الاقتصاد السعودي – الأمريكي.. مصالح مشتركة على أسس متينة

الإثنين ١٣ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٣:٤٣ مساءً
الاقتصاد السعودي – الأمريكي.. مصالح مشتركة على أسس متينة

قبل 85 عامًا، بدأت رحلة استكشاف النفط وإنتاجه في المملكة وتشكّلت على إثرها العلاقات السعودية الأمريكية والتي كان الاقتصاد أبرز محاورها، حيث منح الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – حق التنقيب عن النفط لشركة أمريكية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين عام 1933م دعمت هذا الجانب الاقتصادي المهم الذي أضحى قوة اقتصادية عالمية في هذا العصر.

أرامكو خير الشاهدين

ولنشأة “أرامكو” حكاية تلخص العلاقات الاقتصادية الأمريكية التي شهدت شدًا وجذبًا في الكثير من المراحل، أبرزها في عام 1950، عندما هدد الملك عبد العزيز آل سعود بتأميم المنشآت النفطية في البلاد، وبالتالي استطاع الحصول على حصة من أرباح أرامكو الأمريكية.

وفي عام 1973، وبعد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر، قرر الملك فيصل – رحمه الله- منع تصدير النفط إلى الدول المساندة للاحتلال الإسرائيلي وعلى رأسها الولايات المتحدة، واستحوذت على إثرها المملكة على حصة 25٪ من شركة أرامكو الأمريكية، وفي عام 1974، ارتفعت حصة الحكومة السعودية إلى 60٪.

ولإدراك المملكة أهمية الشركة التي تعد الآن الأكبر في العالم من حيث القيمة السوقية، حيث بلغت قيمتها السوقية 781 مليار دولار في عام 2006، و7 تريليونات دولار في عام 2010، وعام 2015 بحوالي 10 تريليونات دولار، تمكنت (المملكة) في عام 1980 من الحصول على حصة 100٪ من أرامكو الأمريكية؛ لتصبح بعد ذلك شركة الزيت العربية السعودية أو “أرامكو السعودية”، والذي ترتب عليه إدارة العمليات والسيطرة على النفط والغاز السعودي، وأصبحت أرامكو السعودية شركة مملوكة بالكامل للحكومة السعودية.

صفحة جديدة

وبعد سيطرة الحكومة السعودية التامة على أرامكو، شهدت العلاقات الاقتصادية السعودية – الأمريكية عهدًا جديدًا من الشراكة القائمة على المصالح الثنائية والمنفعة المتبادلة على مبدأ “الند للند”، فكان التحالف بين المملكة والولايات المتحدة واضحًا في شتى المجالات، لاسيما المجال الاقتصادي، حيث تعتبر المملكة أكبر دائن خليجي للولايات المتحدة من حيث حجم الاستثمارات في السندات الأمريكية، إذ بلغت بنهاية شهر آذار/ مارس 116.8 مليار دولار، وفق بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، كما يبلغ مجموع الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة أكثر من 750 مليار دولار، لمّحت المملكة بسحبها في حال إقرار الكونغرس لمشروع قانون يحملها مسؤولية معينة في اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.

وتوسعت العلاقات التجارية بين البلدين إلى ما هو أكبر من صناعات النفط والغاز حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية في الأعوام العشرة الأخيرة من 26 مليار دولار إلى 74 مليار دولار، وتعتبر المملكة حالياً في المرتبة الثانية عشرة كأكبر شريك تجاري في السوق الأمريكي في حين تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية ثاني أكبر شريك تجاري في السوق السعودي.

وبلغ حجم الصادرات الأمريكية إلى السوق السعودي 18.6 مليار دولار تتضمن السيارات، الحافلات والمعدات الثقيلة، المعدات الصناعية، معدات البناء، الطائرات المدنية، أنظمة الدفاع، نظم المعلومات، والأنظمة والأجهزة الطبية، وتمتلك الولايات المتحدة حصة الأسد من الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة، حيث تعمل المملكة وبقوة لتحسين عوامل جذب الاستثمار الأجنبي عن طريق إعادة تشكيل بنية الطاقة، النقل، والصناعات القائمة على تطوير المعرفة.

