بذل وعطاء متوارث منذ الأجداد في مملكة الخير

سفر إفطار الصائمين بالحرمين .. أرقى مشاهد البذل والعطاء للأسر والعائلات برمضان

الأربعاء ٢٠ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٥١ مساءً
سفر إفطار الصائمين بالحرمين .. أرقى مشاهد البذل والعطاء للأسر والعائلات برمضان
المواطن - منى الحربي

يتفانى السعوديون في شهر رمضان على تقديم أرقى مشاهد العطاء والبذل في المملكة التي غرست في أبنائها حب الخير والعطاء، ولعل توارث عادة إفطار الصائمين في الحرمين الشريفين أبرز برهان وخير دليل على ذلك، حيث جُبلت العوائل والأسر منذ سنين على تقديم سفر الإفطار للصائمين وقاصدي الحرمين.

يأتي ذلك وسط منظومة متكاملة محفوفة بالأمن والأمان وبتسهيلات تقدمها الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي للأسر المتطوعة لتقوم في أعمالها وفق عدد من الأنظمة مما يضمن السلامة الصحية لقاصدي البيت العتيق، وعدم الإخلال بمستوى النظافة المقدمة، أو تأثر الزائرين والمعتمرين بأي معوقات.

سفر وموائد الخير في رمضان

وتعد سفرة الإفطار في الحرمين الشريفين من أكبر الموائد عالميًّا من حيث الطول وعدد المستفيدين، كما تحظى برقابة واهتمام من قبل الجهات المختصة؛ حيث تحرص الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على تشريع أنظمة وشروط للمتطوعين والمتعهدين في تقديم خدمات الإفطار؛ حرصًا منها على تقديم خدمات وأطعمة على مستوى عالٍ من الجودة.

كما يتم تحديد أطوال ومساحات محددة ومناطق جغرافية مرقمة يتحرك فيها القائمون على مشروع إفطار الصائم، كما يتم اشتراط الالتزام بأطوال ومواقع السفر وأعداد العمالة وكمية التمور، مع الحرص أن تكون الشهادات الصحية للعاملين موضحة، وأن يتم ارتداء القفازات الطبية أثناء تقديمهم للخدمات من قهوة وتمر وماء.

ويتجاوز طول سفرة الحرم المكي أكثر من أربعة كيلومترات تحوي وجبات متنوعة موزعة داخل الحرم وساحاته، وخلال الأعوام السابقة استطاعت السُّفر الرمضانية بالحرم المكي الخاصة بإفطار الصائمين أن تتبوأ لها مكانًا مميزًا بموسوعة “جينيس” للأرقام القياسية أكثر من مرة ولعدد من السنوات، من خلال تسجيل خدمة أطول “سُفرة إفطار” في العالم امتدت على أرض المسجد الحرام بمكة المكرمة وساحاته المحيطة.

أقدم سفرة رمضانية

وتُعد عائلة “خوندنة” أحد أقدم العوائل التي تتوارث عادة إفطار الصائمين في المسجد الحرام منذ أكثر من 60 عامًا، لم تتوقف يومًا إلا أثناء جائحة كورونا، بدأت عادة الإفطار مع الجد ولا يزال الأحفاد من عائلته يواصلون الوفاء بهذا العطاء والالتزام الخيري، ويصل عطاء العائلة لنحو 800 مصلٍّ ومعتمر من زوار بيت الله الحرام بشكل يومي في أقدم سُفرة رمضانية متواصلة في الحرم المكي، من بين آلاف السفر الموزعة في أرجاء الحرم.

ويذكر “نبيل خوندنة” أنه عادة ما يبدأ في إعداد السفرة في تمام الساعة الثانية من بعد ظهر كل يوم من أيام شهر رمضان الكريم، حيثُ يشرف بنفسه على أدق تفاصيل إعداد الوجبات. ويتابع أنه منذُ العام 1388هـ كان يساعد والدته وإخوته في تحضير وجبات الإفطار لزوار بيت الله الحرام خلال الشهر الفضيل مضيفًا بأنه يحضّرون التمر لإفطار الصائمين اتباعًا لسنّة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقومون بإخراج النواة وحشو التمور باللوز، مبينًا أنهم كانوا يحضّرون من 60 إلى 80 كيلوجرامًا من التمور المحشوة باللوز، وأكد أن السفرة التي تقيمها عائلته كبرت حتى بلغ طولها نحو 5 أمتار.

وتابع “خوندنة” أن العمل والإعداد للإفطار يتكون من خلال قسمين الأول خارج الحرم، حيثُ تتولى والدته وإخوته عمليات التوزيع والإشراف، في حين كان يتولّى هو برفقة والده وإخوانه عمليات التوزيع والإشراف من داخل الحرم المكي، وفي ختام حديثه أعرب عن أمله أن يستمر أبناؤه في القيام بذات العمل الخيري.