس لصالح أنقرة ونقل معلومات تتعلق بموالين لفتح الله جولن وقامت أنقرة بسحب أئمتها بشكل استباقي معللة أن هذا ليس تجسسًا واتهم رئيس “ديانت” السلطات الألمانية بتفتيش منازل الأئمة بضغط من وسائل الإعلام والأوساط السياسية، مدللا على ذلك بأن “حملات المداهمة” تمت عقب عودة الأئمة إلى تركيا.
وبحسب بيانات الإدعاء العام الألماني، صادرت السلطات خلال الحملة وسائط تخزين بيانات ووسائل اتصال ووثائق.
تورطت المؤسسة في أنشطة تجسسية في بعض الدول الأوروبية حيث أثبتت تقارير استخبارات ألمانية أن مساجد تابعة للمؤسسة في هولندا ودول أخرى قد قامت بعمليات تجسس على أعضاء حركة ” خدمة” بزعامة فتح الله جولن التي تتهمها أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو 2016.
وعمل عناصر تابعون لحزب التنمية والعدالة الحاكم في تركيا مع رجال في ” ديانت” على استهداف أتباع جولن الأمر الذي كاد يتسبب في أزمة كبيرة بين بلغاريا وأنقرة.
الإخوان و”ديانت”.. وجهان لعملة واحدة
وتدعم الحكومة التركية مؤسسة “ديانت” التي تعمل تحت اتحاد إسلامي تركي بولاء كامل للرئيس وفق أجندة الإسلام السياسي الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية.
وداخل “ديانت” لا يمكن لأحد أن يعارض ثقافة القطيع أو توجهاته فالكل يقدمون فروض الطاعة والولاء فلا اختلاف ولا انتقاد للرئيس وكل ما يقوله “الزعيم” صواب!
وبإشراف مباشر من السفارات التركية يعمل موظفو “ديانت” في أوروبا على تسويق آيديولوجيتهم المستمدة من داخل الفكر الإخواني حتى أضحى الإخوان المسلمون وأعضاء “ديانت” كتلة واحدة متفقة على رسالة واحدة وإن اختلفت الطرق.
وتسعى المؤسسة التي تربطها صلات قوية بحزب العدالة والتنمية السيطرة على مفاصل الدولة شمال سوريا من خلال شبكة مدنية عسكرية إخوانية الهوى ستملي شروطها فيما بعد على الحكومات التركية المتعاقبة معتمدة على ثقلها السياسي وتأثيرها الكبير في الشارع السوري.
تتخذ المناهج التعليمية التي تنتهجها المؤسسة وتروج لها نموذج “الإسلام السني التركي” أساسًا، وتعزز الفكر المتطرف من خلال انتهاج لهجة معادية وعنصرية تجاه الأكراد باعتبارهم “ملحدين” وتذهب إلى أبعد من ذلك فتكفرهم في بعض الأحيان.
وتتلخص طموحات أردوغان في تحقيق ما نجحت إيران في تحقيقه في سوريا والعراق واليمن ولبنان على المدى الطويل وكسب نفوذ في المناطق التي تملأها الفوضى التي تشكل تربة خصبة لغرس جذور الفكر العثماني بين السكان، فهو يحاول باستخدام نفس الأدوات في ذات البيئة الوصول لنفس النتائج.
فهل يفضح السوريون أهدافه الحقيقية وهل تقع الشعوب العربية مرة أخرى في ذات الخطأ الذي وقعت فيه عندما تسامحت مع الوجود الإيراني في المنطقة.
فهل يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟!