هل اقترب الفتيل من تفجير برميل البارود تحت أقدم النظام الإيراني؟

الأربعاء ١٧ أكتوبر ٢٠١٨ الساعة ٨:٢٠ صباحاً
هل اقترب الفتيل من تفجير برميل البارود تحت أقدم النظام الإيراني؟

عرضت المقاومة الإيرانية مع اقتراب مرور 40 عامًا على نظام “ولاية الفقيه” في إيران في بيان لها تقريرًا يصف سوء الأوضاع في طهران، ويرصد التقرير الذي أصدرته المقاومة من مقرها الرسمي بباريس كم الاحتجاجات والإضرابات التي حدثت خلال شهر فقط.

وبات الحديث عن إنجازات إيجابية للجمهورية الإيرانية يختفي شيئًا فشيئًا على وقع الأوضاع السلبية في البلاد، حيث رصد التقرير وقوع ما لا يقل عن 332 حالة إضراب واحتجاج في إيران في الأسبوع الثاني فقط من أكتوبر الجاري بمعدل 47 احتجاج يومي.

الجميع غاضب من النظام في إيران:

على مدى أربعة عقود باتت كلمة “السقوط” تتكرر كثيرًا، وهو الأمر الذي يعكس الفشل الذريع للنظام الإيراني المترهل الذي أضحى يترنح على وقع احتجاجات شعبية، شملت كل الشرائح وعناصر المجتمع على اختلافها (الطلاب الجامعات العمال المواطنون التربويون، سجناء، سائقو شاحنات، تجار) وشرائح أخرى.

لم تعد العقوبات الأميركية على إيران هي السبب وراء هذه الأزمات المتوالية التي يواجهها النظام الإيراني الذي أضحى أمام جيل جديد من أبناء ما بعد الثورة وهو جيل لم يعد يعيش في أدبيات الماضي ولديه طموحات أكبر من جيل الأباء الأمر الذي يضع النظام الحاكم في إيران أمام معضلة داخلية قبل أن تكون خارجية.

وتشير التقارير أن استمرار الاحتجاجات في أنحاء البلاد هي بمثابة جرس إنذار يعكس فقدان قدرة المواطنين على الصمود، لاسيما عند الطبقات المتوسطة والدنيا الآخذة في التآكل والذين يتحملون النسبة الأكبر من عبء الضغط الاقتصادي.

فساد وانهيار اقتصادي وتضخم:

وبحسب ما أوردته صحيفة “عصر إيران” الأحد الفائت، يعيش أكثر من 34% من الإيرانيين بدولارين اثنين أو أقل ونقلت الصحيفة عن، علي رضا محجوب، رئيس مجموعة العمال في مجلس الشورى الإيراني قوله إن هناك صعودًا كبيرًا في عدد الإيرانيين مصنفين تحت خط الفقر المدقع.

وأكد محجوب “أن نسبة الفقر بلغت نحو 17% خلال العام الفائت، ونحو 15.5% خلال 2016، بينما كانت 14% نهاية 2007”.

ووفقًا لأرقام البنك المركزي يأتي هذا الارتفاع في نسبة الفقر متزامنًا مع صعود كبير في نسب البطالة في البلاد وهبوط حاد في العملة منذ مطلع العام، إذ هبطت العملة الإيرانية في السوق السوداء بشكل كبير، فضلًا عن ارتفاع أسعار السلع وشحها بسبب شح النقد الأجنبي وارتفاع نسب التضخم وفقًا لتوقعات صندوق النقد الدولي إلى 29.6% في اقتصاد إيران خلال 2018 إلى 34% في 2019 القادم.

ومنذ أيام أشارت مؤسسة المجلس الأطلسي الأميركي أن تركيز وسائل الإعلام الإيرانية في الفترة الماضية على سعر الريال الإيراني أمام الدولار وعدم التطرق للعوامل الرئيسية الداخلية يتسبب في خلق أزمة وتسعير الأجواء في سوق العملة في البلاد، مشيرة إلى أن الاستمرار في هذا النهج من قبل الحكومة سيؤدي إلى تراجع الريال أمام الدولار بشكل مدمر، لاسيما أن القيود المؤسسية لم ترفع عن سوق العملة الإيرانية.

