#سلمان_الحزم يتطلع لإنجاز خليجي “ملموس” بلغة الاقتصاد

الأربعاء ٩ ديسمبر ٢٠١٥ الساعة ١٠:٤٥ مساءً
#سلمان_الحزم يتطلع لإنجاز خليجي “ملموس” بلغة الاقتصاد

لم تكن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في افتتاح قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي طويلة ولا قصيرة، لكنها كانت “مركَّزة” في إيصال الكثير من الرسائل المهمة جدًّا.

ولعل أهم جزئية خرجت من كلمة “سلمان الحزم”، جاءت في آخرها حتى تحظى بالمزيد من الانتباه، حينما ألمح إلى ضرورة تحقيق إنجاز ملموس لمواطني الخليج بعد مرور 35 عامًا من عمر مجلس التعاون. وقال في تلك الجزئية المعنية: “يأتي لقاؤنا اليوم بعد مرور خمسة وثلاثين عامًا من عمر مجلس التعاون، وهو وقت مناسب لتقييم الإنجازات، والتطلع إلى المستقبل، ومع ما حققه المجلس، فإن مواطنينا يتطلعون إلى إنجازات أكثر تمس حياتهم اليومية، وترقى إلى مستوى طموحاتهم”.

ما يرمي إليه الملك سلمان بشأن ضرورة تقييم الإنجازات، في هذا التوقيت الحالي الذي أوضحه بدقّة في مطلع كلمته حين قال: إن منطقة الخليج “تمُر بظروف وتحديات وأطماع بالغة التعقيد”، يستدعي أن يقدم أقوى رسالة ضمن رسائل كلمته، بضرورة تقديم إنجازات لمواطني الخليج تمس حياتهم اليومية وتُرضي طموحهم. لهذا كان صوت تلك الرسالة واضحًا ومسموعًا جدًّا، حينما أردف بعد الجزئية السابقة بقوله: “وتحقيقًا لذلك؛ فإننا على ثقة أننا سنبذل جميعًا- بحول الله – قصارى الجهد للعمل، لتحقيق نتائج ملموسة لتعزيز مسيرة التعاون والترابط بين دولنا، ورفعة مكانة المجلس الدولية، وإيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية تعزِّز رفاه المواطنين”.

منطق الاقتصاد لتعزيز رفاه المواطنين

تركيز خادم الحرمين الشريفين على “تحقيق نتائج ملموسة”، يعبِّر عن واقعية لا حدود لها ومجاراة حقيقية لمنطق لغة الاقتصاد؛ حتى يتم تعزيز الرفاه بالنسبة لمواطني دول الخليج، من خلال إيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية.

ويدرك الملك سلمان أهمية البيئة الاقتصادية والاجتماعية، التي تصنع المزيد من الرفاهية والاستقرار في الخليج، وهنا مربط الفرس بخصوص تحقيق “النتائج الملموسة”، التي سيكون لها بالتالي تأثيرها في تعزيز مسيرة التعاون والترابط بين دول الخليج، ورفعة مكانة المجلس على المستوى الدولي؛ وفقًا لنص الكلمة.

اقتصاد خليجي “ملموس” بمقر اتحاد الغرف

هناك حدث اقتصادي خليجي مهم احتضنته المملكة، قبل يومين فقط من افتتاح القمة الخليجية. ففي الدمام، وضع أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، الاثنين، حجر أساس المقر الجديد لاتحاد الغرف الخليجية، في الأرض التي منحها الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز هدية لهذا الكيان الاقتصادي المهم.

ولعل البدء في بناء أبراج مقر اتحاد الغرف الخليجية بالدمام، يشير إلى البدء في بناء عمل اقتصادي خليجي مشترك أقوى؛ لأن هذا من اهتمامات هذا الاتحاد، من خلال فتح أبواب عمل وتعاون وترابط وشراكات وخطط وبرامج بين قطاعات التجارة والأعمال والاستثمار في المنطقة، وفي نفس الوقت تذليل ما يواجه هذه القطاعات من عقبات وإشكاليات، على أكثر من صعيد وأكثر من مستوى، علاوةً على بذل الجهد اللازم الذي يحقق الشراكة الفاعلة والإيجابية بين القطاع الخاص الخليجي والأجهزة التنفيذية الرسمية. وهذا الهدف وإن كان قد تقدَّم خطوات، إلا أن الطموح لا يزال أكبر، من أجل تحقيق النتائج الملموسة التي ألمح إليها الملك سلمان في كلمته، لبناء اقتصاد خليجي “ملموس” بالفعل.

وهذا سيحدث مستقبلًا، حينما يكون هناك حراك مرتقب يجمع غرفة الرياض بغرفة دبي، وغرفة مسقط بغرفة الكويت، وغرفة الدوحة بغرفة جدة، وغرفة المنامة بغرفة أبو ظبي، وغرفة مكة المكرمة بغرفة صلالة… وهكذا، من خلال قطاعات الاقتصاد المختلفة: الصناعة، السياحة، المقاولات، الذهب، العقار، النقل العام، التأمين، المعارض، التعليم والتدريب، المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أسواق المال، وغيرها.

من قوة الاقتصاد.. إلى قوة القرار

حينما ابتدر الملك سلمان كلمته وهو يشير إلى “الظروف والتحديات والأطماع بالغة التعقيد” التي تمر بها المنطقة الخليجية، جاءت مواجهة الحلول من خلال لغة الاقتصاد وتحقيق النتائج الملموسة في آخر الكلمة.

لهذا يمكننا أن نقول: إنه من خلال قوة الاقتصاد الخليجي، يمكن أن يُصنع القرار الخليجي الموحَّد من خلال “التكاتف والعمل معًا، للاستمرار في تحصين دولنا من الأخطار الخارجية”، كما قال خادم الحرمين في كلمته.

ومن خلال تلك القوة أيضًا، يتحقق ما نادى به الملك سلمان في كلمات بالنسبة لقضايا المنطقة العربية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، من خلال هذه الرؤى السياسية الواضحة:

** استعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

** دعم دول الخليج للحل السياسي في اليمن؛ حتى يتمكن من تجاوز أزمته واستعادة مسيرته نحو البناء التنمية، مع حرص دول التحالف على تحقيق الأمن والاستقرار.

** دعم استضافة المملكة للمعارضة السورية؛ لإيجاد حل سياسي يضمن وحدة الأراضي السورية؛ وفقًا لمقررات “جنيف 1”.

** مسؤولية مشتركة لجميع دول العالم لمحاربة التطرف والإرهاب والقضاء عليه، أيًّا كان مصدره؛ حيث إن الإرهاب لا دين له، وأن ديننا الحنيف يرفضه ويمقته؛ فهو دين الوسطية والاعتدال.

وبعد هذه الرؤى، كان اختتام خادم الحرمين لكلمته بالإشارة للعمل الخليجي المشترك “وفق سياسية خارجية فاعلة تجنب دولنا الصراعات الإقليمية، وتساعد على استعادة الأمن والاستقرار لدول الجوار، واستكمال ما بدأناه من بناء منظومة دفاعية وأمنية مشتركة، بما يحمي مصالح دولنا وشعوبنا ومكتسباتها”؛ بحسب نص الكلمة في خاتمتها.