لجان مشتركة لتعزيز الاقتصاد بين البلدين

ويعتبر منتدى فرص الأعمال الأمريكي السعودي، الذي أنشئ في السنوات الأخيرة لتعزيز التبادل التجاري واكتشاف الفرص التجارية، أكبر دليل على قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث أطلقت النسخة الأولى منه في مدينة شيكاغو الأمريكية عام 2010، ونجح المنتدى في اجتذاب 1100 من رجال وسيدات الأعمال في البلدين لاكتشاف فرص جديدة للتعاون وتطوير العلاقات التجارية الموجودة، كما سجل المنتدى في هذه النسخة باعتباره أكبر تجمع في تاريخ العلاقات التجارية بين البلدين.

وفي عام 2011 تم إطلاق النسخة الثانية من المنتدى بنفس الحجم والإنتاجية في مدينة اتلانتا، ثم أقيم المنتدى للمرة الثالثة في 2013 في لوس أنجلوس، وفي نسخته الرابعة أقيم المنتدى تحت رعاية وزير التجارة والصناعة السعودي سابقا ووزير الصحة حالياً الدكتور توفيق الربيعة في العاصمة السعودية الرياض وذلك في 23/3/2016.

وبالنظر إلى جميع النسخ السابقة من المنتدى تم تقديم منصات تحديث للمشاريع الرئيسية والأولويات للقطاعين العام والخاص في المملكة بالإضافة الى فرص التواصل غير العادية وفرص اللقاءات التجارية واجتماعات الأعمال الخاصة لفرص الشراكة والتعاون التجاري.

شراكة سعودية أمريكية في مجالات مختلفة

اتفقت المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة ومعهد ماستشوستس للتقنية (MIT) في الولايات المتحدة الأمريكية، على دراسة تنفيذ شراكات إستراتيجية في مجال تحلية المياه، نظراً لأهمية هذه الصناعة عالميا ومحلياً عبر استثمار الخبرات العلمية والتطبيقية المتراكمة لدى المؤسسة والمعهد.

وأعلنت شركة “أتقن الدولية” السعودية عن شراكتها مع عملاقة متاجر التجزئة المنزلية والعدد والأدوات ومستلزماتها شركة “دو إت بيست” الأمريكية – كبرى شركات التجزئة بالعالم، عن افتتاح أول متجر من نوعه بالمملكة في مدينة الدمام تحت مسمى “أتقن دو إت سنتر”.

كما وقَّعت الشركة السعودية للتنمية والاستثمار التقني “تقنية” اتفاقيات مع عدد من الشركات الأمريكية الرائدة في مجال التقنية والصناعة لغرض تأسيس شركات في المملكة متخصصة في نقل وتوطين تقنيات وصناعات متقدمة في مجال الطائرات العسكرية والمدنية والأقمار الصناعية والرادارات والطاقة النظيفة، أبرزها اتفاقية لتأسيس شركة سعودية بالشراكة مع شركة سايكروسكي الأمريكية لغرض تطوير وتصنيع وإنتاج الطائرة العمودية متعددة الأغراض نوع بلاك هوك في المملكة.

وشملت الاتفاقيات تأسيس شركة سعودية مع شركة ديجتال غلوب الأمريكية لغرض تصنيع وتسويق مجموعة من الأقمار الصناعية الصغيرة المخصصة للاستطلاع بالتصوير الفضائي، وتأسيس شركة سعودية مع شركة “سورا” الأمريكية لغرض تصنيع وتسويق مصابيح الإنارة المعتمدة على الصمام الثنائي الباعث للضوء وهي من أحدث تقنيات الإضاءة في العالم، وإنشاء مصنع داخل المملكة بهذا الخصوص.