ووفقًا للتقرير فإن زيادة الإيرادات النفطية واستمرار السياسات الشعبوية، مثل مشاريع “مهر” للإسكان، وزيادة الأموال شبه النقدية القابلة للتبديل، وتحويلها إلى أموال نقدية، كل هذه العوامل تساهم بشكل رئيسي في زيادة التضخم في إيران.

وأكد التقرير أنه “إذا لم تتم السيطرة بسرعة على الآثار السلبية لنمو السيولة، فإن هذه الآثار ستتحول إلى ضغوط اجتماعية، وسيصعب على الدولة الوصول إلى حل مناسب لها”.

وفي اجتماع له مع خبراء اقتصاديين أكد حسن روحاني أن الحكومة قادرة على إيصال سعر الدولار إلى 6 آلاف تومان بعدما تجاوز سعره 14 ألف تومان للدولار الواحد الأمر الذي أثار اتهام الحكومة بأنها تتعمد رفع أسعار الدولار لسد عجز الموازنة وتسديد الديون دون إدراك لتداعيات ذلك على الواضع الاقتصادي والحالة الاجتماعية المتردية في البلاد.

وكان علي خامنئي المرشد الإيراني قد اعترف منذ أيام بوجود أزمة اقتصادية كبيرة في البلاد مطالبًا الحكومة بسرعة حلها.

إلصاق أسباب الفشل بالإدارة الأميركية:

وفي خطاب مهزوز أظهر مدى القلق الذي اعترى أركان النظام الإيراني دافع الرئيس حسن روحاني بقوة عن أداء الحكومة في كلمة له بمناسبة بدء العام الدراسي بجامعة طهران ووعد بحل المشكلات في بلاده على المدى الطويل، مؤكدًا على تعرض بلاده لأزمات أرجعها كلها لمؤامرات خارجية على رأسها الإدارة الأميركية.

وقال: “لقد بدؤوا باستخدام أدوات الحرب النفسية، ثم ها هم يستهدفون إيران اقتصاديًّا على المدى المتوسط، لكن هدفهم النهائي هو شرعية وجود نظام الجمهورية الإسلامية”.

وفي ذات السياق وبنفس الخطاب رفض، محمد إمامي كاشاني، إمام جمعة طهران المؤقت، تصريحات الحكومة الأميركية ووصفها بأنها “تتهم الحكومة الإيرانية بالفساد المنظم بهدف السيطرة على البلاد وانهيار المجتمع”.

وتابع: “الهدف من هذا أن يصدق الإيرانيون أن الحكومة فاسدة، ومن ثم يتهمون النظام الإسلامي كله بالفساد”.

في المقابل قال، بريان هوك، رئيس مجموعة العمل الأميركية الخاصة بإيران، في تصريحات صحفية أن واشنطن تهدف لتقليص صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر، مشيرًا إلى أن التدخل الإيراني في أزمات المنطقة زادها حدة وأطال أمدها، مؤكدًا أن إيران سلمت صواريخ باليستية لميليشيات شيعية في العراق.

وانتشرت في الآونة الأخيرة أصوات أكثر عقلانية داخل المجتمع الإيراني تحاول بقوة الكشف عن الفساد الذي أصاب الحكومة والمؤسسات من أجل الوصول إلى حلول موضوعية وناجعة لحل الأزمات وعدم الرمي بجميع المشاكل وإرجاعها لمؤامرات غربية على طهران.

ويبقى السؤال متى يدرك الشعب الإيراني أن المشكلة ليست من الخارج وأن الحكومة هي “الشر” الذي لابد من تقييده واجتثاثه لا بالدفاع عن حكمها الديني الاستبدادي المطلق في ضوء ارتفاع نسب الجريمة والتضخم والفقر والبطالة وانخفاض نسب الثقة العامة بالحكومة وهجرة رأس المال البشري والمالي من بالبلاد ما هو المستقبل الذي ينتظر الإيرانيين؟

إن أحد أهم المؤشرات والدلائل التي تزيد من احتمال سقوط النظام في إيران تكمن في انهيار البنيات التحتية والاقتصادية والثقافية جراء اتساع رقعة الفساد السياسي والصراع بين السلطات، الأمر الذي يدفعنا للقول إن كل هذه المؤشرات مجتمعة هي بمثابة فتيل اقترب من الانفجار تحت أقدام النظام.